IMLebanon

بالنسبة إلى الرئاسة… إيران تقرّر

عندما كان النظام السوري هو الذي ينصّب رئيس الجمهورية كان يأخذ في الاعتبار رأي من فوّضوه عربياً ودولياً ، ولم يكن يختار “الأقوى تمثيلاً” للمسيحيين (لأنه في نظره غير موجود) ولا من يتوافقون عليه (لأنه لا يسمح بذلك)، بل يسمّي الشخص الذي يناسبه، وبعد امتحانات خطّية وشفوية طويلة. وعندما تعذّر تنصيب من شاءه عام 1988 علّق الرئاسة عملياً لما يزيد على السنة، وبعد “اتفاق الطائف” واغتيال الرئيس المنتخب رينه معوّض الذي قلقت دمشق من عمق وطنيته وعدم خضوعه للامتحان، استأنفت خياراتها الاستنسابية التي لم تكن تواجَه بأي غضب أو احتجاج أو حتى استياء مسيحي.

كان مفهوماً في الداخل والخارج أن البلد سيُحكَم من دمشق في أي حال، لكن كان هناك فارق كبير بين “ادارتي” حافظ الاسد وبشار الاسد. ولو لم يضعف نفوذ النظام السوري في الاختيار المباشر للرئيس لما ثارت اليوم نغمة ان الرئيس يكون “الأقوى مسيحياً” أو لا يكون، لكن يصادف أن”الأقوى” المقصود هنا هو حليف لحليف ايران التي هي حليفة الاسد، بل صاحبة الكلمة العليا حالياً في دمشق، وبذلك لم تتغيّر اللعبة، لكن الظروف أوجبت خوضها بقواعد علنية جديدة، إلا أنها تفضي جوهرياً الى مآلٍ واحدٍ للرئاسة اللبنانية. وهذه المرّة الثانية، بعد 2007، التي يعلّق فيها الايرانيون الرئاسة في انتظار ظروف تمكّنهم من ترجيح خيارهم البديل، ما دام خيارهم الأول (ميشــال عـــــون) لن يتحقق. وقد طلبــــــوا، في اجتمـــــاع طهـــران قبـــــــل أيـــــام، تناغمــــــــاً تامـــــــاً معهـم من جــانب العواصم العربية التي يهيمنون عليها. كان نظام دمشق يطلب ذلك باسم “الأمن القومي”، ولم يُعرف باسم ماذا تطلبه ايران لأن “الممانعة” سقطت لمصلحة التقارب مع اميركا.

فضّلت باريس، اختصاراً للوقت والجهد، أن تبحث مباشرة مع طهران في انهاء الشغور الرئاسي في لبنان. قد يجد الايرانيون في مراجعتهم بهذا الشأن أمراً ايجابياً واعترافاً بأنهم أصحاب القرار. أما هل يعطون هذه الورقة لفرنسا أم لا فهذه مسألة اخرى، لأن المساومة الكبرى تجرى بينهم وبين الاميركيين. لذا فهي (إيران) توحي بالقبول بمرشح توافقي لكنها تترك “حزب الله” يناور، بالنيابة عنها، وفقاً للأهداف المتفق عليها، وما دام “الحزب” يواصل تعطيل البحث في “رئيس توافقي” فهذا يعني أن الصفقة الخارجية لم تنضج بعد. الأرجح أن الأهم من شخص الرئيس العتيد هو ما تتوقعه ايران (و”حزب الله”) منه في المرحلة المقبلة، خصوصاً في ما يتعلّق بسوريا. فالمطلوب إزالة التناقض بين الدولة (والجيش”) و”حزب الله”، أي الغاء “النأي بالنفس” قولاً وفعلاً.