يقول مسؤول كبير سابق إن الفرصة لا تزال سانحة للقيادات كي تعمل على اخراج لبنان من عملية تقاسم النفوذ في المنطقة بين الدول المعنية والخلاف على حصة من يكون. فبعد الاتفاق النووي ثمة اتجاه الى حل الأزمات التي تعصف بأكثر من دولة في المنطقة وقد لا يتم التوصل الى ذلك إلا بعد الاتفاق على تقاسم النفوذ بحيث يكون الحكم في كل دولة مقبولاً من الدولة النافذة فيها. فاذا كان العراق من حصة ايران مثلاً فهي التي تتدبر شؤونه. واذا كانت اليمن من حصة السعودية فهي التي تتدبر الأمر وتقيم فيها الحكم الذي ترتاح اليه. لذلك ينبغي عبرهم وضع لبنان في سلة واحدة مع الدول المرشحة لتقاسم النفوذ وتعزيز شكل الحلول فيها.
واذا كان مصير لبنان متلازماً مع مصير سوريا فان صورة الحل في سوريا قد تنعكس على صورة الحل في لبنان والعكس صحيح. فاذ كانت سوريا حصة ايران فحصة من يكون لبنان؟ اذا لم تكن سوريا من حصة احد فهل يكون لبنان كذلك؟ فينبغي إذاً على القيادات أن تفكر من الآن بمصير لبنان فلا تجعله من حصة أحد لأنه لن يكون آمناً ومستقراً اذا دخل في لعبة المحاصصة بدليل ما حل به عندما كان من حصة فرنسا ثم من حصة بريطانيا ومن ثم من حصة أميركا، فمصر وسوريا، واسرائيل وان كانت عابرة، ولا أحد يعرف حتى الآن حصة من سيكون.
الواقع ان لا شيء ينقذ لبنان ويحافظ على استقلاله وسيادته وحريته واستقراره سياسياً وأمنياً واقتصادياً سوى اتفاق كل القيادات فيه على تحييده عن سياسة المحاور والصراعات الاقليمية والدولية لتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات والأزمات الاقليمية حرصاً على مصلحته العليا ووحدته الوطنية وسلمه الأهلي، ما عدا ما يتعلق بواجب التزام قرارات الشرعية الدولية والاجماع العربي والقضية الفلسطينية المحقة،
بما في ذلك حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى أرضهم ودبارهم وعدم توطينهم. فدقة المرحلة التي أوجبت التوصل الى “إعلان النيات” بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، توجب الآن أكثر عقد لقاء بين عون وجعجع تمهيداً للقاء وطني موسع يقرّر سبل حماية لبنان وانقاذه من تداعيات ما يجري وسيجري حوله، واللقاء بين عون وجعجع يكون من أجل تأكيد التزام “إعلان النيات” ولا سيما ما يتعلق بالبنود المتعلقة بالعودة الى مرتكزات الميثاق الوطني واحكام الدستور والمتعلقة بالمناصفة الفعلية وصحة التمثيل النيابي الفعال والشراكة الصحيحة بين مكونات المجتمع اللبناني كافة بما يحفظ قواعد العيش المشترك وترجمة ذلك في قانون جديد للانتخابات النيابية،
وفي انتخاب رئيس للجمهورية قوي ومقبول في بيئته وقادر على طمأنة المكونات الأخرى والايفاء بقسمه وبالتزامات الرئاسة بما يؤمن الشراكة الفعلية الميثاقية والمصلحة الوطنية العليا”. والعمل على “تعزيز مؤسسات الدولة وتشجيع ثقافة الاحتكام الى القانون والمؤسسات الشرعية لحل أي خلاف أو أشكال طارئ وعدم اللجوء الى السلاح والعنف مهما تكن الهواجس والاحتقانات ودعم الجيش بصفته المؤسسة الضامنة للسيادة والأمن
القومي، وضرورة التزام سياسة خارجية مستقلة بما يضمن مصلحة لبنان ويحترم القانون الدولي وذلك بنسج علاقات تعاون وصداقة مع جميع
الدول ولا سيما العربية منها بما يحصن الوضع الداخلي اللبناني سياسياً وأمنياً ويساعد على استقرار الاوضاع” وهو ما جاء في “اعلان النيات”.
أما اللقاء الوطني الموسع فيصبح ضرورياً وملحاً لتحييد لبنان الذي يحظى بتأييد داخلي وخارجي ولا سيما من الدول الكبرى.
لقد كثرت أوراق التفاهم والمواثيق وكان منها المذكرة الوطنية للبطريرك الراعي في 9 شباط 2014 وقبلها بيانات عدة صدرت عن قمم روحية مسيحية واسلامية، لكنها ظلت بكل أسف حبراً على ورق.
فهل تغير “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” هذه العادة السيئة، فيعملا على التزام بنود “اعلان النيات” وهو ما يساعد على التزام “اعلان بعبدا” لان لا شيء يخلص لبنان وينقذه من تداعيات ما يجري حوله كل مرة، سوى اتفاق كل القيادات على تحييده والا ذهب
“فرق عملة” في لعبة الصراعات بين المحاور وتقاسم النفوذ الذي اذا ما صار خلاف عليه، كان التقسيم هو الحل الذي لا مفرّ منه وهو ما حذر منه السيد حسن نصرالله لأن هذا ما تريده اسرائيل وتسعى اليه من زمان.