استوقفت دعوة الرئيس نبيه بري، إلى إقرار الموازنة، ولو في ظل حكومة تصريف الأعمال، مصادر قواتية رفيعة، إذ ثمّنت هذه الدعوة إلى إعادة تفعيل الحكومة، لا سيما وأن «القوات اللبنانية» كانت السبّاقة على هذا المستوى، حيث أنها كانت من أول الداعين إلى إعادة تفعيل الحكومة الحالية في حال بقي قطار تشكيل الحكومة الجديدة يراوح مكانه. وكشفت هذه المصادر، أن رئيس «القوات» الدكتور سمير جعجع، قد خصّص سلسلة لقاءات واجتماعات مكثّفة ذات طابع إقتصادي بقيت بعيدة عن الأضواء، وخلصت إلى رفع تقرير واضح حول الملفات الإقتصادية والإجتماعية، وذلك إلى جانب تقارير أخرى وصلت إلى معراب من مؤسّسات لبنانية ودولية، تؤشّر إلى صعوبة الوضع الإقتصادي. وأضافت إلى أنه بناء على المعطيات الواردة في هذه التقارير، أتى موقف «القوات» الداعي إلى تفعيل حكومة تصريف الأعمال، وذلك لضرورة المبادرة، إذ لا يمكن ترك البلد بهذا الشكل وسط تزايد وتيرة المخاوف المالية والإقتصادية.
وأوضحت المصادر القواتية نفسها، أن إعادة تفعيل الحكومة يجب أن يتم وفق جدول أعمال محدّد، على غرار تشريع الضرورة في مجلس النواب، أي أن يصار إلى عقد اجتماعات الضرورة من أجل إقرار بعض الملفات التي تؤدي إلى توفير السيولة للبلد، وتعيد استقرار الوضع الإقتصادي، وبالتالي، يجري العمل من خلالها لتلافي التدهور الإقتصادي أو الإنهيار الذي يجري الحديث عنه منذ أسابيع.
ومن هذا المنطلق، رأت المصادر نفسها، في دعوة الرئيس بري، تحرّكاً ضرورياً لوقف التدهور الإقتصادي، وذلك في حال لم يتم تشكيل الحكومة العتيدة في وقت قريب، علماً أنه لا يبدو أن هناك أية مؤشّرات على هذا المستوى. ولفتت إلى أن موضوع الموازنة مهم للغاية، وهو ملف أساسي مطروح اليوم، ولكن في موازاة الموازنة، يجب التفكير في ملفات أخرى، لأن أي جلسة للحكومة على غرار جلسات تشريع الضرورة، تستوجب توافقاً وطنياً. ودعت إلى الإسراع في العمل، والإنكباب على تحضير جدول أعمال لجلسة حكومية من هذا النوع، تقتصر فقط على الملفات البنيوية الحيوية والإقتصادية التي بإمكانها تأمين السيولة، إذ لا يجوز ترك البلد مفتوحاً على الفراغ الذي يبدو من الصعوبة تحديد خلفياته ومكامنه بشكل واضح. واستدركت موضحة أنه طالما أن تشكيل الحكومة يبدو متعذّراً في هذه المرحلة لمجموعة عوامل واعتبارات وأسباب معلومة وغير معلومة، فإنه لا يجوز ترك المواطنين لمصيرهم المجهول، في ظل الأوضاع الصعبة التي بدأ الجميع يشعر بها، وخصوصاً على مستوى العدد الكبير من الشركات والمؤسّسات الخاصة التي أقفلت أبوابها بسبب الأزمة الإقتصادية، وعلى مستوى انعدام فرص العمل أمام الشباب اللبناني، وعلى مستوى ارتفاع حجم مديونية الدولة، كما على مستوى الأزمة المعيشية عند كل المواطنين.
ولذلك، اعتبرت المصادر القواتية ذاتها، أن الهدف الرئيسي اليوم هو أن تتحمل القوى الأساسية مسؤولياتها، إذ لا يجوز الإنتظار أكثر، وإبقاء اللبنانيين رهينة للوضع الإقتصادي الذي يتراجع بشكل دراماتيكي. وأكدت أنه لكل هذه الأسباب والإعتبارات، يجب تفعيل حكومة تصريف الأعمال، وإن كانت «القوات» تدعو إلى تشكيل الحكومة الجديدة بالأمس قبل اليوم، ولكن، في حال لم يتم تأليف الحكومة قريباً، يجب البحث عن بدائل من أجل إنقاذ الوضع الداخلي، إذ لا يجوز أن يتخلى الجميع عن لبنان، وأن يبقى المواطن منفرداً ليواجه وحده مصيره المجهول على الصعيدين المالي والإقتصادي.