لم تتفاجأ مصادر مسيحية محيطة بالقوات اللبنانية بزيارة الوزير الأسبق يوسف سعادة إلى معراب، وذلك على خلفية الأجواء الإيجابية التي سيطرت في الآونة الأخيرة بين معراب وبنشعي، وتطوّر العلاقة نحو تحييد الملفات الخلافية وتعطيل تأثيرها. وفي قراءة هادئة لخلفيات هذه الزيارة، اعتبرت المصادر نفسها، أنه من الممكن وضع العلاقة ما بين تيار «المردة» و«القوات اللبنانية» تحت جملة عناوين تبدأ من طي الصفحة الخلافية الماضية، ولا تنتهي بفتح احتمالات التحالف الإنتخابي. وهذا الأمر تطلّب نوعاً من التمهيد السياسي كي لا تشكّل أي خطوة في أي مفترق وفي أي لحظة، مفاجأة لجمهور الحزبين. وبالتالي، فإن هذا التمهيد هو أكثر من ضروري، ويشكّل مصلحة وطنية مسيحية كونه يبدّد المناخات الخلافية المتراكمة على مدى سنوات، والتي أساءت إلى الواقع المسيحي السياسي على مستوى الدولة والحضور المسيحي فيها.
ولفتت المصادر، إلى أنه لا يمكن عزل هذه الزيارة عن مسار الإنتخابات الرئاسية، وتحديداً بعدما تأكد للنائب سليمان فرنجية وغيره من الأطراف، أن «القوات» هي لاعب أساسي في موضوع صناعة رئاسة الجمهورية، كما أنها تحوّلت إلى المعبر الأساس إلى القصر الجمهوري، بحيث دلّت الإنتخابات الأخيرة مع العماد ميشال عون إلى أمرين أساسيين بحسب المصادر:
1 ـ إن اللاعب المحلي الأساسي هو «حزب الله» من خلال وضعه «فيتو» على شخصية معيّنة أو ترشيح شخصية معيّنة، وبالتالي لا يمكن انتخاب أي شخصية يضع الحزب «فيتو» عليها، ولكن هذا لا يعني بالضرورة انتخاب الشخصية التي يرشحها الحزب للرئاسة، لأن الأمر قابل للتفاوض. وما حصل مع العماد عون ليس القاعدة، لأنه بدأ بخطاب سياسي توافقي، وقام بجولات أسّس خلالها لمساحات مشتركة مع كل اللاعبين، الاّ انه لم يتخل ابدا عن ايمانه بما اقدم عليه من تفاهم مع حزب الله.
2 ـ أظهرت الإنتخابات الرئاسية أن اللاعب الأساسي الآخر هو «القوات»، إذ دلّت التجربة بالنسبة لعدّة لاعبين محليين وخارجيين، أنه عندما رشّح الرئيس سعد الحريري العماد عون للرئاسة من دون العودة إلى «القوات»، نجح الدكتور سمير جعجع في إقفال طريق بعبدا أمام عون من خلال السعودية. وفي المرة الثانية عندما رشّح الرئيس الحريري النائب سليمان فرنجية، ونجح في استقطاب رعاية فرنسية وموافقة أميركية وخليجية، لكن «القوات» تمكّنت أيضاً من قطع الطريق على هذه المحاولة من خلال ترشيح عون.
وأكدت المصادر، أن هذا الأمر دفع الجميع إلى الخروج بانطباع واضح بأن طريق بعبدا لن تكون سالكة إلا في حال موافقة الحزب و»القوات»، وبالتالي، وتأسيساً على هذا الأمر، وانطلاقاً منه، فإن كل طامح إلى الرئاسة، عليه أن يأخذ في الإعتبار موقعية معراب على المستوى الوطني، والتي نتجت عن 3 عوامل:
أ ـ الحيثية المسيحية الشعبية، إذ من دون هذه الحيثية سيشكّل انتخاب أي رئيس للجمهورية إحباطاً في الشارع المسيحي.
ب ـ يتمثّل بموقع «القوات» على المستوى الوطني انطلاقاً من تحالفاتها مع الرئيس الحريري والنائب وليد جنبلاط، وتقاطعاتها السياسية الداخلية التي ترجّح كفّة شخصية على أخرى.
ج ـ العلاقات مع عواصم القرار العربية والغربية.
وبالتالي، أضافت المصادر المسيحية المحيطة بالقوات، ولكل هذه الإعتبارات، تحوّلت معراب إلى لاعب أساسي لا يمكن القفز فوقه في أي استحقاق رئاسي، مما يدفع إلى قراءة العلاقة ما بين «القوات» والنائب فرنجية، من زاوية أنه يدرك جيداً أن احتمال وصوله إلى قصر بعبدا لا يمكن أن يكون متوافراً في حال كان على عداء مع معراب.
لذلك، وعلى طريقة فتح الحظوظ وفتح الإحتمالات، وانطلاقاً من الظروف السياسية كون الجميع يدرك أن رئاسة الجمهورية مرتبطة بالتوقيت السياسي المحلي والخارجي، تابعت المصادر، فإن ما يقوم به النائب فرنجيه، هو نوع من التمهيد وفتح احتمالات وخطوط، على أن يترك الباقي للظروف واللحظة السياسية التي تحسم الإتجاه النهائي للأمور، وبالتأكيد، فإن علاقة من هذا النوع هي بالحدّ الأدنى تحالف إنتخابي، وبالحدّ الأقصى هي إمكانية فتح قنوات رئاسية، وخصوصاً أن فرنجية، وقبل انتخاب الرئيس عون، تطرّق في خطابه إلى هذه الناحية، لذا فهو يريد، وفي الظرف المناسب، استكمال البحث والتطمينات في حال حصول أي مفاجآت، أو عند محطة الإستحقاق الرئاسي بعد 5 سنوات، وذلك في ان يكون أحد المحظوظين للوصول إلى الرئاسة الأولى بعد انتهاء ولاية الرئيس عون.