«البلديات» في موعدها.. أو تنتظر من يحمل عبء التأجيل؟
لهذه الأسباب يريد «التيار» و«القوات» الانتخابات
يستفيد وزير الداخلية نهاد المشنوق من الهامش الاقصى للمهل الدستورية لتأخير دعوة الهيئات الناخبة البلدية. لا يحتاج الوزير الى اعطاء التبريرات في هذا المجال، ما دام ملتزما المواقيت المحددة بنهاية الشهر الحالي. لكن ذلك يعزز من التساؤلات حول مدى جديّة حصول الانتخابات. فاللبنانيون الذين اختبروا تكرارا استسهال التأجيل والتمديد، يشككون في الدولة ووجودها، فكيف بالتزامها باستحقاق دستوري انتخابي؟
تؤكد اوساط متقاطعة ان الانتخابات البلدية ستحصل. لا أحد يمكنه تحمّل الثقل المعنوي لتأجيلها، وسط وصول امتعاض الناس وشكواهم الى حد غير مسبوق.
أما المشككون من السياسيين فيعتبرون أن وجود لبنان على فالق الزلازل السياسية الداخلية والاقليمية كفيل بتطيير بلد، فكيف بانتخابات بلدية؛ الا أن هؤلاء أنفسهم يؤكدون أنه باستثناء حدث جلل قد يغيّر الـ «ستاتيكو» القائم، فان الارجحية هي لانجاز الانتخابات.
ومع ذلك، فان هذه الانتخابات كأس مرّة على معظم الاحزاب السياسية، عليهم تجرّعها مكرهين، ويتمنون لو أمكنهم التغاضي عنها وتأجيلها. يمكن استثناء «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية» في هذا المجال للاسباب التالية:
اولا: يطمح الحزبان الى تحقيق «فوز كاسح» لهما في الانتخابات البلدية. فهذا سيؤكد ما يروجان له من تمثيلهما لغالبية الشارع المسيحي. ويفترض الحزبان انهما قادران معا على تحقيق مثل هذا الفوز. بالتالي سيكون ذلك اختبارا لهما لمعرفة دقة رهاناتهما.
ثانيا: ستشكل هذه الانتخابات، التي يتداخل فيها الحزبي والسياسي والعائلي والخدماتي والشخصي، «بروفا» لما يمكن أن تكون عليه مشهدية الانتخابات النيابية. هنا ايضا سيتاح لهما معرفة كيفية عمل كل من ماكينتيهما ومفاتيحهما الانتخابية ومراكز الثقل والضعف فيهما.
ثالثا: سيتكتلان، خصوصا في البلدات والبلديات الكبرى، وتلك التي لها رمزية معينة، لمواجهة خصومهما المفترضين. ولن يترددا في السعي الى إقفال «بيوت سياسية» ان استطاعا، او حتى «شن حرب إلغاء» لاحزاب او تجمعات سياسية. في كتابهما، أن ذلك «مشروع ما دام صندوق الانتخاب هو من يقرر، وذلك في اصغر الدوائر تمثيلا حيث الناس يختارون من يعرفونه مباشرة ويثقون به».
رابعا: يريد كل من «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية» أن يظهرا منسجمين مع طروحاتهما وتمسكهما بالانتخابات واجراء الاستحقاقات في مواعيدها.
لهذه الاسباب يمكن اختصار رغبة الحزبين المذكورين باجراء الانتخابات. لكن هذا لا ينطبق على سائر القوى المسيحية. فحزب «الكتائب» مثلا سيجد نفسه يخوض معارك قاسية في مواجهة الحلف المذكور الذي لن يتردد في محاولة تحجيم حضور «الكتائب»، والنائب ميشال المر كذلك، في عقر دارهما المتنية. هنا ليس ضروريا ان يربحا بالكامل. يكفي ان يسجلا اختراقات كبيرة ليرفعا شارة النصر. وهذا ما يسعيان اليه ويتلمسان سبله.
واللافت للانتباه ان «القوات» و «التيار» باشرا بتحديد معاركهما والبحث في سبل خوضها، واحيانا تجنبها. ففي جبيل مثلا، يميلان الى الابتعاد عن دخول المواجهة. وفي جونيه، حيث «رئيس بلديتها رئيس 53 بلدية»، كما يردد بعض الكسروانيين، لانه سينتخب على الارجح رئيس اتحاد بلديات المنطقة، فان الصورة لم تتبلور وان كانت تؤشر الى أقسى معركة سياسية، ينزل فيها كل الاطراف بثقلهم الانتخابي. المعركة فيها شديدة التعقيد والكلفة على الجميع، خصوصا أن الانتخابات النيابية المؤجلة لن تكون بعيدة نسبيا. فمن يحتمل دلالات الخسارة في «عاصمة كسروان والموارنة»، سواء من الاحزاب او القوى السياسية المحلية؟
يبقى أن كل انتخابات تسكنها شياطين التفاصيل، فكيف اذا كانت انتخابات بلدية في لبنان؟