بدأ أنصار النائب سليمان فرنجية يتوزعون المناصب الوزارية وحتى الإدارية إنطلاقاً من يقين راسخ لديهم بأنّ «البيك» صار رئيساً لا محالة. وانه «رئيس مع وقف التنفيذ» كما قال أحد الأصدقاء المحامين المتحمّس لأبي طوني والذي يثق بقدرته على «إبتكار الحلول»، كما قال، لإنقاذ البلد من المآزق والأزمات الكثيرة التي يتخبط فيها.
وعندما تسأله: وماذا عن وزارة النفط؟ فالجواب حاضر، وسريع: إنها من حصة جيليبر شاغوري وإذ تقول له إن الشاغوري رفض مراراً وتكراراً أن يكون نائباً أو وزيراً يأتي جوابه مباشراً وسريعاً ايضاً: هذه الوزارة يجب ألا يستأثر بها طرف واحد. ويضيف: جيلبير يمكن أن يشكل مركز تقاطع لأطراف عديدة. فهو أولاً صديق لسليمان بك وموضع ثقته، إضافة الى كونه إبن منطقة زغرتا (من بلدة مزيارة). وهو ثانياً صديق مقرّب جداً من الرئيس نبيه بري، والصداقة بين الجانبين عائلية ولا تقتصر على رئيس المجلس النيابي والملياردير المزياري. والى ذلك هو، ثالثاً، مقرّب من العماد ميشال عون (قبل أن يستدرك ليقول: إنه «كان» مقرّباً من الجنرال). ورابعاً هو على أطيب علاقة بالرئيس سعد الحريري. ويضيف: وقلّما تجد شخصية يمكن أن تتقاطع عندها هذه المرجعيات كلها. ناهيك بعلاقته «التاريخية» الممتازة مع بكركي والمستمرة الى اليوم، واما علاقته بسماحة السيد حسن نصرالله فأكثر من ممتازة (…) .
وماذا عن العلاقة بين الشاغوري والدكتور سمير جعجع؟ يجيب المحامي: لا أعرف عنها شيئاً.
وفي هذه النقطة بالذات تشير معلوماتنا الدقيقة الى أنّ محاولات جادّة جرت قبل بضع سنوات لـ»تظبيط» هذه العلاقة بين الرجلين ولكنها لم تؤد الى نتيجة. فلقد قام المرحوم رينيه انطون بمحاولة جادة لجمع الرجلين فنجحت المحاولة في جمعهما وفشلت في النتيجة. وفي التفاصيل ان المرحوم رينيه انطون، وهو ابن مزيارة، وصديق مقرّب جداً من الدكتور سمير جعجع، والقوات اللبنانية عموماً، كما أنه إبن عمّة جيلبير شاغوري وكان أحد كبار المسؤولين الإداريين في مؤسسات الشاغوري…. كان قد رتّب لقاء بين الرجلين في بلد أوروبي شرقي… وعقد اللقاء، لكن «الكيمياء» لم تسر بينهما، فاقتصر اللقاء على كسر الجمود لا أكثر. وقضى رينيه انطون جراء داء عضال قصفه وهو في عزّ عطائه وعمره. فقضى مأسوفاً على شبابه وآدميته واخلاقه الرفيعة… ولم يمكنه قدره من تكرار المحاولة…
في أي حال ان حمية وحماسة وولاء الزغرتاويين لزعمائهم معروفة جداً. وربما كان هؤلاء الزعماء من القلة بين القيادات اللبنانية الذين يعتبر أصدقاؤهم وأنصارهم أنهم وصلوا بوصولهم. لذلك ليس مستغرباً ما عرضته شاشات التلفزة، وما نقلته وسائل الإعلام من لبنانية ودولية من زغرتا إثر الإعلان عن التسوية الرئاسية الجدّية التي سرت على ترشيح رئيس تيار المردة لرئاسة الجمهورية. فقد بدأت الإحتفالات، ولو على نطاق فردي، منذ ثلاثة اسابيع، وليست مرشحة لأن تتوقف الى حين «إكتمال الأفراح» بانتقال البيك الى قصر بعبدا على حدّ ما يقولون في تلك البلدة الشمالية المهمة التي لعبت أدواراً مهمة، بل ومفصلية، في تاريخ لبنان في حقول الدين والدنيا. فزغرتا رفدت الوطن بنخبة كبيرة من كبارات الرجال، خصوصاً منذ البطريرك اللاهوتي الكبير والمؤرخ الموسوعي مار اسطفان الدويهي مروراً بـ «بطل لبنان» يوسف بك كرم الذي ملأ الدنيا وشغل الناس وتصدّى للدولة العثمانية وخاض حروباً ضد المتصرف داوود باشا… الى حميد بك فرنجية «رئيس مؤتمر الشعوب العربية» في عهد جمال عبد الناصر، الى الرئيس سليمان بك فرنجية، فالعلامة جواد بولس، فالرئيس الشهيد رينيه معوض فالمطران هيكتور الدويهي، فالعلامة الأب الدكتور يوسف يمين فمجموعة من كبار الضباط والقضاة والمؤرخين والعلماء (…).