IMLebanon

عن «المقاومة» والإرهاب.. وحزبهما اللبناني!

لم يعد سراً أو مما يحتاج الى دليل، أنه كلما ضاق الحصار على «حزب الله» نتيجة ممارساته البالغة التطرف، إن في لبنان أو في الخارج، لجأ الحزب الى اعادة فتح دفتره القديم، وفي المقدمة منه غلافه الذي حمل يوما عنوان «مقاومة». ليس ذلك فقط، بل انه غالباً ما بدا كمن يبرر بكلمة «المقاومة» هذه أعماله التي لا تمت بأية صلة اليها، خصوصا عندما يتعلق الأمر بما يسميه «المظلومية» في البلدان العربية أو في أي مكان آخر في العالم.

آخر الأمثلة الصارخة على ذلك، ما قاله قادة الحزب واعلامه في لبنان(كما ولاة أمره في ايران) رداً على القرارات التي اتخذها بحقه وزراء الخارجية والداخلية العرب، وقبلهم مجلس التعاون الخليجي، على خلفية دوره الميليشيوي في العديد من البلدان العربية، والذي لا يمكن وصفه الا بالتخريبي بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى. والأنكى أن أحدا في الحزب، بمن في ذلك أمينه العام السيد حسن نصرالله شخصيا، لم يعد ينكر مثل هذا الدور، أو يتنكر له، بل يفتخر به(على طريقة «اليوم المجيد» في السابع من أيار العام 2008 في بيروت والجبل) بادعاءات وتحت شعارات ما أنزل الله بها من سلطان.

هكذا بدءاً بلبنان، بات كل من يطالب بانتخاب رئيس للجمهورية بعد حوالي عامين من شغور الموقع بسبب منع الحزب وأتباعه اجراء الانتخاب، أو بفك أسر مجلسي النواب والوزراء وتركهما يقومان بما يمليه عليهما الواجب خدمة للناس وتسيير شؤون الدولة، أو بعدم تعطيل المؤسسات على اختلافها، متهما من قبل الحزب بأنه معاد لـ«المقاومة» في أحسن الأحوال أو خائن وعميل للعدو الإسرائيلي في أسوأها.

وعندما يقال إن الحزب لم يكتف بتعطيل الدولة، بل أقام على أنقاضها دويلته الخاصة سياسيا وأمنيا وماليا واقتصاديا، يأتي الرد بسرعة قياسية: هي لمجرد حماية «المقاومة»، وليس لأي سبب آخر. أما اذا طرح السؤال: وأين هي المقاومة؟، جاء الجواب على شكل خليط من الكلام الغيبي وغير المفهوم، الذي يبدأ بالاستكبار العالمي والأطماع الشيطانية والصهيونية بلبنان والمنطقة، ولا ينتهي الا بالعودة المنتظرة للامام الغائب الذي سيأتي ويأتي معه العدل على الأرض.

وليس خافياً أن غيبية الكلام هنا أنست الحزب حتى مشجب مزارع شبعا الذي علق عليه قادته كل ما لديهم من تبريرات بعد العام 2000.

على المنوال ذاته، لا يعود غريباً أن يدعي الحزب أن ما تقوم به ميليشياه وزميلاتها الإيرانية والعراقية والأفغانية في سوريا، وضد الشعب السوري بشكل خاص، هو عمل «مقاوم» بامتياز…ان لم يكن لأن النظام فيها يتعرض لمؤامرة كونية(التهمة إياها منذ بدء الثورة في العام 2011) بسبب موقفه «المقاوم والممانع»، فأقله لأن الشعب السوري «مضلل» ليس بثورته على النظام فقط، انما أيضا لأنه لا يعرف مصالحه الحقيقية والبعيدة المدى نتيجة وقوعه فريسة التضليل.

ذلك أن تدخل الحزب عسكرياً في سوريا، والذي بدأ بدعوى الدفاع عن قرى على الحدود مع لبنان، ثم بذريعة حماية المزارات الشيعية في دمشق، ثم بحجة تأمين ظهر «المقاومة»، وصولاً بعد ذلك الى مساندة النظام «المقاوم» ومحاربة التكفيريين والإرهابيين الخ…لم يعد من سند لمجرد وجوده هناك الا إعادة رفع راية «المقاومة» مجددا. لكن مقاومة ماذا، ومن، وكيف، ولماذا؟. لا أحد يعرف، ولا حتى الحزب نفسه الذي يختبئ خلف الكلمة ويرددها من دون وعي، خصوصاً أنه هنا يقاتل من جهة الى جانب «الشيطان الأكبر» الأميركي، ومن جهة أخرى الى جانب «الشيطان الأصغر» الإسرائيلي، فضلا طبعاً عن الروسي والانفصالي الكردي…حتى لا نقول، كما أصبح ثابتاً بالتجربة، الى جانب «داعش» نفسه. 

وعلى المنوال اياه أيضا، تكون أعمال الحزب التخريبية في اليمن(أحسن ما فعل نصرالله في حياته، كما قال؟!) والعراق واليمن والبحرين والامارات العربية والسعودية ليست سوى أعمال «مقاومة»، ويكون الحزب الذي قام بها هو «حزب مقاوم» جدا وبامتياز.. واستطراداً لذلك، يكون كل من يتهمه بالإرهاب هو الإرهابي من دون غيره!.

غني عن القول، إن هذا الدفتر القديم لم يبق منه شيء، لا في لبنان الذي اكتشفت أكثريته الساحقة مضمونه وأهدافه الخفية بجلاء، ولا تحديدا في البلدان العربية التي خدعت به وصفقت له في مرحلة انتهت بالكامل.

ما يعرفه لبنان الآن عن «حزب المقاومة»، كما يسمي نفسه عند الحاجة، أنه من يسرق الدولة ويمنع قيامها بالقوة والترغيب والترهيب ولا شيء آخر. كذلك هي الحال بالنسبة للدول العربية التي لا تعرف منه الا دوره في سوريا (قتل الشعب لحساب ديكتاتور مستبد) وفي اليمن والبحرين(الإرهاب والتخريب) وفي السعودية والامارات والكويت (زرع العبوات في شوارع مدنها).

هذه هي الحقيقة، بصرف النظر عما يردده الحزب وأتباعه(وطبعاً ولاة أمره في ايران) من كلام معاد ومكرر عما يسمونه «المقاومة«.