تعقد اللجان النيابية المشتركة جلسة اليوم في مجلس النواب حيث من المتوقع أن تدرس إقتراح قانون الإنتخاب المقدّم من كتلة “التنمية والتحرير” والذي ينصّ على اعتماد لبنان دائرة واحدة على أساس النسبيّة.
وفي السياق، يسجَّل رفض مسيحي عارم لهذا القانون الذي يُنادي به رئيس مجلس النواب نبيه برّي منذ مدّة لأنه يقضي على صحّة التمثيل ويُعيد لبنان إلى زمن اختلال التوازن، من دون أن يُحقّق أي خرق في التركيبة الحالية أو الإصلاح المنشود.
وفي السياق، علمت “نداء الوطن” أن هناك تنسيقاً يجري على قدم وساق بين نواب “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحرّ” في هذا الملف، وقد تصل الأمور إلى حدّ الإنسحاب من الجلسة لتفقد بذلك ميثاقيتها في ظل غياب المكوّن المسيحي.
وتؤكّد المعلومات أن “القوات” و”التيار” سيتمنّيان على الرئيس بري عدم طرح الموضوع في هذا الوقت لأن البلد ليس بحاجة الى انقسامات عمودية تزيد من حدّة التوتّر، بل هو بحاجة إلى خطة إنقاذ إقتصاديّة.
وتُشير المعلومات أيضاً إلى أن “التيار الوطني الحرّ” الذي يبحث عن المناصفة في موضوع المياومين وحرّاس الأحراج وكتّاب العدل ومواقع أخرى، لن يتخلّى عن قانون انتخاب ميثاقي أمّن الجزء الأكبر من صحّة التمثيل المسيحي بعد معركة خاضها و”القوات” من أجل الوصول إلى النسبية على أساس 15 دائرة، في حين أن لا مشكلة لـ”التيار” في تطوير القانون الحالي نحو الأفضل وتحسين صحّة التمثيل المسيحي والوطني وليس العكس.
من جهتها، تقول مصادر قريبة من “القوات” لـ”نداء الوطن” إن “الهدف الأساس من قانون الإنتخابات كان وسيبقى منح المكوّن المسيحي القدرة على انتخاب أكبرعدد ممكن من النواب الذين يمثلونه (من إجمالي المقاعد الـ64 المخصصة له) وتحقيق المناصفة الفعلية لا الصورية إنطلاقاً من خلفيات دستورية وميثاقية ووطنية، بالإضافة الى جملة أهداف أخرى كإعطاء الإمكانية للأقليات للوصول الى البرلمان والمشاركة في صنع القرار الوطني، إلا أن تحقيق المناصفة يبقى في قمّة الأولويات، ومن هنا يقتضي تشريح اقتراح الرئيس بري على ضوء هذا الهدف:
أولاً: إن اعتماد لبنان دائرة إنتخابية واحدة سيكرّس المثالثة من دون الحاجة إلى تعديل الدستور، حيث أنه سيعطي أرجحية كبيرة للطائفة الشيعية وتحديداً “حزب الله”، وسيطيح الشراكة الميثاقية التي تحقّقت بفعل القانون 44/2017 الحالي الذي نصّ على اعتماد النسبية على أساس 15 دائرة، ما يعني تقلُّص عدد النواب المنتخبين الفائزين بأصوات المسيحيين من نحو 56 نائباً (43.75%) إلى 42 نائباً (ما دون الثلث) فقط في أقصى الحالات خصوصاً أن النمو المسلم أكبر من النمو المسيحي، وأن جزءاً لا بأس به منضوٍ بشكل أو بآخر تحت ألوية الأحزاب والكتل غير المسيحية.
ثانياً: إن إعطاء حق الإقتراع لمن بلغ الثامنة عشرة سيزيد من عدم التوازن العددي سوءاً، وسيمنح أرجحية أكبر للطوائف المسلمة (فرق كبير بالمدرجين على لوائح الشطب ويصبح أكبر عند الإقتراع بما أن نسب إقتراع المسيحيين أقل من المسلمين) وحينها سيتراجع أيضاً عدد النواب المنتخبين بأصوات مسيحية عن الـ40 نائباً.
ثالثاً: مع تراجع التأثير المسيحي، وتراجع التأييد السنّي للرئيس سعد الحريري يصبح هناك إمكانية لامتلاك “حزب الله” مع حلفائه المسيحيين والسنّة والدروز ما يوازي ثلثَي المجلس النيابي، ما يعني السيطرة على الإنتخابات الرئاسية، والقرارات الحكومية وصولاً إلى تعديل الدستور والإستئثار بكل القرارات النيابية.
رابعاً: تكمن الخطورة أيضاً في طريقة الفرز المطروحة والمعطوفة على اعتماد الترتيب المسبق، الأمر الذي سيُتيح للّوائح الأكبر حجماً الأولوية في اختيار الفائزين. فماذا لو قرّر هؤلاء مثلاً فرض نواب على الأقضية الصغيرة لا تشبه نسيجهم السياسي وتوجهاتهم الوطنية، من خلال فرض نواب على أكثريات داخل بيئاتها: فلنتخيّل مثلاً لو قرّر الثنائي الشيعي و”التيار الوطني الحرّ” وضع مرشحهم عن قضاء بشري في رأس اللائحة، أو قرّر الثنائي الشيعي وتيار “المستقبل” ترتيب مرشحين عن قضاء البترون في رأس القائمة، وهكذا دواليك”.
إنطلاقاً من كل هذه المعطيات، فإن اللعب بالتوازنات الداخليّة يشكّل خطورة بالغة، إذ إن العودة إلى نغمة الإقصاء المسيحي لا يُفيد الشريك المسلم، بل إن الأساس هو الشراكة الكاملة لبناء الدولة وشعور كل المكوّنات بأنها ممثّلة خير تمثيل.