لا يزال الفراغ سيّد الموقف في سدّة الرئاسة الاولى، على رغم تصوير موعد الجلسة الـ45 لانتخاب رئيس في 28 أيلول الجاري، أنها المحطّة الأخيرة لانتخاب رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية، ولكن ليس في الافق أي بصيص أمل بحيث تبقى وعود المراهنين وتمنياتهم في هذا الاطار حلماً حتّى الساعة، والتفاؤل الوحيد الذي يمكن أن يترجم في الفترة المقبلة يقتصر على الاتفاق على قانون انتخاب.
رفعت التسريبات حول احتمال موافقة الرئيس سعد الحريري على ترشيح عون من أسهمه الرئاسية، وهي ليست المرة الاولى التي يبدو فيها التفاؤل عالياً في صفوف «التيار الوطني الحر» لوصول عون للرئاسة، فسبق أن تمّ الترويج لهذا الموضوع في جلسة الانتخاب في 8 آب الماضي عندما قيل إنّ «حزب الله» حزم أمره وقرر انتخاب عون.
في غضون ذلك، لا يزال الحريري صامتاً، على رغم التفاؤل العوني المبني على اللقاء الذي جمع الحريري مع الوزير جبران باسيل في باريس، تزامناً مع زيارة مستشار الحريري الوزير السابق غطّاس خوري رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في معراب.
الّا انّ ذلك لا يعتبر مؤشراً على قبول الحريري بعون، والأزمة الرئاسية لم تنضج بعد، بحسب مصدر قوّاتي الذي اكّد لـ»الجمهورية» أنه «لن يكون هناك رئيس في الجلسة الـ28، لأنه لم يتغير بعد أي شيء في الموضوع الرئاسي، فالظروف ما زالت هي نفسها، وتيار «المستقبل» متمسّك بموقفه على رغم اتصالات جعجع به في هذا الاطار، ومواقف جميع الافرقاء ما زالت ثابتة، كذلك الموقف الاقليمي الذي لم يتغير بعد، ممّا يؤشر الى انّ جلسة 28 ايلول ستلاقي مصير سابقاتها، وكنّا قد قلنا ازاء التفاؤل الذي روّج له في شهر آب إنه «لَو بَدّا تشتّي بآب كانت غَيّمت بتموز».
الى ذلك، تشير المعلومات الى انّ الحريري لم يطرح موضوع تأييد وصول عون للرئاسة مع معراب، وانّ تركيز «المستقبل» الآن يصبّ باتجاه قانون الانتخاب والتسوية التي سيتفق عليها بينه وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري، ما يدعو الى التفاؤل حول الاتفاق القريب على صيغة قانون.
ويجزم المصدر انه «ستُكشف قريباً أسباب هذه الاشاعات، والتي ربما نشرت لتساهم في تحريك الشارع العوني وشّد عصبه واعتبار انه «كان هناك أمل لانتخاب عون، لكننا خذلنا ومن هنا ضرورة التوجّه الى الشارع».
وفي هذا الصدد، تعلم «القوات» أنّ الشارع لا ينتج رئيساً بل هذا العمل يقتصر فقط على مجلس النواب، من هنا لن تشارك «التيار» في نزوله الى الشارع، وكانت معراب قد أعلمت الرابية بهذا القرار.
وفي هذا الاطار، نصح المصدر القواتي العونيين «بالمحافظة على الحكومة القائمة لأنه لا بديل عنها في غياب الرئيس»، معتبراً أنّ «هذه الخطوة قد لا تكون في وقتها، ونحن نتخوّف من دخول طابور خامس الى هذا التحرك، وكما انّ «القوات» متمسكة بالمحافظة على قائد الجيش العماد جان قهوجي، خصوصاً في ظل التجاذبات السياسية الحاصلة ولأنّ المؤسسة العسكرية هي الوحيدة الصامدة في لبنان ولا نريد ان يصيب مركز ماروني آخر الفراغ، اضافةً إلى انّ قائد الجيش الجديد يجب ان يسمّيه الرئيس بحسب العرف، فلماذا نفرض اسماً جديداً على الرئيس؟».
وفي سياق السؤال: متى يمكن أن تلجأ «القوات اللبنانية» الى الشارع؟ اكّد المصدر أنه «اذا تبيّن انه لا تجاوب في موضوع قانون الانتخاب وهناك نية للبقاء على القانون الحالي، عندها يمكن ان تتحرك «القوات» مع التيار في هذا الصدد»، مشيراً الى انّ «الاجواء السياسية العامة توحي بإمكانية الوصول الى اتفاق قريب حول القانون المختلط، ما يجعل الوقت غير مناسب للتكلّم عن تحرّك للقوات في الشارع».
لا يخفى على أحد أنّ الأزمة الرئاسية لم تنضج بعد، وعلى ما يبدو أنّ الستارة قد أسدلت على الانتخابات الرئاسية لأمد غير مسمّى، وذلك لتوظيف هذه الانتخابات في التسويات الاقليمية المفترضة والتي ايضاً لا احد يعرف متى يحين وقتها، ما يدلّ الى جمود كل المعطيات الجدّية في شأن موضوع الرئاسة، ويغلق الرهان على أيّ تغييرات منتظرة في الجلسة الـ45 المقبلة.