خطوة بالغة الأهمية والمحورية في هذا التوقيت بالذات، تلك المبادرة التي أطلقتها باريس في سبيل إعادة إحياء الآمال باستئناف عملية السلام لإيجاد حل للقضية الفلسطينية على أساس الدولتين.
بغض النظر عن التعنت الإسرائيلي المتوقع إزاء أي فرصة سلام قابلة للحياة مع الفلسطينيين، غير أنّ المبادرة الفرنسية إلى احتضان اجتماع دولي نهاية أيار المقبل من أجل إنعاش عملية السلام الفلسطينية – الإسرائيلية، لا بد وأن تُقابل بكل دعم عربي ودولي ممكن وأن تجد أمامها كل الأيادي الخيّرة ممدودة دفعاً باتجاه السلام ودفعاً للاحتلال إلى الرضوخ لمساعي حل القضية الفلسطينية المزمنة والمحقة.. فهي كانت وستبقى الأزمة المركزية في المنطقة، وحلها كان وسيبقى الحل المركزي لكل المنطقة.
كم من جبهة اشتعلت وأنظمة اشتهرت وشعوب استُعمرت تحت راية «تحرير فلسطين»؟ وكم من العرب قُتلوا واعتُقلوا وقُمعوا منذ العام 1948 ولا يزالون يُقتلون ويُعتقلون ويُقمعون حتى يومنا هذا على مذبح «تحرير فلسطين»؟ وكم من حروب اندلعت على دروب تحرير فلسطين؟ وكم من أنظمة وتنظيمات وميليشيات ممانعة تناسلت وعاشت على فتات الأزمة الفلسطينية؟
تحت لواء «تحرير فلسطين» شقوا الطرق الفتنوية الدموية بين الناس على أساس «طريق القدس تمر من هنا».. احتلوا واستعبدوا واستوطنوا الأرض والشعوب في دنيا العرب، ولا فلسطين تحررت ولا كانت أي من طرقاتهم توصل إلى القدس!
على «طروادة» محاربة الاحتلال الإسرائيلي غزت إيران العالم العربي، فاحتلت بعض عواصمه ولم تتحرر فلسطين! رفعت شعار نصرة حق عودة فلسطينيي الشتات فشتّت العرب وجعلتهم قبائل مذهبية متناحرة ولم يعد الفلسطينيون من شتاتهم! بل حتى فلسطينيو الداخل أنفسهم جعلتهم شتاتاً متحاربين بين غزة والضفة!
بذريعة وجوب تحرير فلسطين بالسلاح من المحتل، ضخّت طهران مختلف أنواع الأسلحة المذهبية والطائفية والفتنوية في أيدي العرب ليقتلوا بعضهم بعضاً بها.. وبحجة معارضة محادثات السلام بين أصحاب الأرض والمحتل الإسرائيلي نجحت للأسف في إغراق المنطقة العربية بمحادثات سلام بين أبناء الشعوب العربية أنفسهم من اليمن إلى العراق وسوريا وصولاً إلى لبنان وفلسطين!
أما اليوم وبعدما استفاق العرب من كبوتهم القومية وعزموا وتوكلوا على حك جلدهم بأظافرهم، وكما استعادوا زمام المبادرة عسكرياً وعروبياً وإسلامياً في سبيل تعرية «الطروادة» الإيراني الذي غزا أراضيهم واحتلها وأوغل في شؤون شعوبها، فلا بد كذلك من أن يستعيدوا زمام المبادرة تجاه فلسطين ويدعموا بكل ما أوتوا من قوة وعزم وحزم المبادرة الفرنسية لإنجاح مساعيها الهادفة إلى إعادة إحياء محادثات السلام المركزية بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، بذلك يُعاد الحق إلى أهله الفلسطينيين العرب ويُسحب البساط «العجمي» من تحت أقدامهم.. ومن تحت أقدام كل العرب.