Site icon IMLebanon

لمصلحة من تشويه انتصار الجيش على الإرهاب؟

    ولماذا استحضار ملفات للمساءلة وتحميل المسؤوليات؟

لم يكن منطقياً ولا مبرراً العودة إلى استحضار ملفات كانت سبباً في مزيد من الانقسامات الداخلية، لتحميل المسؤوليات لهذا الفريق السياسي أو ذاك، بدلاً من أن تتكاتف الأيدي وتتشابك للاحتفال بالانتصار على الإرهاب وطرد فلوله من الأراضي اللبنانية، بالرغم من الحسرة على استشهاد العسكريين الذين كانوا مختطفين لدى الإرهابيين «الدواعش»، وبالتالي فإن هذا الانتصار المدوي الذي حققه الجيش اللبناني بأقل الخسائر الممكنة، لا بد وأن يشكل دافعاً لمزيد من التلاحم الوطني خلف المؤسسة العسكرية التي أثبتت قدرتها على بسط سيطرتها على كامل الأراضي اللبنانية، إذا ما أعطيت الغطاء السياسي الذي يمكنها من الإمساك بقرار الحرب والسلم، خلافاً لكل ما يُقال بهذا الشأن وفي معرض التقليل من هيبة الدولة ومؤسساتها العسكرية والأمنية.

ومن هنا فإن العودة لفتح الدفاتر القديمة واستغلال حادثة استشهاد العسكريين للتشهير والانتقام واستخدامها مادة للابتزاز، من خلال تحميل الرئيس تمام سلام وحكومته ومن ورائهما رئيس الحكومة سعد الحريري، مسؤولية ما جرى، لا تفيد الواقع الحالي بشيء، بقدر ما ستفتح الأبواب أمام مرحلة تجاذب سياسي لا يمكن التكهن بمداها، في ظل سعي البعض لاستثمار نتائج الانتصارات التي يدعي أنه حققها في التوظيف السياسي الداخلي، فيما المطلوب أن يثار إلى استثمار ذلك على الصعيد الوطني، وبما يساعد على تمتين وحدة الصف وتعزيز العيش المشترك، بعيداً من محاولات تعميق الانقسام والدخول في متاهات المناكفات وتقاذف كرات المسؤولية، في حين أن الجميع يعلم أن كل ما اتخذ من قرارات سياسية في الفترة التي أعقبت 2 آب 2014، كان نتيجة القراءة العسكرية الميدانية لقيادة الجيش التي كانت أعلم من غيرها بمجريات الظروف الميدانية، سواء أكان مطلوباً في حينه الاستمرار في المعركة على الإرهابيين، أو وقفها تبعاً لهذه الظروف.

وتؤكد في هذا الإطار أوساط وزارية، أنه إذا كان مطالبة البعض بتشكيل لجنة تحقيق لتحديد المسؤوليات في قضية العسكريين، تعتبر محقة لدى فريق سياسي، فإنه في الوقت نفسه لا يمكن استغلال ما حدث لتوتير الأوضاع السياسية، في الوقت الذي يتابع الجيش إجراءاته الميدانية لاستكمال إنجازاته ضد الإرهاب، بعدما تمكن من طرده من الأراضي اللبنانية، في سابقة لافتة لم يسبقه إليها أي من جيوش المنطقة، ما يؤكد على أن اللبنانيين راهنوا وكسبوا الرهان على قدرة الجيش وحده على التخلص من الجماعات الإرهابية التي كانت تحتل الجرود، وهذا ما يجب أن يكون دافعاً للقوى السياسية على مختلف انتماءاتها أن توفر للمؤسسة العسكرية كل ما تحتاجه، كي تتمكن من الاستمرار في أداء دورها لحماية السيادة والدفاع عن مصالح البلد واللبنانيين، مشيرة إلى أن الرئيس الحريري سيبحث في لقائه المنتظر مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في سبل دعم الجيش وتوفير الاحتياجات له، ليتمكن من أداء دوره على أكمل وجه، ولذلك فإن هناك حاجة وطنية للاستمرار في توتير البيئة الحاضنة للمؤسسة العسكرية سياسياً وشعبياً، وتالياً لا يمكن العمل على تشويه الانتصار على الإرهابيين، بتبادل الاتهامات بشأن ملفات سياسية أو أمنية، أو السعي لاستثمار ما جرى لحساب أجندات خارجية، فيما المطلوب أن يتم وضع ما جرى في خانة تحصين الوحدة الداخلية التي لولاها لما تمكن الجيش من تحقيق انتصاراته، وهذا العامل ينبغي السعي لتعزيزه والبناء عليه في المراحل المقبلة التي تنتظر الجيش فيها مهمات واستحقاقات لا تقل أهمية عما سبقها.

وتشير الأوساط إلى أن القوى السياسية جميعها وفّرت للجيش كل المناخات الملائمة لكي يتمكن من تحقيق إنجازاته، ما يشكل رداً مباشراً على الذين يحاولون تصوير الأمور على غير حقيقتها والإساءة إلى أطراف لبنانية، باتهامها بدعم الجماعات الإرهابية، وهو ما أثبتت الوقائع الميدانية زيف ادعاءاته، لأنه ما بقي فريق لبناني إلا وهلّل لانتصارات الجيش، لأنها انتصار للبنان كله على الإرهاب بأكمله والذين يقفون خلفه ويدعمونه ومن سهّلوا له الطريق للوصول إلى الجرود الشرقية والعبث بأمن القرى والبلدات الحدودية.