تهديدات الرئيس الاميركي دونالد ترامب، بقصف سوريا، عقابا للنظام على استعمال الاسلحة الكيميائية في قصف مدينة دوما، ومسارعة رؤساء دول فرنسا وبريطانيا والمانيا الى مساندته، وتحريك قطع بحرية متطورة باتجاه منطقة الشرق الاوسط، وقيام اسرائيل باستباحة الاجواء اللبنانية وتدمير مطار «تيفور» العسكري، شكّلت حتى الآن عناصر أساسية لضرب الاقتصاد اللبناني ضربة شبه مميتة، على ابواب انتخابات نيابية قد تطيح بها، وعلى ابواب صيف واعد قد ينهار تماماً في حال تمت الضربة الاميركية والاوروبية، وكأن هناك من ينتظر ان يطلّ الصيف على لبنان حتى يتحرّك بعدوانية لتسديد ضربة موجعة للبنان واللبنانيين، في الوقت الذي يحاول فيه ان ينجو من انهيار عملته الوطنية، ومن تداعي اقتصاده الضعيف».
في هذه الفترة الصعبة، التي قد تكون مصيرية في حال تمّ ضرب سوريا بصواريخ «التوماهوك» الشديدة التدمير، والتي سوف تكون نتائجها وخيمة على سوريا وعلى لبنان ايضاً، خصوصاً اذا اتسع نطاقها وطال أمدها، نسمع أصواتاً تطالب بتعليق مبدأ واتفاق النأي بالنفس الذي اقرّته الحكومة تحييداً للبنان عن مشاكل المنطقة، وكأن لا اهمية هناك لما قد يصيب الشعب اللبناني في حال لم تحيّد الدولة نفسها، وانغمست في صراع لا ناقة لها فيه ولا جمل.
وفي حين تتهم الدول الغربية سوريا باستعمال السلاح الكيميائي تتهم دمشق الانظمة التكفيرية بذلك تمهيداً لضربة عسكرية، في حين ان وسائل الاعلام الغربية والعربية اكدت ان الغوطة الشرقية سقطت كلها بأيدي قوات النظام وخروج المسلحين وعائلاتهم منها في الباصّات المبرّدة وبحماية الشرطة العسكرية الروسية التي حافظت على الأمن في شوارع دوما!!
* * * * *
وسائل الاعلام البريطانية «أكّدت» امس ان الضربة الاميركية ستنفذ ليل الخميس – الجمعة، في حين ان الرئيس الاميركي ترامب اكّد بدوره وبمواقفه المتناقضة ان بلاده لم «تحدد موعد الضربة واذا كانت سوف تنفذ او قد لا تنفذ» وقياساً على مواقفه الاوليّة المتشددة، يمكن الاستنتاج ان هناك دخولاً ما على خط ترامب حذّره فيه من خطورة ان يتحوّل النزاع في سوريا بين الولايات المتحدة وروسيا الى حرب اقليمية تستعمل فيها الاسلحة النووية، وقد تمتد لتصبح عالمية، وعندها تقع الكارثة الكبرى على الولايات المتحدة وروسيا والعالم كله، في حين ان هناك اخباراً تفيد بأن الولايات المتحدة ستكتفي بضربة محدودة، متفق عليها، انقاذاً لماء وجه ترامب الذي هدّد بتلقين النظام السوري درساً قاسياً لن ينساه.
المهمّ الآن ان يعي الجميع مصلحة لبنان، وكيف يمكن احتواء الأزمة الخطيرة والحدّ من نتائجها، وذلك يكون باستعمال العقول بدل الزنود.