Site icon IMLebanon

لهذه الأسباب وُلدت «المبادرة السياسيّة» لمسيحيي 14 آذار ميتة

إختار بعض نواب الـ14 من آذار وبعض النواب «المستقلين» أن يكون الإحتفال بالذكرى الأولى «للشغور» الرئاسي من بكركي لما لها من رمزية هامة على الصعيد الوطني والمسيحي، ولكن كما يقول المثل تجري الرياح بما لا تشتهي السفن. مصادر مراقبة من قوى 8 آذار لهذه التحركات تقول إن هذه القوى صوبت بإتجاهين، خسرت كليهما عندما أرادت بالدرجة الأولى إجهاض مبادرة الجنرال عون وقطع الطريق على مناقشتها عبر تشتيت الإنتباه بعدما تحولت كل الأنظار صوبها، والهدف الثاني هو زجّ بكركي في إستحقاق الرئاسة التي كان لسيدها دائما مواقف داعية لإنتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت، من هنا كان إستغلال هذه القوى لدعوة بكركي الدائمة بموضوع الرئاسة والتحذير من موضوع الشغور فكان فخّ «النصاب» الذي وقع فيه نواب مسيحي 14 آذار- الذي إستدركته بكركي- عبر بيانها الذي صدر لاحقا لينسف كل الأحلام بإمكانية تبني البطريرك الراعي لهذا الطرح وبالتالي إظهاره وكأنه مع طرف ضد آخر وهو ما ترفضه مصادر بطريركية وتعتبر أنه يضرّ بالتمثيل المسيحي وبمنصب رئاسة الجمهورية الذي تكرر بكركي قولها بضرورة أن يكون المتصدي لها من الأكثر تمثيلا و«الأقوى» بين المسيحيين، وهنا يكمن.. بيت القصيد!

مصادر مسيحية اشارت الى إن ما سُمي «بالمبادرة السياسية» التي حاول بعض النواب إطلاقها من بكركي ولدت ميتة لإعتبارات عدة، أولا بسبب تنصّل بكركي من تبنيها وخاصة بموضوع «النصاب» المفروض لإنتخاب رئيس للجمهورية بأنه «النصف زائدا واحد»، وهو ما سارعت مصادر عين التينه والرئيس بري برفضه معتبرة إياه مخالف للدستور بإعتبار أن النصاب ومنذ تأسيس الطائف- يعتمد على أساس أكثرية «الثلثين» وقد سبق أن جرت محاولة مماثلة لفرض هذا الطرح في إنتخابات 2007 ولكنها باءت بالفشل رغم أن نواب 14 آذار كانوا يمتلكون وقتها أكثر من نصف أصوات المجلس، والسبب الآخر هو أن بكركي تدرك أهمية الحصول على رضى برّي من أجل تمرير أي إستحقاق كونه «مايسترو» التسويات، وبكركي لن تغامر بالعلاقة معه من أجل الترويج لطرح غير قابل للحياة أصلا، والسبب الثالث هو أنّ سيد بكركي يحاول أن ينأى بنفسه من أن يكون طرفا في السجال المسيحي أو أن يزيد الفجوة الموجودة أصلا بين الأقطاب المسيحية- وتحديدا بين القوات والتيار الوطني – الذي يحاول كلاهما أن يسحب من غبطته موقفا داعما له في معركة الرئاسة التي يحارب فيها الطرفان كلٌ على جبهة مضادة للآخر.

تتابع المصادر القريبة من 8 آذار أن مثل هذه التحركات التي يقودها بعض أقطاب 14 آذار لن تكون الأخيرة وإن كانت تعطى عنوان مواجهة «الشغور الرئاسي» والذي سبقه لقاء «الوسطيين» الذي ولد برعاية الرئيس السابق ميشال سليمان للغرض عينه، ولم يُحدث أيضا اي فرق إن كان بموضوع إنتخابات الرئاسة أو موضوع التمثيل المسيحي الحقيقي، كلها محاولات لرفع «الحرج» أمام الجمهور المسيحي الذي يدرك عمق الخلاف والتشرذم بين أبرز مكوناته وهو ما يضعف القرار المسيحي ويؤثّر بالتالي على الإتفاق على مرشّح «قوي» وهو ما يتوافق مع رؤية بكركي الدائمة، وبمواجهة الطرح المضاد الذي يرمي كرة إنتخاب الرئيس بملعب المسيحيين وحدهم على إعتبار أن الشخص الذي يتفق عليه كل الأطراف المسيحية ويتوافقون عليه سوف يسير به الجميع.. ولكن أين الواقع من ذلك؟

بعض الأوساط المتابعة لتحركات مسيحي 8 و14 آذار تقول إن المأزق السياسي الكبير الذي تمرّ به البلاد – في مفصل مهم منه – يتحمل مسؤوليته المسيحيون أنفسهم، بدءاً من الطائف الذي سحب بعض صلاحيات رئيس الجمهورية ومنحها لرئاسة الحكومة ما جعل القرار المسيحي خاضع للمساومات أو الضغوطات التي تحكم الوضع السياسي الداخلي، وإن كان موضوع الرئيس «التوافقي» يدخل في صلب الأعراف والحياة السياسية اللبنانية منذ تأسيس الكيان اللبناني، ما يجعل نظرية أن الرئاسة هو شأن مسيحي بحت، بمثابة الهروب إلى الوراء، وتضيف هذه المصادر بالقول إنّ رؤية البعض حول ضرورة الذهاب نحو مؤتمر تأسيسي إنما يصبّ في صالح المسيحين في محاولة لإستعادة بعض من الدور المفقود أو «المسلوب»، ولكن السؤال المطروح اليوم أين هم المسيحيون في لبنان من المواضيع الخلافية الداخلية والإقليمية، وكيف يمكنهم طرح معضلة «الحقوق» المسيحية إذا كانت رؤيتهم لمنصب وشخص الرئيس غير متطابقة، أو ما هي طبيعة نظرة البعض إلى بكركي كونه الحَكم أو المرجع أو الطرف، كلها تساؤلات تقول مصادر مسيحية عنها بأن الحاجة هي قبل عقد مؤتمر تأسيسي وطني جامع، أو حتى تنشيط الحوار الإسلامي – المسيحي، يكون بضرورة عقد لقاء مسيحي شامل موسع برعاية بكركي أو حتى ممثل عن الفاتيكان من أجل توحيد رؤية مسيحية شاملة أو على الأقل مناقشة «النفور» الواضح الذي عجزت كل الحوارات الجانبية أو «اللقاءات» الثنائية أو المبادرات «البهلوانية» على فكّ رموزها!».