أقفل «التيار الوطني الحر» صناديق اقتراعه للانتخابات التمهيدية، في عملية انتخابية ارتضى اللاعبون بنتائجها، سواء كانوا ممن حلقوا في فضاء الأصوات المؤيدة لهم، أو من الذين خابت ظنونهم من ردة فعل القاعدة الناخبة تجاههم، من دون إغفال التداعيات الناتجة من إجراءات القيادة العقابية بحق الثلاثي المعارض زياد عبس وأنطوان نصرالله ونعيم عون.
وكان لافتا للانتباه أن رئيس «التيار» جبران باسيل أصرّ في اجتماعه الأخير مع المجلس السياسي على التأكيد أنّ التراتبية التي أنتجتها صناديق الاقتراع، والتي ستنضم في وقت لاحق الى التراتبية التي ستكرسها استطلاعات الرأي (المرحلة الثانية)، «ستكون محترمة، لا بل أكثر من ذلك، ستكون ملزمة لقيادة الحزب».
بالتفصيل، ينتظر أن يخضع كل المتأهلين في الانتخابات التمهيدية لاستطلاع للرأي سيُجرى في كل قضاء، بعد ثلاثة أشهر، علماً أن الاعتقاد كان سائداً أن الاستطلاع سيشمل فقط المقاعد التي تأهل إليها أكثر من مرشح من باب «غربلة» الأسماء.
غير أن توضيحات باسيل أفضت الى التأكيد أن الاستطلاع سيشمل في هذه المرحلة كل المتأهلين، وذلك بهدفين: الأول، هو قياس حيثية كل مرشح محتمل في دائرته الانتخابية، والثاني، استبعاد المرشحين الفائضين عن العدد المحدد للمقاعد في الدائرة.
مثلاً، في دائرة بيروت الأولى، انتهت المرحلة الأولى من آلية الاختيار الى تأهل نيكولا صحناوي من دون غيره من المرشحين، وبالتالي هو وحده من سيكون موضع الاستطلاع في الدائرة لمعرفة مدى تفاعل القاعدة البيروتية في هذه الدائرة مع ترشيحه. هذا لا يعني أنّ الرجل سيخرج من السباق، كونه لا يتنافس مع أي من رفاقه، وسينتقل حكماً الى المرحلة الثالثة والتي هي أيضاً عبارة عن استطلاع للرأي سيُجرى عشية الانتخابات لمعرفة مكانة صحناوي الشعبية مقارنة بالحلفاء، لحسم مصير ترشيحه.
ولكن في بعبدا مثلاً، انتهى اليوم الانتخابي بتأهل خسمة مرشحين موارنة يتنافسون على ثلاثة مقاعد هم: الان عون، ناجي غاريوس، حكمت ديب، فؤاد شهاب ونادين نعمة، وبالتالي ستكون وظيفة الاستطلاع إقصاء المرشحين اللذين سيأتيان في آخر الترتيب، لينتقل الثلاثة الباقون الى المرحلة النهائية التي ستخضع للقرار السياسي المرتبط بالتحالفات، مع العلم أن باسيل أكد أمام المجلس السياسي أنه في حال انضمام أي حليف الى أي لائحة، فسيكون على حساب المرشح الوارد اسمه في آخر سلّم الاستطلاع الأخير.
حتى الآن، المشهدية ممتازة بدقتها ومساحتها الديموقراطية. ولكن للمعارضين سؤال بارز: من يضمن شفافية الاستطلاعات وقدرتها على عكس صورة القاعدة بشكل دقيق؟
أما أركان القيادة فوجهة نظرهم معروفة، بأن استطلاعات الرأي ستكون الطريقة المثالية لقياس وزن المرشحين، وهي من شأنها أن تثبِّت نتائج الانتخابات التمهيدية، أو قد تنسفها بالكامل، لأن المرغوب من جانب قاعدته العونية قد يكون مبغوضاً من جانب بيئته الانتخابية أو غير محبذ به. ولذا ستكون الكلمة الفصل لهذه الدراسات العلمية، على مستوى الأقضية.
الى ذلك، من المفيد الإضاءة على حجم المشاركة الحزبية في الانتخابات التمهيدية والتي تفاوتت بين منطقة وأخرى وفقاً للطابع التنافسي لكل دائرة، مع العلم أنه تبيّن أنّ 9495 حزبياً شاركوا في العملية الانتخابية من أصل 13333 ملتزم وردت اسماؤهم على لوائح الشطب (يستثنى من هذه اللوائح تلك الدوائر التي شهدت تزكية). أما حاملو البطاقات البرتقالية فبلغوا الى الآن الـ17600 شخص.
بالتفصيل، أظهرت صناديق الاقتراع أنّ عكار شاركت بـ939 صوتاً من أصل 1207 ناخبين، الكورة 193 من أصل 273 ناخبا، جبيل 1297 من أصل 1741 ناخبا، كسروان 1206 من أصل 2072 ناخبا، المتن 1398 من أصل 1856 ناخبا، بعبدا 1024 من أصل 1252 ناخبا، بيروت الاولى 276 من اصل 332 ناخبا، بيروت الثالثة 172 من اصل 244 ناخبا، عاليه 609 من اصل 868 ناخبا، الشوف 483 من أصل 590 ناخبا، جزين 502 من أصل 730 ناخبا، بعلبك الهرمل 473 من أصل 740 ناخبا، زحلة 411 من أصل 600 ناخب.