شكل الاقتراح الذي كان تقدم به رئيس مجلس النواب نبيه بري باسم كتلة التحرير والتنمية تقديم موعد الانتخابات النيابية الى ما قبل نهاية العام الحالي، اي اختصار فترة التمديد الثالثة للمجلس حوالى اربعة اشهر، خطوة مهمة وجريئة للاسراع في اخراج البلاد من المراوحة وبما يفتح الباب امام تجديد الحياة السياسية ولو ضمن الحد الادنى الممكن.
لذلك فالسؤال الاول، ما هي الايجابيات المحتملة، لهذا الاقتراح لو جرى الاخذ به من قبل الكتل النيابية المكونة لمجلس النواب؟
وفق مصدر سياسي بارز في 8 آذار، فلهذا الاقتراح جملة ايجابيات ابرزها الآتي:
ـ الايجابية الاولى، تستبق اي امكانية من قبل بعض الكتل والقوى السياسية لحصول تمديد رابع تحت حجج وتبريرات جاهزة منذ اليوم، ليس اقلها عدم جهوزية البطاقة البيومترية في ايار المقبل، مع ارجحية عدم انجازها قبل انتهاء مدة التمديد الثالثة، على الرغم من الشوائب ورائحة الصفقات التي تفوح من صفقة البطاقة البيومترية.
ـ الايجابية الثانية: استباق اي تطورات وتداعيات سلبية قد تحصل على المستوى الاقليمي او حتى على المستوى اللبناني، قد تفضي الى تبرير تأجيل الانتخابات، خصوصاً ان حصول مثل هذه المتغيرات السلبية امر مرجح جداً، ان من حيث قيام العدو بعدوان باتجاه احد الساحات العربية في قطاع غزة او سوريا او لبنان.
ـ الايجابية الثالثة: استفادة لبنان ومؤسساته المختلفة من فترة لا تقل عن اربعة اشهر، من حيث اعادة تكوين السلطات الاساسية على مستويي مجلس النواب والحكومة، ما يعطي دفعاً قوياً لتنشيط عمل المؤسستين التشريعية والتنفيذية ومعهما باقي المؤسسات.
ـ الايجابية الرابعة: ان اعادة تكوين المؤسسات سيؤدي حكماً الى اعتماد سياسة مخالفة لكثير من السياسات الحالية، بما خص العديد من الملفات الكبرى بدءاً من مسألة النزوح السوري على اعتبار ان كل الترجيحات تشير الى حدوث متغيرات على مستوى عدد من الكتل في مجلس النواب ومن حيث تراجع هيمنتها على قرار المجلس واستتباعاً الحكومة، وايضاً امكانية ولادة كتل جديدة.
ـ الايجابية الخامسة: حصول انتعاش في الوضع الاقتصادي، على اعتبار ان حصول الانتخابات وتجديد الحياة السياسية، ولو بالحد الادنى، سيؤدي حكماً الى تحسين الثقة الخارجية بلبنان على المستويات المختلفة، يضاف الى ذلك ان الحكومة التي ستتشكل بعد الانتخابات ستكون قادرة اكثر من الحكومة الحالية على الدفع بالمعالجات الاقتصادية والمالية، مع العلم ان الحكومة الحالية اتت كحكومة اعداد للانتخابات، ولو انها اعطت لنفسها «حكومة اعادة الثقة».
وعلى هذا الاساس يقول المصدر السياسي، ان الاهم من كل ذلك ان تقديم موعد الانتخابات، تبرير البعض لرفض هذا الاقتراح بانجاز البطاقة البيومترية، هو كلام لا ينطبق على الواقع لاعتبارين الاول: انه يمكن التعويض عن هذه البطاقة باعداد التسجيل المسبق لعملية الانتخاب بحيث يؤدي ذلك الى منع اي تزوير في عملية التصويت، والثاني: ان هناك شكوكاً كبيرة في انجاز هذه البطاقة حتى ايار المقبل، ما يعني اما العودة الى اجراء الانتخابات دون هذه البطاقة او محاولة التمديد لفترة رابعة بحجة انجاز هذه البطاقة، مع العلم ان الحكومة ومعها وزارة الداخلية لم تتخذ اي خطوة بهدف اطلاق الناخب على المبادىء الاولية لطبيعة عملية الانتخاب وفق القانون الجديد، ولا حتى تحدثت او هي بطور اعداد دورات لرؤساء الاقلام والاشخاص الذين سيشرفون على عملية الاقتراع، ما يطرح الكثير من علامات الاستفهام، مع ان الجميع يقرّ ان القانون فيه تعقيدات كبيرة ويحتاج الى وقت لكي يدرك الناخب طبيعته.
لكن يبقى السؤال الآخر، هل ان هذا الاقتراح قابل للحياة، وبالتالي ما هي مواقف بعض الكتل المقررة في التصويت داخل مجلس النواب؟
في معطيات المصادر ان هناك صعوبة في تمرير الاقتراح عندما يتم طرحه في احدى الجلسات التشريعية ـ مرجح في الجلسة المقبلة ـ لان هناك ثلاث كتل وازنة اعترضت بشكل او بآخر على الاقتراح:
ـ تكتل التغيير والاصلاح في ظل اعلان رئيس التيار جبران باسيل من واشنطن اعتراضه عليه، بحجة انه ينسف الاصلاحات. لكن بحسب المصدر السياسي ان ابقاء هذا الرفض مرده الى ان التيار غير جاهز لخوض الانتخابات في الشهرين المقبلين، خصوصاً ان المؤشرات تتحدث عن صعوبة كبيرة في حصول تحالف بينه وبين القوات في كثير من الدوائر على اقل تقدير، وبالتالي فالتيار متوجس من خسارته العديد من المقاعد في دوائر عدة مثل كسروان وجبيل والمتن وغيرها.
ـ تيار المستقبل، الذي هو ايضاً ليس فقط غير جاهز للانتخابات، بل انه قلق جداً من نتائج هذه الانتخابات ليس فقط في حال جرى تقديم موعدها، بل لو حصلت في ايار المقبل، فرغم انه لا يزال التيار ذات التمثيل الاوسع على المستوى السني، الا ان طبيعة قانون الانتخابات ترجح خسارته لعدد كبير من النواب من طرابلس الى عكار مروراً ببيروت وصيدا والبقاع الغربي.
ـ الحزب الاشتراكي، الذي يخشى تراجع عدد نواب كتلة اللقاء الديموقراطي الى حدود الخمسة نواب، ويقول المصدر السياسي ان النائب وليد جنبلاط يدرك انه حتى ولو تمكن من جمع القوى السياسية الاساسية في الشوف وعاليه ضمن لائحة كبرى فهو مضطر لارضاء هؤلاء الحلفاء من التيار الوطني الحر الى المستقبل والقوات اللبنانية وصولاً الى النائب طلال ارسلان، واما في حال عجز عن جمع هذه القوى ضمن لائحة واحدة فالخسارة قد تكون اكبر عندها، مع العلم ان المصدر السياسي يعتقد انه بغض النظرعن طبيعة اللائحة التي سيتم تشكيلها بين هذه القوى، من المرجح ان يصار الى تشكيل لائحة ثانية يمكن لها ان تحدث خرقاً في اللائحة الاساسية، لان حصولها على 20 بالمئة من اصوات الناخبين مسألة ممكنة جداً.
في كل الاحوال يرى المصدر السياسي انه رغم اعلان معظم القوى السياسية عن ان الانتخابات ستجري في موعدها، الا ان هذا الاعلان يمكن «بلعه» في اللحظات الاخيرة، اذا وجدت بعض القوى ان حصول الانتخابات سيفقدها جزءاً كبيراً من عودة النواب الذي تعوّل عليه للمرحلة اللاحقة.