Site icon IMLebanon

لهذه الأسباب لن ينفِّذ «الحزب» 7 أيار جديدة

إذا لم يكن الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله راغباً في إستثمار تصعيده السياسي والإعلامي، فما الهدف إذاً من هذا التصعيد؟ هل هو جزء من لعبة الرسائل الساخنة أم ستكون له مضاعفات سياسية… وحتى غير سياسية؟

في «14 آذار»، يعتقد البعض أنّ الحرب الدائرة اليوم في اليمن بين السعودية وإيران، مباشرة وبالواسطة، ستنهي المفاعيل السياسية التي عاشها لبنان منذ قيام حكومة الرئيس تمام سلام، أيْ منذ أن قرّر «حزب الله» إزاحة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وفتح الباب لـ»المستقبل» ليعود إلى السراي… من موقع رئاسة الحكومة إلى وزيرَي الداخلية والعدل.

وفي رأي هؤلاء أنّ إيران وحلفاءها، ومنهم «حزب الله»، محشورون في المواجهة. فهؤلاء لم يتوقعوا أن يستخدم السعوديون، في أيّ ظرف، قوَّتهم العسكرية المباشرة، وبأقصى طاقاتها. ففي العادة، السعوديون معروفون بالتسويات. والمحسوبون إجمالاً على المحور السعودي، في لبنان وسوريا والعراق، لم يحقِّقوا أيَّ نجاحات عسكرية بسبب عدم تلقّيهم الدعم على الطريقة التي ينعم بها خصومهم، حلفاء إيران.

واليوم، للمرة الأولى، تلقّى تيار «المستقبل» جرعة معنوية إقليمية، مع إعلان السعودية «عاصفة الحزم». وهذا ما دفع البعض إلى القول: بعد اليوم، لن يتفرَّد «حزب الله» بلبنان كما فعل خلال السنوات الأخيرة. فالتوازن الإقليمي تحقَّق، أو بدأ يتحقَّق.

وبالنسبة إلى هؤلاء، إنّ «عاصفة الحزم» ستتسع مفاعيلها إلى العراق وسوريا ولبنان، ما يجعل حلفاء السعودية، ومنهم «المستقبل»، في موقع القادر على إحباط أي 7 أيار جديدة، بل إنّ هذه «العاصفة» ستمحو آثار 7 أيار 2008 ومفاعيله. وأساساً، إنّ الهدف السعودي من «العاصفة» كان إحباط 7 أيار اليمنية، بإدارة إيرانية، في داخل الخاصرة السعودية.

ولكن، في المقابل، هناك إعتقاد في أوساط أخرى أنّ إيران لم تقل كلمتها بعد في الصراع. والإيرانيون في السياسة هم أنفسهم في الحياكة. فالسجادة الإيرانية الفاخرة يستغرق إنجازها الأشهر أو السنوات، ويتشارك فيها أفراد العائلة جميعاً. لكنّ القطبة النهائية يجب أن ينفذّها ربُّ العائلة. فهي الإشارة إلى أنّ «الأمر له».

وفي مواقع النفوذ الإيراني الشرق أوسطية، التي يسميها البعض «الإمبراطورية الفارسية»، هناك سجادة تُحاك، لكنّ الإيراني- ربّ العائلة- منشغل بمسائله مع الغرب، بدءاً بالاتفاق على النووي. وهو لا يبدو مستعجلاً. وعندما يصبح جاهزاً، سيَحوكُ القطبة الختامية.

وفي الانتظار، ليس مطلوباً من الحلفاء أن يقلبوا الطاولات حيث هم، بل أن يثبّتوا مواقعهم تجاه خصومهم، فلا تهتزُّ ولا تضعف إلى أن تظهر المفاعيل. ولأنْ لا حسم عسكرياً في الأفق، لا في اليمن ولا العراق ولا سوريا، يمكن للذين يحوكون السجادة الإيرانية أن يحافظوا على هدوئهم: عندهم الوقت.

وفي ترجمة أخرى، يلعب الإيرانيون وحلفاؤهم حالياً لعبة الدفاع لا الهجوم، إلى أن يستوعبوا المعطيات الجديدة. وضمن هذه الرؤية، يصعِّد «حزب الله» سياسياً وإعلامياً إلى حدود عالية جداً. لكنّ البعض يخالف هذه النظرة الدفاعية، ويقول إنّ تصعيد «الحزب» سيكون مقدمة لإعادة خلط الأوراق الداخلية، ولإسقاط حكومة الرئيس تمام سلام في الدرجة الأولى. وهناك اليوم عناوين خلافية كثيرة يمكن لـ»حزب الله» أن يستثمرها، مباشرة أو عبر الحلفاء، لتنفيذ ذلك.

وفي تقدير هؤلاء أنّ المرحلة التوافقية إنتهت، ولن يبقى منها إلّا الحوار في الشكل لا في المضمون لإبعاد شبح الفتنة المذهبية. وربما يعيد «الحزب» عقارب الساعة إلى الوراء، وينفِّذ 7 أيار بارداً.

بين هذه الرؤى المتضاربة التي خلقتها حرب اليمن، هناك ثوابت عدة:

1- أنّ إيران لم تردّ بعد.

2- أنّ إيران لا تتسرّع بخطوات يقوم بها حلفاؤها، ما لم تكن قد درست كل مفاعيلها على هؤلاء الحلفاء وعلى إيران أيضاً.

3- أنّ المحور السعودي دخل المواجهة العسكرية المباشَرة مع إيران للمرة الأولى، هو وحلفاؤه في لبنان وسوريا والعراق، وهو لن يخرج منها بلا نتائج.

إستطراداً، إنّ «حزب الله» ليس اليوم في وارد 7 أيار جديدة، خصوصاً أنه حالياً أقوى بكثير مما كان عليه في العام 2008. لكنّ كلّ الخيارات ستصبح واردة عندما يقرّر الإيراني حياكة القطبة الأخيرة في السجادة.