لم تلتئم «جراح» القوات اللبنانية في كسروان، الناتجة من الانتخابات البلدية الأخيرة. المسؤولية يُحمّلها الحزبيون إلى شوقي الدكاش، المُرشح إلى الانتخابات النيابية. يلوّحون بعدم منحه صوتهم التفضيلي، فيما هو ينفي أي معارضة له في كسروان
أسقطت الانتخابات البلدية الأخيرة القناع عن «الحياة الوردية» للقوات اللبنانية في كسروان. فالحزب الذي ينجح، في غالب الأحيان، بستر التباينات والصراعات والخلافات الداخلية، خانته قواه في أيار الماضي. «رضّات» الانتخابات البلدية (أيار 2016) في عددٍ من البلدات الكسروانية، الناتجة من غياب القرار الموحّد، وعدم التزام بعض القواتيين بقرارات القيادة، التي كانت مُمثّلة بشوقي الدكاش، لم تُعالَج. وسيكون على الرجل حملها معه زوادةً إلى الانتخابات النيابية المقبلة.
في وقت بدأت تصل فيه إلى معراب تقارير تُفيد بتوجّه قواتيين (بينهم مسؤولو قطاعات) إلى عدم إعطاء أصواتهم التفضيلية لمُرشح الحزب. «ورطة» الانتخابات البلدية، وتبعاتها، ترافقت أولاً مع عدم تكليف الدكاش بمُتابعة ملف الانتخابات النيابية. وهو ما يؤكده لـ«الأخبار» عبر قوله إنّه «غير مُوكّل القيام بالمفاوضات»، لجهة التحالفات.
وحين يُسأل عمّن يُتابع الملف، يجيب: «لا أعرف». أما الأمر الثاني، فهو تعيين مُنسّق جديد لـ«القوات» في كسروان هو جان الشامي، خلفاً لجوزف خليل الذي يُنقل عنه رغبته في وضع ترشيحه إلى «النيابة» في عهدة معراب. ليس الشامي «خصماً» للدكاش، لكن علاقتهما غير ثابتة منذ سنوات. مصادر قواتية كسروانية تُخفف من انعكاس اختيار الشامي سلباً على الدكاش، كون المنسق الجديد «يتعاطى السياسة بدبلوماسية من دون الغوص في الخلافات الداخلية. ونقطة قوته هي تواصله وقربه من القاعدة الحزبية».
والنقطة الثالثة هي أنّ القوات لا تزال عاجزة عن تفعيل عملها الحزبي، وملء الفراغات في بعض اللجان المحلية التي أصابتها الترهلات كيحشوش وجونية وذوق مصبح وعينطورة وريفون وفيطرون وفاريا… في هذه البلدات، مسؤولون قواتيون سابقون وحاليون، لا يخفون امتعاضهم من خيار الدكاش: رئيس مصلحة المعلمين رمزي بطيش، رئيسا قطاع الجرد السابقان ناصيف نخول وطوني خليل، المحامي شارل غصن، مسؤول قطاع جونية السابق عادل نجيم، المهندس جورج مهنا. أما في القليعات، فلا يزال الوضع الحزبي «تحت السيطرة»، رغم أنّ المُنسّق السابق زياد معلوف «يتحّرك في القضاء مُحاولاً تسويق نفسه كمُرشح، من دون أن يُعلن عن ذلك صراحةً»، كما تقول المصادر القواتية. وتُضيف بأنّ أصداء «المعلوف بين القاعدة القواتيّة أفضل من غيره».
لتكون النتيجة مُرشحاً رسمياً للانتخابات هو الدكاش، إضافةً إلى خليل والمعلوف، الطامحين إلى ذلك. فيتعين على الدكاش «العمل على تخفيف الاحتقان ضدّه، حتى لا يؤثر عليه سلباً في الأصوات التفضيلية»، بحسب مسؤول حزبي كسرواني مُناوئ لـ«القوات». مع إشارته إلى أنّه «لا يُمكن تحميل الدكاش كامل مسؤولية ملف البلديات، كون رئيس الحزب سمير جعجع كان المايسترو الفعلي. والأخير قادر على أن يمتص امتعاض القواتيين من الدكاش بسهولة».
بعد استحقاق أيار 2016، شُكّلت لجنة تقصي الحقائق في معراب من أجل البحث في الانتخابات البلدية. يقول أحد الذين قدموا شهادتهم إنّ «الاستنتاجات بقيت سرية»، آسفاً لاعتبار الحزب ما حصل «مرحلة وانقضت. أمّا نحن، فلا نزال على موقفنا المعارض». يُصر المصدر على أنّ الدكاش «لا يحصل على أكبر نسبة من الأصوات التفضيلية. قيادة القوات تُفوّت على نفسها فرصة التمثل في أهم دوائر جبل لبنان الانتخابية، بإصرارها على مُرشحها»، وخاصة أنّه في جبيل أيضاً، يواجه مُرشحها زياد الحواط معارضة من الحزبيين. انطلاقاً من هنا، تتولّى «وفودٌ ولجان قواتية من البلدات الكسروانية نقل الرأي المُعارض إلى معراب، لمُحاولة إنجاز خرقٍ ما قبل الانتخابات النيابية». وفي حال فشلها في مسعاها، «نتجه إلى أن يكون لدينا خيار آخر في الصوت التفضيلي، من دون أن يكون هدفنا شقّ القوات».
يبتسم الدكاش بهدوءٍ حين يُسأل عن المعطيات أعلاه، حاسماً النقاش بجملة واحدة: «كلّ الكلام غير صحيح. لا يوجد معارضة داخل القوات. ولا علم لي بزيارات أو تقارير تُقدّم إلى معراب». يعتقد أنّ وضعه في كسروان «جيّد جداً»، وكذلك بالنسبة إلى الحزب بشكل عامّ. رغم اعترافه بأنّه «مهما فعلنا نبقى مُقصّرين ويجب أن نُفعّل العمل الخدماتي». يؤكد أنّ علاقته جيّدة بكل الأسماء المذكورة، ولكن «سياسة القوات قائمة على ترشيح شخص واحد في كلّ دائرة، هكذا فعلت في الـ 2005 والـ 2009». ولكن، لم ينطبق النظام نفسه على زحلة عام 2009، مثلاً. يوضح الدكاش أنّه في الدائرة البقاعية «كنا نعرف أنّه يحق لنا بثلاثة».
لائحة «القوات»… الأضعف في كسروان ــ جبيل
في دراسة له عن موازين القوى في كسروان، بعد اعتماد صيغة النسبية والصوت التفضيلي (نُشرت في «الأخبار» بتاريخ 11 آب 2017)، يذكر الخبير الانتخابي كمال فغالي أنّ مُرشح القوات اللبنانية شوقي الدكاش تراجع من المرتبة السابعة بين المرشحين (في حال اعتماد النظام الأكثري) وبنسبة تأييد 16.5%، إلى المرتبة الثامنة (بعد اعتماد النسبية)، بنسبة تأييد لا تتجاوز الـ 1%. في حين أنّ النائب السابق منصور البون جاء في المرتبة الأولى بنسبة 12.5%، والوزير السابق فريد هيكل الخازن في المرتبة الثانية مع 12%. أما العميد المتقاعد شامل روكز، فحلّ ثالثاً بنسبة 10%، يليه نعمة افرام مع 4%، والوزير السابق زياد بارود الذي حاز 3.6%. تستند مصادر سياسية في كسروان إلى هذه الأرقام. وتُضيف إليها «ما يُنقل عن لسان البون بأنّه سيُشكل لائحة مع الخازن، والمهندس مارون الحلو، وحزب الكتائب الذي يُفضّل البون أن يتمثل بغير مسؤول الإقليم في كسروان شاكر سلامة لأنه برأيه لا يشدّ عصب عائلته وبلدات وسط القضاء». واتجاه البون إلى إعادة اللحمة بينه وبين النائب السابق فارس سعيد في جبيل، فضلاً عن النقمة القواتية على مُرشح القوات زياد حواط والأصوات المعارضة للدكاش لتقول إنّ «لائحة القوات في كسروان ــ جبيل ستكون الثالثة، بعد لائحة العائلات والقوى المعارضة، ولائحة التيار الوطني الحر الذي لا يزال القوة التجييرية الأولى»، فضلاً عن وجود نسبة كبيرة من «قوات ــ فريد، وقوات ــ منصور، وقوات ــ فارس». لم يكن تقاسم القواعد مُشكلة في ظلّ القانون الأكثري السابق، ولكن اليوم بات على الناخب أن يُحدّد خياره، «والأرجح أن يذهب إلى من يؤمّن له مصالحه الخدماتية. القوات لا تفعل شيئاً على هذا المستوى».
للدكاش رأي آخر، لا يستند إلى أرقام، فيؤكد أنّ القوات اللبنانية، وحدها، هي «القوة الثانية. نعرف حجمنا وكم بإمكاننا أن نحشد، والانتخابات ستُظهر ذلك». لماذا إذاً تُصرّون على ضمّ المستقلين؟ يرّد بأنّ هؤلاء «قيمة مُضافة». أما بالنسبة إلى تقاسم القاعدة مع مرشحين مستقلين، فهو يعتقد أنّه «لا يوجد سوى قوات واحدة، والحزبي يلتزم بقرار القيادة مهما يكن».