لم تتوقف الاتصالات والمشاورات القائمة على قدم وساق في انتظار عودة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري من زيارته الخارجية الخاصة، من اجل استيعاب تداعيات الاحداث الامنية الاخيرة في قبرشمون، وما تلاها من مواقف سياسية عالية النبرة وتعطيل لجلسة مجلس الوزراء الاسبوع الماضي، وزيارة وزير الخارجية جبران باسيل نهاية الاسبوع الى عاصمة الشمال وعكار والتي اعتبرها البعض بأنها اتت في غير توقيتها وحتى وصفت بانها استفزازية في مرحلة دقيقة، لا سيما بعد اطلاقه مواقف اعادت الى الاذهان مرحلة الحرب التي لا يزال يعاني لبنان من اثارها.
وفي هذا الإطار، اعتبرت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«اللواء» ان الوزير باسيل يشعر بأنه على تناقض مخيف مع جميع الطوائف اللبنانية، واستطردا مع المكونات السياسية الاساسية، ان كانت السنيِّة التي حصل فيها غضب كبير نتيجة المواقف الذي اتخذها، والذي استتبع بجلسة الخمس ساعات الشهيرة منذ اسبوعين بينه وبين الرئيس الحريري الذي صارحه بالقول «الذي حصل غير ما بعده» وترى المصادر بان رئيس الحكومة يطبق بالفعل هذه القاعدة معه، لجهة الصرامة، واعتبار ان ليس هناك من امكانية لاستمرار العلاقة التي كانت قائمة في مرحلة سابقة.
وتشير المصادر الى ان الغضب الدرزي الذي حصل نتيجة زيارة باسيل الى عاليه والتي افاضت الكأس بعد مرحلة طويلة من محاولات رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الانفتاح على العهد، وتم افشال كل هذه المحاولات نتيجة تصرفات باسيل الذي يسعى لان يكون له موطىء قدم درزي على مستوى الجبل. كذلك بالنسبة الى الطائفة الشيعية التي تقف على حياد، بل ربما علىالعكس بإعتبار ان الرئيس بري يسعى لاعادة تشكيل وضعية سياسية من خلال محاولته اعادة احياء ما كان يسعى اليه في مرحلة سابقة وهو اللقاء الثلاثي الذي يضم جنبلاط الحريري وبري، ولم يوافقه رئيس الحكومة ذلك في الماضي نتيجة ان العهد كان في بداياته، وكان الحريري مصر على ان يكون قريباً من العهد ومن رئيس الجمهورية.
وتؤكد المصادر ان ما ازعج الوزير باسيل كيف انه في اللحظة التي اصطدم بها مع جنبلاط يجتمع الحريري مع الاخير برعاية بري الذي يرفض بشكل واضح احالة حادثة قبرشمون الى المجلس العدلي.
من هنا تعتبر المصادر ان باسيل يرى نفسه ان لديه مشكلة سنية درزية مسيحية وكذلك مع طرف من الاطراف الثنائية الشيعية، التي تقف ضده والطرف الاخر من هذه الثنائية تقف على الحياد، خصوصا ان «حزب الله» لا يريد ان تذهب الامور الى النهاية، لان في حال حصل ذلك «سيفرط البلد» ويصبح هناك امكانية لاستهدافه في مرحلة اقليمية حساسة.
وتجزم المصادر القواتية بأن قضية قبرشمون لن تحال الى المجلس العدلي، رغم اعتبارها بان الامور السياسية مفتوحة باتجاه التصعيد، الا في حال تراجع باسيل عن تمسكه باحالة القضية الى المجلس العدلي بطلب من رئيس الجمهورية. وتتخوف المصادر من عدم نجاح الاتصالات لدعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد مما يعني المزيد من التصعيد، مع العلم ان الجميع مدرك مدى خطورة الوضع الاقتصادي والازمة السياسية، لا سيما ان الازمة الحكومية مفتوحة، وقد يؤدي ذلك الى وصول لبنان الى الهاوية، وترى المصادر ان هناك مصلحة كبرى للملمة الوضع، خصوصا أن هناك قراراً سياسياً متخذاً من قبل خمس قوى سياسية اساسية بان موضوع المجلس العدلي لا يمكن ان يمر.
وتعتبر المصادر بأن الامر لا يمكن ان يكون تحديا لانه في النهاية سيكون بموقع الخاسر. وتستبعد المصادر ان تصطلح الامور بعد ان وصلت علاقة باسيل مع كافة القوى السياسية الى الخط الاحمر، خصوصا ان موضوع استقالة وزيري جنبلاط جدية في حال احيلت قضية قبرشمون الى المجلس العدلي وهذا الموقف نقل عن جنبلاط بشكل صريح، وتوقعت المصادر انه في حال تمت الاستقالة قد يتضامن مع وزيري الاشتراكي بعض الوزراء مما يضع البلد في المجهول، اما اذا تم التراجع عن المطالبة باحالة الى المجلس العدلي قد تعاد لملمة الامور بشكل او بآخر وتعود الامور كما كانت قبل حصول هذه الازمة اي تحت السقف.
وتشير المصادر الى ان مواكبة ارتال من الجيش والقوى الامنية لزيارات باسيل الملفتة الى المناطق اللبنانية تشير الى انه اما انه يخاف من الناس، او لديه شعور ان هناك من يريد اغتياله خصوصا انه اصبح مزعجاً للبعض ومنهم «حزب الله» حسب ما تقول المصادر التي تعتبر ان لدى باسيل مشكلة مع كل الاسماء المطروحة للرئاسة من رياض سلامة الى العماد جوزيف عون وهو ابدى انزعاجا واضحا من زيارات الاخير الى واشنطن والرياض، وهو يعلم ان لدى اي شخصية سياسية من خارج الحيثيات المسيحية اي فرنجية وجعجع وبطبيعة الحال هو، امل بالوصول ايضا الى سدة الرئاسة الاولى.
وحول ما اذا كان تفاهم معراب لا يزال ساري المفعول تؤكد المصادر ان ما يزعج باسيل كيف تحرص القوات على الفصل في العلاقة بينه وبين رئيس الجمهورية من جهة، وبينه وبين التيار من جهة اخرى، مع العلم انه شخصيا يريد تحويل المواجهة بينه وبين القوات الى مواجهة بين القوات ورئيس الجمهورية ومواجهة بين القوات والتيار، لذلك فهو منزعج من السياسة التي تتبعها «القوات اللبنانية» التي تحرص على عدم منحه الفرصة للوصول الى ما يسعى اليه من تخريب العلاقة، وتؤكد المصادر انها تريد الاستمرار بقاعدة الفصل لانها لا تريد كسر العلاقة مع رئيس الجمهورية طالما ان الرئيس لا يريد ذلك، وتكشف ان الاجتماع الاخير بين الوزير ملحم رياشي موفدا من الدكتور جعجع والرئيس عون كان ممتازا، وترى المصادر ان نواب التيار ليسوا ايضا في مواجهة مع القوات الحريصة على المحافظة على قاعدة الفصل.
وتعتبر المصادر ان اثارة موضوع اغتيال الرئيس رشيد كرامي من قبل الوزير باسيل في كلمته بطرابلس تشير الى مدى انزعاجه من «القوات اللبنانية» التي رغم خوضها الحروب في مواجهة الدروز والسنَّة، اصبحت اليوم طرفاً حليفا عند البيئة السنيَّة والدرزية، في الوقت الذي يعتبر التيار الوطني الحر مرفوض من قبل الدروز والسنًّة، وترى المصادر بأن اثارته لمواضيع حساسة حصلت في الماضي دليل على انه لا يملك شيئا يتكلم عنه في الحاضر نتيجة فشله ومن اجل شد العصب بعدما اصبح حالة شاذة مرفوضة من الجميع.