IMLebanon

لأوباما وروحاني 2015 “سنة افعَل أو ارحَل”!

نجح رئيس الجمهورية الإسلامية الشيخ حسن روحاني في إضعاف معارضيه “اليمينيين”، يقول المتابعون لإيران أنفسهم في مركز الأبحاث الأميركي الجدي إياه. وذلك يضمن تولي المحافظين البراغماتيين القيادة إذا أثبت روحاني أن سياسة التفاوض مع الولايات المتحدة التي انتهجها قوّت الجمهورية التي يترأسها. أما إذا فشل فإن مكاسبه الحالية ستتبدَّد وسيعود المحافظون المتشدّدون بقوة أكبر. وهو يعرف أن الوقت بالغ الأهمية له، وأن عليه أن يظهر التقدُّم خلال الـ2015 عند نهاية مهلة التفاوض في الأول من شهر تموز المقبل. وضغوط هذا التوقيت تفسّر التصريح الذي أدلى به “رئيس أركانه” محمد نهافنديان والذي قال فيه إن المحادثات (النووية) لا تستطيع أن تستمر إلى الأبد. وتتوقف قدرة الرئيس الإيراني على إظهار فائدة المفاوضات على التعامل الثنائي بين طهران وواشنطن. ورغم أنه استطاع تحقيق ربح محدود حتى الآن في بلاده فإن نظيره الأميركي الرئيس باراك أوباما يواجه “كونغرساً” أكثر عداء له من السابق. ومعارضته تحدُّ كثيراً من المدى الذي يستطيع أن يبلغه في أثناء تقديم تنازلات لإيران. وكل من الرئيسين يعرف القيود والحدود الداخلية التي تكبِّل الآخر، وهما يتعاملان معها في أثناء البحث في الصفقة – التسوية – الاتفاق التي يحاولان إنجازها. فواشنطن لا تريد خسارة الفرصة التي وفّرها وصول روحاني إلى رئاسة الجمهورية، ونجاحه في اكتساب نفوذٍ كان يصادره الحرس والمتشددون جداً. لكنها تعرف أن هناك حدوداً للمدى الذي تستطيع أن تبلغه من أجل منع الجناح اليميني المحافظ بتشدُّد من تجديد قوته في البلاد.

في أي حال، يعتبر متابعون وباحثون آخرون في واشنطن أن سنة 2015 ستكون سنة “افعَل أو ارحَل” بالنسبة إلى التقارب الحذر الحاصل منذ مدة بين إيران وأميركا. ولذلك سببان، الأول هو أن القوة الدافعة لمزيد من التعاون بينهما كانت دائماً شخصية، أي كان وراءها أوباما وروحاني. وكلاهما يواجه مقاومة مُصمِّمة وحازمة وربما متعصِّبة. فأوباما البطة العرجاء في ما بقي من ولايته يعتمد على السياسة الخارجية التي لم تكن في أولوياته يوم صار رئيساً لتحقيق إنجاز يعتبره إرثاً تاريخياً. وسيعتمد في ذلك على سلطته التنفيذية. لكن، رغم ذلك، يستطيع الكونغرس الجمهوري الجديد أن يجد طريقة لكي يُخرج المفاوضات مع إيران عن سكتها المرسومة. وإذا نجح الحزب الجمهوري في الفوز بالرئاسة عام 2016 فإن الشباك الأميركي للتفاوض أو بابه سيُغلق. أما في إيران فإن المؤسسة الدينية (Establishment) تمقُت وبشدة فكرة العلاقة الوثيقة مع الولايات المتحدة التي لا تزال “الشيطان الأكبر” عند كثيرين. ويدفع ذلك إلى التساؤل إذا كانت المفاوضات بين واشنطن وطهران تجري بإخلاص وثقة متبادلين. في اختصار، يقول المتابعون والباحثون إياهم، عودة إيران وأميركا إحداهما إلى الأخرى تبقى حتى الآن على الأقل مشروعاً شخصياً لروحاني ولأوباما. والسنة الجديدة 2015 هي حظهما الأخير للنجاح في ترجمته.

أما السبب الثاني لكون السنة المذكورة “سنة افعَل أو ارحَل” فهو، في رأي هؤلاء، الاستقرار المتدهور في الشرق الأوسط. فمن جهة، وبسبب تحوُّل الصراع الدائر والمتوسع فيه مذهبياً بين السنّة والشيعة، ترى إيران نفسها في موقع المدافع عن الشيعة في العالم العربي بل في العالم الإسلامي كله وحتى في العالم الأوسع. كما إنها مارست في رأي أميركا وبعض المجتمع الدولي ما سمي الإرهاب الشيعي الذي بدأ منذ أكثر من 30 سنة، الأمر الذي ضاعف العداء لها ومعها. إلا أن بروز الخطر الكبير لـ”داعش” واستشراء ما يسمى الإرهاب السنّي الأصولي المتشدِّد حتى العنف والتكفير ربما ساعد في تعاونهما على الأرض في العراق وخارجه لمكافحته انطلاقاً من القول المأثور: عدو عدوِّي صديقي. لكن، من جهة أخرى، تجد المملكة العربية السعودية نفسها، وهي حليفة أميركا والغرب عموماً، خائفة من تقارب واشنطن – طهران وتفاهمهما لاعتبارها إيران الإسلامية خطراً وجودياً عليها. فهل تقبل ما يجري معتمدة على ضمان أميركا إنهاء تهديد إيران لها؟ أم تنخرط مباشرة في الصراع الدائر وعسكرياً مع جهات اقليمية أخرى خلافاً لرأي أميركا، وتستعمل سوق النفط الذي هي قوة أساسية فيه لخربطة التقارب المذكور أعلاه؟ هذه أسئلة لا أجوبة عنها الآن. كما لا أجوبة عن الأسئلة المتعلِّقة بإيران المطروحة أعلاه. ولذلك لا بد من الانتظار.