IMLebanon

الحوار حاجةٌ للطرفَيْن  فلماذا المكابرة؟

الحوار حاجةٌ الطرفَيْن، فإذا لم يكن كذلك فإنه سيتعثَّر من أول الطريق ومن أول خطوة.

الحوار لا يمكن أن يكون حاجةً لطرف وترفاً لطرف آخر، ولنكن أكثر صراحة:

مَن يعتبر نفسه أنَّه بغنى عن الحوار فلماذا يدخل فيه؟

ولماذا يجلس إلى طاولته؟

فليستمر في العراقيل وليستمر في اعتبار أنَّ القطيعة والمقاطعة توصِل إلى ما يمكن أن يوصل إليه الحوار، ولكن عندها ماذا تكون النتيجة؟

نعرف أنَّ من استراتيجيات التفاوض أن يعمد أحد الطرفين إلى الإيحاء للطرف الآخر بأنَّه لا يحتاج إلى الحوار، وهذه الإستراتيجية من أهدافها إحباط معنويات الطرف الآخر، لكن هل هذه الإستراتيجية تخدُم الحوار اللبناني؟

في الحال اللبنانية هذه ليست إستراتيجية، إنها مناورة مكشوفة، وهذه المناورة قد تُخرِّب على الحوار قبل انطلاقته، فهل الغاية هي تقليع الحوار قبل انطلاقته؟

إنَّ ألف باء الحوار، تعني أنَّ الطرفين يعترفان ضمناً بقوة بعضهما البعض وبأنَّ لا شيء يسير في البلد من دون أحد منهما، أما إذا اعتمد أحدهما غير هذه المعادلة، فلماذا إذاً الحوار معه؟

ثم إنَّ الحوار ليس مجرد جلسة أكاديمية، وإنَّه ليس من قبيل الفن للفن، هو حاجة إلى الشعب اللبناني الذي يئن من انهيار الدولة بسبب مقاطعة المرجعيات والأقطاب لبعضهم البعض، فأيُّ تلهٍ عن هذا الأمر هو انصرافٌ عن الإهتمام بشؤون الناس.

إنَّ الرئيس سعد الحريري جاهزٌ للحوار لكنَّه غير لاهثٍ وراءه، ومَن يظنُّ عكس ذلك فإنه لا يعرف هذا الرجل. إنَّ الحوار ليس مسألة عض أصابع ليُعرَف مَن يقول آخ أولاً، إنَّه نهجُ انفتاحٍ أولاً وثقافةُ الإعتراف بالآخر والإقتناع بالإلتقاء في منتصف الطريق، الحوار ليس سبيلاً من سبل الإذعان، ومَن يعتقد بأنَّه كذلك فليختصر الطريق وليقل بأنَّه ليس جاهزاً للحوار.

ثم ليست مسألة رئاسة الجمهورية وإنتخاب رئيس، ولا قانون الإنتخابات النيابية وإجراءها، هي وحدها الملفات التي يُفتَرض أن تُبحَث، هناك كلُّ الملفات التي تقضُّ مضاجع اللبنانيين وهي الملفات الحياتية الحيوية التي لا تنتظر التأخير.

إنَّ حماية الحوار، قبل أن يبدأ، هي مسؤولية الجميع من دون استثناء، ثم إنَّ تحصينه بعد إنطلاقته هي من مسؤولية الجميع أيضاً، كما أنَّ إنهيار الحوار هو خسارة للجميع وليس لطرفٍ واحد دون غيره.

بهذا المعنى لا يسع المراقبون سوى القول: لنلتق على الحوار من اجل الناس.

فهل تعرفون أيَّ انهيارٍ سيُصيب الناس والإدارات والمؤسسات في حال فشل الحوار في أن يقلع أو في حال سقط على الطريق؟

إنَّ سقوط الحوار هو سقوطٌ للبلد وليس فقط… للمتحاوِرين.