Site icon IMLebanon

لهذه الأسباب …«أمن 9 أيلول» أبعَد الشبح الخارجي

عبَر التاسع من أيلول في افضل الظروف بكلّ ما رافقه في الطبقة الثالثة من مبنى المجلس النيابي خلف أسوار ساحة النجمة وفي محيطها وصولاً الى ساحة الشهداء. ولولا حادثة رشق مواكب الوفود التي شاركت في الحوار بالبيض والبندورة لكان اليوم الأمني أنموذجاً يُحتذى به ليكون مثالاً لعبور الإستحقاقات التي تعيشها البلاد.

في قراءة أوّلية لليوم الأمني الذي واكب إنطلاق عمل «هيئة الحوار الوطني» التي عبّر مرجع امني عن ارتياحه اليه، معتبراً أنه من أقصر الأيام الأمنية التي مرّت بها البلاد.

فكلّ الظروف التي رافقت ما جرى أمس كانت تتحدث عن يوم أمني بامتياز على رغم المواقف ذات سقوفها العالية التي أطلقها قادة الحراك الشبابي والتهديد بالحشد الشعبي في ضوء ما رافق التظاهرات السابقة من أجواء أوحت بدخول أجهزة مخابرات خارجية على الخط ووصلت بالبعض الى الإعتقاد بأنّ «الربيع العربي» وصل الى لبنان ولو متأخّراً عن بقية الدول العربية التي شهدت حراكاً من هذا النوع وقاد الى تغيير بعض الأنظمة فيها ولم يستقرّ بعضها حتى اليوم. وقال المرجع الأمني إنّ الإجراءات الأمنية التي اتُخذت لم تخرج عن المألوف بالنسبة الى الظروف التي تعيشها البلاد.

فكلّ المعطيات التي كانت تشكل دافعاً الى هذا التشدّد مردها التأخير في حسم معلومة خطيرة كانت توسوس في عقول القادة الأمنيين وتتحدث عن دور للإستخبارات الأميركية وصولاً الى التلميح بدور لدولة عربية صغيرة البعض سماها قطر في ما جرى ويجري في لبنان.

لم يخف المرجع الأمني القلق الذي عاشته الحكومة أياماً تلت الحراك الشبابي في ساحتي الشهداء ورياض الصلح وتحديدا من 22 الى 29 آب الماضي من وجود أصابع خارجية خلف ما جرى ويجري، خصوصاً أنّ بعض السيناريوهات المخيفة رافق الكشف عن سَيْر حياة بعض قادة الحراك، واسترسلت جهات عدة في رسم شخصيات لأبطاله أقلقت عدداً من المسؤولين في ظلّ الغموض الذي لفّه طوال الفترة الماضية والعجز الواضح عن عدم فهم الخلفيات التي كانت حافزاً لما حصل.

فعُدَّ تطوراً غيرَ مسبوق شهده لبنان الذي يحظى بدعمٍ دولي ومظلّة أبعدت شبح ترددات الأزمة السورية عليه، وما رافق أحداث اليمن من انقسامات في الداخل، فظنّ البعض انّ «الطريق الجديدة» هي جارة عدن وضاحيتها الغربية وأنّ الضاحية الجنوبية هي من ضواحي ميناء الحُديدة.

على هذه القاعدة، كانت المخاوف تولد القلق الذي أحدثته الحركة الشبابية الى أن ظهر بعض التطمينات الخارجية التي أبعدت هذه الأشباح ونزعتها من عقول القادة الأمنيين المتوجّسين من الحراك في وسط بيروت.

ويعترف المرجع الأمني بأنّ التوضيحات السريعة التي قدّمتها الجهاتُ الخارجية طمأنت المسؤولين اللبنانيين، فتعزّز الشعور بأنّ ما جرى ويجري أسبابه الداخلية التي تطغى على ما عداها من أسباب خارجية، وأنّ محاولات استدراج الخارج الى الداخل واستثماره بما يؤدّي الى الضرر بالبلاد ليس أمراً سهلاً.

ويقول المرجع إنّ التطمينات الأميركية كانت الأبلغ من بين كلّ التطمينات الخارجية وكأنّ فحواها أنّ الموقف الأميركي من أيّ حراك شبابي يدعو الى الديمقراطية لا يمكن تجاهله.

فواشنطن أنفقت في السنوات الماضية ملايين الدولارات لتعزيز البرامج الخارجية التي تدرّب الشعوب والمجتمعات وتشجّعها على الديمقراطية. ليس التزاماً منها بالمبادئ والمواثيق الإنسانية العالمية فحسب، إنما لترجمة قرارات اتخذتها الإدارات الأميركية المتعاقبة والتزمتها في كثير من التجارب والحالات المشابهة التي عاشتها دولٌ عدة في القارات الخمس.

والى الضمانات الأميركية التي قدمتها واشنطن بموقفها الداعم للحكومة ومصالح لبنان العليا، كانت التوضيحات القطرية التي أبلغها سفيرها في بيروت الى المعنيين مباشرة، وكذلك دخول مجموعة الدول الأوروبية على الخط، حيث أبلغت موقفاً مماثلاً الأسبوع الماضي خلال لقاء سفرائها رئيس الحكومة تمام سلام يؤكد الدعم اللامحدود للحكومة في مواجهة أيّ تطوّر يهدّد الأمن اللبناني.

ّ

ويختم المرجع الأمني مؤكداً أنّ كلّ هذه الضمانات كانت وراء الإطمئنان الذي تركه اليوم الأمني أمس، لكن لهذه الضمانات وجه آخر يرتب كثيراً من المسؤوليات على عاتق الحكومة اللبنانية أولاً، وهي منذ امس باتت أمانة في أعناق أقطاب «هيئة الحوار الوطني» وهم مدعوّون جميعاً الى ممارسة الحُكم بشفافية والتطلع الى المصلحة اللبنانية العليا بعيداً من المصالح الشخصية التي غلّفت بعض القرارات الأخيرة. فهل ينجحون؟