لأن اله كل الأجناس، وكل الثقافات=، وكل الأكوان، ولأن اله كل القبائل، وكل المحطمين (الذين يسألونه لماذا بعثت بنا إلى هنا؟) ممنوع الدخول الى بلاط الاله الأبيض.
كُتب الكثير عن زيارة البابا فرنسيس الاول للولايات المتحدة. أساقفة الضغينة قالوا: «الرئيس المسلم ينحني أمام البابا الكاثوليكي». نعلم أن ثمة وجهاً آخر للوثرية. البعض كتب ان الله لم يبعث بكريستوف كولومبس الى العالم الجديد الا بعدما ازالت قرون الظلام في أوروبا، اي بعدما بُعث مارتن لوثر لإنقاذ المسيحية من الذين أداروا ظهورهم للسيد المسيح ، وأعادوا تكريس الوثنية (أي الكاثوليك).
في وقت لاحق جداً ، سأل ناعوم تشومسكي الذي ابتعد عن الايقاع الكلاسيكي لليهودية «أي مصير للعالم حين يتقاطع البعد الامبراطوري مع البعد اللاهوتي للدين؟».
لم يذهب الحبر الأعظم ، هو حقاً الأعظم لأنه بابا المعوزين والمعذبين، لكي يعيد الى المسيحية بهاءها بعدما تم تفخيخها توارتياً أو تلمودياً. هذا ما أوضحه اسقف كاثوليكي لا يعرف أحد كيف اختفى اسمه في السبعينات من القرن الفائت (جوزف فالينسكي). الزيارة لاعادة الاعتبار الى الله. تالياً للإنسان، في اميركا… هو الآتي من بدايات معذبة يعتبر ان الامبراطورية ذهبت بعيداً في الغطرسة . يثني على العبقرية الاميركية في التكنولوجيا. لكنه يرفض غلبة هيروشيما على المسيح (الحافي القدين) في ادارة اللاوعي، او الوعي، في هذا العالم…
وقال «ارأفوا باللاجئين». البابا لا يحب التاريخ الذي غالباً ما يستعمل أسنانه. ربما لم يقرأ ما قاله الباحث الشهير مارك هالتر من ان مفهوم المؤسسة انتقل الى الغرب من الشرق. رعاة دفعوا بقطعانهم من الشرق الادنى الى اوروبا منذ 45 ألف عام. ذهل سكان القارة العجوز أمام عملية التدجين. الراعي وقطيعه اختزلا مفهوم المؤسسة . الذي حدث بعد ذلك هو تدجين ، أو تعليب، البشر وتحويلهم الى قطعان.
لكن خليفة بطرس يدرك تماماً ما كان دور الفلاسفة العرب الذين نقلوا الثقافة اليونانية( في عدد أخير للنوفيل اوبسرفاتور الفرنسية والي تغير اسمها. .. ابن سينا هو من اخترع اريسطو) في انتاج ، أو صناعة أو اضاءة العقل الاوروبي الذي كان ضائعاً في متاهات القرون الوسطى. ألم يقل ميشال فوكو «كأن العقل مات بموت ابن رشد؟».
هل قال فرنسيس الاول الذي هزّه تحول الديانات الى ايديولوجيات قاتلة «ارفعوا ايديكم عن الشرق الاوسط»؟ هو الذي يعلم اي نوع من الديناصورات يربض على تلة الكابيتول؟ بعضهم حين يتحدث عن الكونغرس يستعيد عنوان الفيلم الشهير لستيفن سبيلبرغ « جوارسيك بارك» أي مزرعة الديناصورات..
اللاجئون الذين ذهبوا الى اوروبا (ومن ديارنا امرأة اعطت للقارة اسمها) منذ 45 ألف عام غير اللاجئين الذين شكلوا هاجساً اخلاقياً للحبر الأعظم.
غريب أن يعتب البابا على الاميركيين ، وهم قياصرة القرن، ولم يعتب على العرب الذين ما زالوا تحت عباءة شهريار والذين اقفلوا ابوابهم امام 120 ألف لاجئ تقطعت بهم السبل. وداس عليهم الهنغاريون والصرب وغيرهم باقدامهم..
لكن البابا الذي يعلم تماماً ما فعلته الولايات المتحدة في بلاده اذا كنتم تذكرون حكم الكولونيلات. خورخي بورخيس تحدث عن « اولئك الذين يقفلون بأحذيتهم أفواه الفراشات»، يعلم أيضاً ما فعلته في الشرق الأوسط..
الأساطيل تحمي الانظمة التي اغتالت الزمن، واغتالت الانسان، واغتالت الثروات، واغتالت القضية، واغتالت العقل، واغتالت الحلم. ولكن كيف للأميركيين ان يتركوا العقل في اليابان يعمل ، وقد انحنى الامبراطور هيروهيتو بين يدي الجنرال دوغلاس ماك آرثر، وأن يتركوا العقل في ماليزيا، وفي تايوان، وحتى في سنغافورة التي كانت عبارة عن مستودعات للسادة الانكليز، فيما اهل الشرق الاوسط يوغلون في ثقافة الغيب التي هي ثقافة اللامعنى وثقافة اللاجدوى بل هي ثقافة القبور التي احترفت الانظمة تسويقها لكي تبقى، ولكي تبقى المجتمعات على حدود الحلال والحرام…
نقول للحبر الأعظم اننا نحن قتلة العقل، واننا قتلة الآخر، وان مثالنا التلمود بكل اهواله، لا القرآن بكل آياته، واننا نتواطأ مع انظمة البداوة (العمياء) وانظمة التوتاليتارية (العمياء)…
رجاء لا تصلي لأجلنا لا في البيت الأبيض ولا في اي مكان آخر. لعلك لا تعلم أننا، بأيدينا ، بسواطيرنا، منعنا الله من الدخول الى الشرق الاوسط. خرج ولم يعد …