IMLebanon

لهذه الأسباب تحدّث هيل من الداخليّة وهذه رسائله

اذا كانت الحشود المسلحة عند الحدود الشرقية وما اثير عن استعدادها لشن هجمات على مواقع الجيش اللبناني والقرى المتاخمة لتلك الحدود، وما اضيف اليها من اعترافات لموقوفين خطرين،قد شكلت محور الحدث السياسي والاهتمام نهاية الاسبوع، فان المواقف البالغة الاهمية، التي اطلقها السفير الاميركي في بيروت ديفيد هيل بعد زيارته لوزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، تقدمت على ما عداها، نظرا لما تضمنته من مواقف متقدمة في لحظة اقليمية وداخلية حرجة، حملت معها اكثر من رسالة فاتحة الباب على سلسلة من التكهنات والتحليلات.

فهجوم «عوكر»، غير المسبوق ضد حزب الله، من الداخلية حمل اكثر من دلالة بحسب مصادر مقربة من السفارة الاميركية، خاصة لجهة رمزية المكان والزمان، في ظل أجواء الترقب السياسية للمتداول حول التفاوض الغربي – الإيراني وإحتمال إنعكاس نتائجه على المنطقة ولبنان، اذ رأت ان الموقف الاميركي المستجد بعد هدنة طالت مع الحزب، والتي بنى عليها كثيرون، لن يكون يتيما، مع تجدد ملامح تململ خليجي من ممارسات حزب الله بدأت تتظهر الى العلن، بعد وصول قواته الى العراق واليمن والبحرين، بشكل علني، مشيرة الى ان دول الخليج بدأت تبحث في مطالبة لبنان باتخاذ موقف من الحزب وممارساته التي تؤثر سلبا على العلاقات بين بيروت وعواصم تلك الدول، كون الحزب يشكل احد ابرز الاطراف في الحكومة اللبنانية.

واشارت المصادر الى ان الادارة الاميركية ارادت تحديدا ايصال رسالتها من الداخلية اللبنانية، في تفسير عملي لموقفها الذي عبر عنه وزير الخارجية جون كيري خلال زيارته للرياض وتاكيده ان اي حل نووي لن يغير من الموقف تجاه الجمهورية الاسلامية وسياستها في المنطقة، ردا على ما سمعه من نظيره الامير سعود الفيصل، حول ضرورة تغيير الرئيس الأميركي باراك أوباما كيفية تعامله مع إيران واذرعها في المنطقة، وبخاصة في الملفين السوري والعراقي وضرورة تشكيل قوة عربية مشتركة تحد من تاثر القتال في تلك الدولتين بصورة كبيرة بايران والميليشيات الشيعية التي تقاتل نيابة عنها.

واذ اعتبرت المصادر ان احدى الرسائل موجهة ايضا باتجاه تطمين تل ابيب، اعتبرت ان واشنطن ارادت ضرب اكثر من حجر، بعدما باتت قاب قوسين او ادنى من امساك مفاصل اساسية في الدولة وفي مقدمتها الجيش اللبناني من خلال الجسر الجوي الذي اقامته الى بيروت لنقل الاسلحة والذخائر، معددة في هذا المجال ان اختيار الداخلية كان ذكيا، باعتبار الوزير المشنوق احد اكثر المتحمسين للحوار مع الحزب، فضلا عن الرمزية السيادية للوزارة، في صورة اريد لها ان توازي تلك التي ظهر فيها اللواء سليماني عند تخوم تكريت.

من جهتها رأت مصادر رفيعة في قوى الثامن من آذار، ان مواقف السفير الاميركي الاخيرة، تندرج في اطار «القهر» من نجاح حزب الله في افشال المخطط الاميركي الاسرائيلي في تغيير المعادلات والسيطرة على المنطقة مع تحول الحزب الى شوكة في حلق الاميركيين وعقبة امام مشاريعهم، ساخرة من اي اجراءات قد تتخذ، معتبرة ان قطار المنطقة فات الاميركيين اللاهثين لركوب آخر عرباته.

وفي انتظار الخطوات الخليجية التي يؤمل الا تطال فريقا من اللبنانيين العاملين في بعض هذه الدول كما حصل سابقا، وتأكيد المصادر ان الموقف الاميركي ستتبعه سلسلة من الاجراءات تكتمت عن مضمونها وان اصبحت غاياتها معروفة، توقفت اوساط متابعة عند بعض الاشارات اللافتة والتي تزامنت مع الهجوم الاميركي لعل ابرزها:

-الاعلان عن زيارة رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي في كليمنصو، لاحتواء مفاعيل ما اعلنه «بيك المختارة»، ردا على ما اعتبره «هدرا لدمه» من جهة مقربة من حارة حريك،وغمزه من قناة الحزب في هذا الاطار.

-الكشف عن تأخير الخارجية الاماراتية منح وزير الصناعة الوزير الحاج حسن، تاشيرة دخول، رغم تقديم الاخير لجواز سفر دبلوماسي قبل اسبوعين من الموعد المحدد لسفره للمشاركة في «مؤتمر معرض الصناعات الغذائية»، ومراجعة المديرية العامة لوزارة الصناعة سفارة الامارات في بيروت حول الموضوع، ما دفع بالوزير الى الامتناع عن السفر رغم حصوله على سمة الدخول بعد 24 ساعة من انطلاق فعاليات المؤتمر.

-اعطاء جلسة الحوار الاخيرة بين المستقبل وحزب الله الضوء الأخضر لوزير الداخلية للانطلاق بخطة امنية خاصة ببيروت وضواحيها بما فيها الضاحية الجنوبية، مع مراعاة خصوصية الوضع الامني لقيادات الحزب التي تسكن في نطاقها الجغرافي وامن المقاومة، على غرار ما يحصل في البقاع، وهو ما اثار جهات خارجية لما قد تخففه من اعباء على الحزب امنية واجتماعية بعدما ارتفعت نقمة المواطنين مع تكاثر السرقات وفرض الخوات.

– الاسباب الحقيقية الغامضة «لازدواجية» الموقف القواتي من حزب الله، بين الاعلان المتقدم للنائبة ستريدا جعجع الذي اعتبرت فيه «الحزب شريكا أساسيا في التركيبة اللبنانية، وان لا خيار لنا الا ان نكون سوياً تحت كنف الدولة»، في مقابل «الاتهامات» التي وجهها «الحكيم» «للسيد»، والذي رأى فيه البعض قطبة مخفية لا تتعدى سياق الاجواء الحوارية الشكلية السائدة.

-الحديث المتزايد عن اجراءات عملية بوشر باتخاذها في اكثر من بلد للحد من حركة حزب الله المالية واللوجستية.

-ارتفاع منسوب جس النبض عن تنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري وحزب الله لشن حملة عسكرية موحدة مع بداية الربيع وذوبان الثلوج ضد مواقع المسلحين على طول الحدود اللبنانية السورية بمباركة اميركية، ما تنفيه مصادر عسكرية لبنانية .

-تزامن الموقف مع الاستعدادات الجارية لاحياء ذكرى الرابع عشر من آذار والدفعة الايجابية بعد «الاحباط» الذي تحدث عنه الكثيرون.