IMLebanon

.. عن «صدمة» لقاء باريس

«خير انشالله» علامَ قامت الدنيا ولم تقعد مع تصدّر اسم سليمان فرنجية بورصة المرشحين الرئاسيين في الآونة الأخيرة وكأنها مفاجأة الموسم؟ ما الداعي لكل هذه الخضّة الحاصلة في البلد؟ ما مبررات هذا الكمّ المهول من الأنفاس المحبوسة في الأجواء منذ لحظات التداول الأولى بنبأ ترشيح فرنجية؟ ألم يكن مرشحاً رئاسياً منذ لحظة الشغور الأولى؟ أليس قوياً من الأقوياء الأربعة؟ ألم يخرج ترشيحه من تحت عباءة بكركي؟ أوَلم يشمله التعهّد المعمّد مارونياً في الصرح البطريركي بأنّ أي قويّ من الأربعة ترتفع حظوظ انتخابه في لحظة سياسية معينة يتعهد الأقوياء الثلاثة الباقون التصويت له في صندوق المجلس؟.

لكن للحق والإنصاف، الصدمة الحاصلة على مستوى المشهد الوطني العام جراء لقاء باريس بين الرئيس سعد الحريري ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية بصفته مرشحاً رئاسياً وبوصفه واحداً من الأقوياء الأربعة مبررة في بعض جوانبها ولها مسوغاتها السياسية والشخصية. 

فشعور المرشحين الرئاسيين الأشاوس من عيار ميشال عون وسمير جعجع بالصدمة وحتى الضيق والحرج شعور مشروع ومبرر منطقياً وسياسياً، الأول لاعتبارات شخصانية تنافسية مع أي «آخر» مطروح لتبوؤ سدة الرئاسة الأولى بما في ذلك فرنجية المرشح الحليف الأبرز، والثاني لحسابات سياسية وحزبية مسيحية تاريخية تضعه على طرف نقيض مطلق مع فرنجية المرشح الخصم الأبرز.. لكن ما هو غير مشروع وغير مبرّر على المستويين السياسي والوطني ألاّ يرى المصدومون من لقاء باريس حالة التغاضي والتعامي عن أمّ الحقائق اللبنانية المتجسدة في أنّ طرح اسم فرنجية لم يأتِ من شعور بفائض الترف بل من شغور مقيم طال أمده حتى أصبحت المعادلة المطروحة: التسوية لإنقاذ الجمهورية أو الفراغ القاتل للجمهورية.

إلى كل المصدومين والمصروفين والمتفرغين للتعبير عن هول الصدمة من لقاء باريس: هاتوا بديلكم. ماذا وضعتم من خيارات على الطاولة؟ ألم تصبح مقتصرة على خيارين لا ثالث لهما: نجاح التسوية أو ديمومة الفراغ؟ ثمّ لماذا الكل يسأل عما يقترفه سعد الحريري من بوادر تسويات وطنية إنقاذية لانتخاب رئيس للجمهورية ولانتظام المؤسسات الدستورية ولا يُسمع منادٍ ينادي في الملأ متسائلاً عما يقوم به أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله لإنقاذ مركب التسوية من الغرق في مياه العلاقات العكرة بين حلفائه؟ أليس هو نفسه من دعا بإلحاح إلى إبرام تسوية على صيغة «السلة الشاملة»؟ أليس هو نفسه القابض على مفاتيح النصاب القانوني الميثاقي لانتخاب الرئيس؟ أليس هو نفسه من يقاطع جلسات الانتخاب؟.. جلسات الانتخاب نفسها التي تواظب كتلة «المستقبل» على حضورها من دون كلل ولا ملل احتراماً للأصول الديموقراطية الدستورية وصوناً للاستحقاق الوطني الرئاسي؟ 

بغض النظر عن ترشيح فرنجية أو عدم ترشيحه وعن انتخابه أو عدم انتخابه، تبدو المتغيرات العجائبية طاغية على المشهد اللبناني من أقصاه إلى أقصاه مع ثابت وحيد يثبت بالدليل القاطع لدابر الشك والتأويل أنّ الهمّ الرئاسي ليس «مزحة» عند سعد الحريري الذي لا يقول ما لا يعني ويعني ما يقول ولا ينفك يقرن الأقوال بالأفعال.. من أخمص أزمة النفايات التي لم يتمكن أي من رجالات الوطن تأمين مطمر واحد للأزمة في مناطق نفوذهم السياسي إلا هو، إلى أمّ الأزمات المؤسساتية التي لم يقدّم سواه مقترحاً واحداً لإنهاء عهد الشغور وإنقاذ رأس الجمهورية. والمعيار واحد على الدوام: منع انهيار البلد على رؤوس الجميع 8 و14 آذار.