Site icon IMLebanon

لمصلحة مَن «تفجير».. عرسال؟

التفجير الإرهابي الذي استهدف «هيئة علماء القلمون» في عرسال أمس، أعاد الى أذهان اللبنانيين الاعتداء الذي تعرّضت له «هيئة علماء المسلمين» اللبنانية في البلدة نفسها قبل عامين. فالهيئتان تشبهان بعضهما من حيث التوجّه في مقاربة ملف الوساطة بين «جبهة النصرة» والدولة اللبنانية لإطلاق سراح العسكريين المخطوفين من جهة، وفي تخفيف حدة التوتّر بين المجموعات المسلحة والجيش اللبناني من جهة أخرى. فمن هو صاحب المصلحة في توتير الوضع في عرسال اليوم؟ 

«ضاعت الطاسة» في عرسال. أكثر من 5 روايات مختلفة تناقلتها وسائل الإعلام اللبنانية والعربية للتفجير الإرهابي الذي وقع في البلدة أمس. تخبّط بعض وسائل الإعلام، قابله ثبات ورواية موحّدة وسريعة على مواقع «الممانعة» الإخبارية. دقائق قليلة على التفجير الذي أودى بحياة 5 أشخاص على الأقل، خرجت المنظومة الإعلامية لـ»حزب الله» لتتحدّث عن المُستهدف. «هو اجتماع لهيئة علماء القلمون التابعة لجبهة النصرة – ذراع تنظيم القاعدة في سوريا»، تقول «المنظومة»! وكأن بالغرف السوداء تسرّب معلومات سريعة لتبرّر القتل. المُستهدف هو مجموعة من مشايخ تنظيم «القاعدة«، فماذا يستحق؟!

ماذا حدث في عرسال أمس ومن هو المُستهدف؟ 

مصادر أمنية مطّلعة على ملف التفجير الذي وقع أمام مكتب «هيئة علماء القلمون« في حي السبيل، تقول لـ»المستقبل»، «إن عبوة ناسفة استهدفت اجتماعاً لمجموعة من علماء القلمون، راح ضحيّتها عدد من المشايخ بالإضافة الى عروسين سوريين عقدا قرانهما في إحدى غرف المكتب. المعلومات تشير الى أن علماء القلمون ليسوا تابعين لـ»جبهة النصرة»، كما روّج إعلام الممانعة، بل هم يتوسّطون بين «الجبهة» وأطراف لبنانية رسمية لإنجاز ملف العسكريين اللبنانيين المختطفين. وهذه الهيئة «المعتدلة»، بحسب المصادر، تُعنى بشؤون مخيّمات اللاجئين السوريين وبالمساعدات الإنسانية، وتقوم بوساطة لحل ملف العسكريين. وفيما نفت المصادر أن يكون الانفجار استهدف أحد الوسطاء العرب في ملف التفاوض، كشفت عن معلومات تشير الى أن أحد الوسطاء كان من المقرّر أن يجتمع بـ»علماء القلمون» في الساعات المقبلة.

ليست المرة الأولى التي يتم فيها استهداف وسطاء يعملون على حقن الدماء في عرسال. ففي السابق، تعرّض وفد من «هيئة العلماء المسلمين« في لبنان لإطلاق رصاص أثناء توجّهه الى البلدة لحقن الدماء بين الجيش اللبناني و»النصرة»، ولحثّ «الجبهة» على الانسحاب من البلدة باتجاه الجرود. يومها لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن استهداف «الهيئة»، والذي أدى الى جرح رئيسها الشيخ سالم الرافعي. إلّا أن «الممانعة»، كشفت على أحد مواقعها عن فرضية أن يكون تنظيم «داعش» الإرهابي خلف التفجير. طبعاً «داعش« صاحب «الجسم اللّبيس». «داعش« الذي استهدف منذ انطلاقته كل طرف يناهض طهران ومحورها. «داعش« الذي استهدف منذ أسابيع قليلة مقر إقامة نائب الرئيس اليمني خالد البحاح وأعضاء الحكومة الشرعية في عدن. «داعش« الذي استهدف الجيش الحر بأكثر من 60 عملية انتحارية. «داعش« الذي أعدم المئات من عشائر دير الزور المناهضة للنظام السوري. «داعش« الذي أعدم المئات من العشائر العراقية المناهضة لحكومة المالكي ومن ثم العبادي. يا له من «داعش«. 

وكأن مَن استهدف «هيئة علماء القلمون« أمس، ووفد «هيئة العلماء المسلمين« اللبنانيين سابقاً، يستهدف أي وساطة أو مفاوضات من شأنها ان تفرج عن العسكريين المختطفين، على الرغم من سقوط محرّمات التفاوض مع «التكفيريين». ها هو «حزب الله« فاوض من يصفهم بـ»التكفيريين» لإرساء هدنة «الفوعة مقابل الزبداني»!. أيضاً، فاوض الحزب سابقاً الجماعات المسلحة في القلمون ونجح باسترجاع أحد مقاتليه الأسرى لدى هذه الجماعات مقابل إطلاق سراح بعض عناصرها. يُجيز ذلك لأهالي العسكريين الذين عبّروا أمس عن استيائهم لما حدث في عرسال، أن يفوّضوا أي جهة كانت للتوسّط مع الخاطفين. أو ربما عليهم أن يزعموا بأن أصلهم من الفوعة، علّ «حزب الله« يسمح بالمفاوضات أو يفاوض بنفسه لإطلاق سراح أبنائهم. من فجّر في عرسال أمس؟ اسألوا المطابخ السوداء التي شيطنت الاجتماع والمجتمعين بعد دقائق على التفجير الإرهابي!