IMLebanon

لهذه الأسباب طهران لن تُسلّف باريس شيئاً

نصَحت مراجع ديبلوماسية منتظري زيارة الرئيس الإيراني لباريس نهاية الشهر الجاري بعدم الرهان على أيّ تطور بالغ الأهمية في شأن الإستحقاق الرئاسي. فما رافق بدء تطبيق الإتفاق النووي أكّد المؤكّد وهو أنّ طهران لن تُسلّف شيئاً لباريس وحدها لا في لبنان ولا في أيّ مكان من المنطقة. كيف ولماذا؟

الى أن يلتقي الرئيسان الإيراني حسن روحاني والفرنسي فرنسوا هولاند في 28 الجاري في باريس، سيكون العالم قد شهد متغيّرات كثيرة تتلاحق فيها الأحداث التي ستأتي بمزيد من المفاجآت ليس على المستوى الإقليمي فحسب، بل على المستوى الدولي أيضاً وعلى كلّ المستويات السياسية والديبلوماسية والإقتصادية.

تجزم مراجع ديبلوماسية بأنّ الأيام الفاصلة عن اللقاء بين هولاند وروحاني المؤجَّل من تشرين الثاني الماضي ستشهد محطات كثيرة وقمماً رئاسية ستتناول كلّ الملفات التي تلقي بظلالها على لبنان ودفعت الى تجميد البحث في مختلف المبادرات الخاصة بالإستحقاق الرئاسي.

فكلّ ما يتصل بهذه المحطة بات أسير هذه التطورات ولا سيما منها تلك الناجمة من المواجهة المفتوحة على شتى الإحتمالات بين الرياض وطهران، بالإضافة الى تداعيات ما تشهده سوريا من موجات عنف على خلفية العمليات العسكرية التي تُستخدم فيها أعتى ترسانات الأسلحة المتطوّرة.

ففي الايام المقبلة، ينطلق الرئيس الصيني في جولة على دول المنطقة تشمل الرياض والقاهرة قبل أن يزور طهران في محاولة لتعزيز حضور العملاق الصيني بقدراته الإقتصادية والسياسية في المنطقة التي تشهد أسوأ مواجهة بين الدول ذات الإقتصاديات الكبرى في العالم وتتنافس على ثروات المنطقة وأسواقها، وهي من نظيرات بلاده من مجموعة العشرين الإقتصادية ومنظومة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن.

والى الملفات الإقتصادية والمالية الدولية، ثمّة مَن يقول إنّ الرئيس الصيني يحمل مبادرة لمواجهة الترددات السلبية للمواجهة الإيرانية – السعودية وسيكون له موقف منها سعياً الى تطويقها عبر فتح كوة في اتجاه إطلاق الحوار مجدَّداً بين الدولتين.

وتتزامن الجولة الصينية مع وصول موفد خاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى المنطقة في مهمة ديبلوماسية طارئة تتناول الملفات عينها، في وقت يبذل وزير الخارجية الأميركي جون كيري جهوداً مماثلة بجدول أعمالٍ يكاد يكون مستنسَخاً عن جدول أعمال الزيارة الصينية والمهمة الروسية.

وتتزامن هذه الحركة الديبلوماسية الدولية مع زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد اليوم الى موسكو حيث سيلتقي بوتين تحت عنوان البحث في الأزمة السورية والتداعيات الإقتصادية الناجمة من أزمة النفط العالمية الذي يُهدّد انخفاض اسعاره الشركات الكبرى في العالم، وبهدف التنسيق في تسويق الغاز القطري وسط المنافسة التي حيكت حولها روايات كثيرة مع العملاق الروسي في سوق الغاز الطبيعي.

وعلى هذه الخلفيات، تتساءل المراجع الديبلوماسية عن حصة الملف اللبناني وموقعه على لائحة أولويات الدول في حضور الملفات الكبرى المالية والإقتصادية والعسكرية ليُبنى على كلّ هذا الحراك الدولي إمكان أن يكون ملف الإستحقاق الرئاسي في طياته.

ممّا لا شكّ فيه، تقول المراجع عينها، إنّ أيّ انفراج يتحقق في هذه القضايا والملفات، خصوصاً تلك المتصلة بالأزمة السورية والعلاقات بين طهران والرياض سيفتح الطريق مستقبلاً امام إمكان البحث عن تفاهم يطاول ملف الإستحقاق الرئاسي في لبنان كنتيجة حتمية لأيّ تقارب بين هذه العواصم لينعكس انفراجاً لبنانياً. ولكن كيف ومتى؟

تقول المصادر الديبلوماسية إنّ من المفيد للبنانيين في هذه المرحلة الإستمرار في كلّ ما يؤدّي الى الحفاظ على الحدّ الأدنى من الأمن بكلّ الوسائل المُتاحة وحماية كلّ أشكال الحوار القائم سواءٌ على مستوى «هيئة الحوار الوطني» أو «الحوار الثنائي» بين تيار «المستقبل» وحزب الله الى اللحظة التي يمكن أن تُخصّص الدول التي توفر المظلّة الآمنة للبنان بنحو واضح وصريح جزءاً من الجهود المبذولة لمعالجة الأزمات الكبرى، لملف الإستحقاق الرئاسي.

وتعترف المراجع نفسها بأنّ هذا الملف غاب عن لائحة الإهتمامات الدولية منذ فترة طويلة ولم تنفع التحذيرات التي أطلقها السفراء المعتمدون في لبنان الى القيادات اللبنانية للإفادة من لحظة الإنشغال العالمية بالملفات الكبرى للنفاد باستحقاقاتهم الداخلية من طريق تفاهمات محلّية ليست مستحيلة.

لكنّ أحداً لم يصدقهم، فبقيَ المؤثرون في اللعبة الداخلية يراهنون على انتصارات خارجية وهمية لإستثمارها في الداخل، وبقي الوضع معلّقاً على مثل هذا الرهان الذي طال انتظاره.

وعليه تُجدّد المراجع الديبلوماسية الدعوة الى عدم انتظار زيارة روحاني لباريس ليُبنى عليها تحوّل ما في شأن الإستحقاق الرئاسي لتتقدم هذه المبادرة او تلك. فانتظار هذه المحطة وحدها فيه كثير من السخف والغباء معاً ومَن يعش يرَ