IMLebanon

عن الرئاسة والأميركيين.. وحرائق العرب!

الاتفاق النووي يحكم التفاهم على الملفات

عن الرئاسة والأميركيين.. وحرائق العرب!

اكثر ما يؤلم المسيحيين في لبنان هذه الأيام، ليس فقط وجودهم خارج دائرة القرار في الدولة، وهذا موضع شكوى دائمة من قبل البطريرك الماروني بشارة الراعي وسائر القيادات المسيحية، بل ان العالم بدأ يتكيّف مع لبنان بلا رئيس للجمهورية.

حقيقة التكيّف هذه، لمسها سياسيون لبنانيون من لقاءات اميركية وأوروبية أجروها في الآونة الاخيرة. وأحد هؤلاء السياسيين كان الأكثر صراحة بقوله: «آخر همّ العالم رئاسة الجمهورية في لبنان، ولا تعنيه ان كانت حكومة لبنان عرجاء وحتى ولو كانت بـ24 رأسا، كما لا يعنيه ابدا ان يكون المجلس النيابي معطلا، او في احسن حالاته مشلولا».

ما سمعه ويسمعه هؤلاء السياسيون، ليس بكلام جديد، الا ان المشكلة ان من هؤلاء السياسيين من يصر على اعتبار لبنان محور الكون في هذه المرحلة وان رئاسة الجمهورية هي الشغل الشاغل لكل الادارات الخارجية التي تنتظر ماذا سيحصل بين الرابية ومعراب، او ما يحصل في الحوار بين «تيار المستقبل» و «حزب الله»، او ملف النفايات وسوكلين وعائدات البلديات وسوء ادارة الدولة بدءًا من الحكومة ونزولا حتى ادنى موظف.

لا شيء لدى الخارج، ينقل احد السياسيين عمن وصفها شخصية اميركية لها قنواتها العميقة داخل الإدارة الاميركية، فلبنان مستقر حاليا، ويجب ان يبقى كذلك، بل يجب احتواء الوضع الامني وتخطيه، فواشنطن تعتبره وضعا هشا ومقلقا، وثمة رسائل اميركية بهذا المعنى تم توجيهها الى قيادات سياسية وامنية.

اهم ما نقله السياسي المذكور، ان تلك الشخصية لم تأت بكلام سلبي او استفزازي تجاه «حزب الله»، كما لم يسمع منها ما يؤكد ان لدى «حزب الله» مشروعا للامساك بلبنان، برغم الاختلال في ميزان القوى الداخلي لصالحه، الا انها لا تسقط الخشية الاميركية الدائمة من محاولة «حزب الله» امساك الوضع اللبناني في اللحظة المؤاتية له.

تلك الشخصية الاميركية كانت صريحة الى حد انها بقت البحصة: «واشنطن مع ان يُنتخَب رئيس جديد للجمهورية في لبنان، ولطالما حثت اللبنانيين على ذلك. الا انها تدرك صعوبة توافق اللبنانيين على هذه المسألة المعقدة. حتى الآن لا توجد اية افكار اميركية او غير اميركية جاهزة للحل الرئاسي في لبنان، وقد لا تكون في المدى المنظور، حتى زيارة فرانسوا جيرو للبنان لم تكن واشنطن بعيدة عنها، وكانت فارغة من اي مضمون جدي، ويصح اعتبارها نوعا من الزيارات التذكيرية بدور فرنسي في لبنان». علما ان احد السياسيين قدم توصيفا طريفا للزيارة: «جاء جيرو مدردشا، اراد لبننة الرئاسة وكأن القرار بيد اللبنانيين، ثم كحـّلها بطرح فكرة مستعملة تقول بالاتفاق على رئيس من خارج الاصطفافات السياسية اي لا 8 ولا 14 آذار». ومع انها مستعملة، فقدت سببت نوعا من الفتور اثناء طرحها في الرابية.

ابلغ ما قالته تلك الشخصية، كما ينقل عنها: «برغم استحالة التوافق اللبناني على رئيس، وبرغم ان هذا الموضوع لم يعد داخلــيا بل صار جـــزءًا مـــن الاتـــفاق الاقليمي، فإن لبنان ليس على الاجنـــدة الدوليـــة في هذه المرحلة».

معنى هذا الكلام ان الامر مفتوح زمنيا الى ما شاء الله. كما انه مفتوح سياسيا على كل الاحتمالات، فالموضوع الإقليمي ليس قابلا للحل والتسوية حتى الآن، والكباش المتعدد الاتجاهات ما زال في اوجه، وبالتالي كما هو قابل للحل هو قابل للتعقيد ايضا. ولنفرض انه تعقد، فمعنى ذلك رئاسة معقدة ومعطلة الى ان يقضي الله امرا كان مفعولا. خاصة ان المشهد الاقليمي متقلب على نار الازمات ويشي بانفجارات وتوترات لا حصر لها في سوريا والأردن وليبيا والعراق ومصر واليمن وفلسطين والخليج.

وعلى مقربة من تلك الازمات تخوض روسيا حربا باردة مع الغرب على خلفية الازمة الاوكرانية، واما الغرب فقلقه مزدوج من روسيا اولا، وكذلك من التكفيريين الذين اعتقد انهم لن يتمددوا اليه.

في هذا الواقع المأزوم يبرز السؤال التالي: أي رئاسة للبنان في ظل هذا الجو؟

هناك من يقول ان كـــل تلك الازمات في كفة، والملف النووي الايراني في كفة، وعيـــن الكل على آذار، هو شهر الفصل في نظر الاميركيـــين قبل الايرانيين، وعلى ايجابيته او سلبيته تبنى كل الامور الاخرى.. بما فيها الاستحقاق الرئاسي في لبنان.