فتح رئيس الجمهورية ميشال عون في حديثه في الأمم المتحدة عن أن لبنان سيفتح قنوات الحوار مع النظام السوري بشأن أزمة النازحين، الباب أمام مشهد انقسامي جديد بين المكونات السياسية، بين مؤيد للتطبيع مع نظام بشار الأسد، وبين معارض له، باعتبار أن هذا الملف لا يزال خلافياً بامتياز بين القوى السياسية التي تتناقض مواقفها بشكل كبير حيال عودة النازحين. إذ من المتوقع أن يتصاعد السجال في ما يتصل بموضوع التطبيع مع دمشق على مصراعيه، فور عودة الرئيس عون إلى بيروت في الساعات المقبلة، بعدما سبقته المواقف الرافضة لأي توجه من هذا القبيل.
وبانتظار موقف رئيس الحكومة سعد الحريري من هذا الملف، وباقي المكونات السياسية الأخرى، أكدت أوساط بارزة في حزب «القوات اللبنانية»، لـ«اللواء»، أن «التطبيع مع النظام السوري مرفوض، إلا بعد أن يطبع علاقاته مع المجتمعين الدولي والعربي، وتستعيد الدولة السورية مقعدها داخل الجامعة العربية، ما يعني أن الحرب قد انتهت، وأن هناك طائفاً سورياً قد أنجز. وبالتالي فإنه قبل ذلك لا يمكن أن يضع لبنان نفسه في مواجهة المجتمعين الدولي والعربي»، مشددة على أنه «لا يوجد اتفاق حتى الآن اتفاق سياسي على وقف الحرب في سورية، وما زال نظام الأسد يخضع لحصار عربي ودولي، وليس هناك اعتراف به، بل أن هناك وصاية روسية عليه، إلى جانب وجود مجموعة قوى سياسية أخرى داخل سوريا، من تركية وإيرانية وأميركية، وهذا يعني أن سوريا مقسمة النفوذ بين هذه القوى، بانتظار التسوية الشاملة، وعندها لكل حادث حديث».
وأشارت الأوساط، إلى أنه «في حال خطا الرئيس عون خطوات عملية باتجاه التطبيع مع النظام السوري، فإن الأمور ستأخذ منحى تصعيداً، كونها مسألة خلافية داخلية، فالقوات تعتبر أن النظام السوري هو نظام عدو للبنان، رغم أن هناك علاقات قائمة بين البلدين، ولذا يجب الاكتفاء بما هو قائم، ريثما يحصل الحل السياسي في سوريا. والسؤال الذي يطرح: لماذا على لبنان أن يستعجل هذه المسألة قبل انتهاء الحرب السورية، وقبل ولادة اتفاق جديد، وقبل أن تكون هناك رعاية عربية ودولية للحل السوري المنتظر ؟».
وسألت باستغراب: «هل هناك دولة في العالم تريد ثمناً سياسياً مقابل عودة أبنائها؟» وأضافت : «لو كان هذا النظام يريد عودة أبنائه، لكان أعادهم . وإذا كان يريد ثمناً لإعادتهم، فإنه بالتأكيد غير حريص على شعبه. مع العلم أن التنسيق قائم بين لبنان وسوريا وهناك لجان مشتركة، إلا إذا كان يريد الدفع باتجاه التطبيع مع لبنان حتى يسمح بإعادة النازحين».
وشددت الأوساط، على أن «نشر صورة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مع المرشد الإيراني وقائد الحرس الثوري، رسالة جاءت لتؤكد بشكل عملي بأن هذا المحور متكامل في هذه اللحظة مع بعضه البعض، وهو ترجمة لما قاله نصرالله وما يقوله باستمرار، بأنه في حال استهدفت إيران، فنحن جزء لا يتجزأ من هذه المواجهة، وأن حزب الله أيضاً جزء لا يتجزأ من الحالة الإيرانية».
في المقابل، وفي سياق دفاعها عن وجهة نظر رئيس الجمهورية، أكدت مصادر نيابية في تكتل «لبنان القوي»، على أنه «وبعد تخلي المجتمع الدولي عن واجباته في ما يتصل بعودة اللاجئين، فإن الخيار المتاح أمام لبنان يقتضي فتح حوار مع الجانب السوري، من أجل تسهيل عودة اللاجئين الذين باتوا يشكلون عبئاً ثقيلاً على لبنان، ولم يعد مقبولاً الاختباء وراء الأصبع وانتظار الحل الدولي الذي سيتأخر كثيراً، بعدما ظهر بوضوح أن المجتمع الدولي قد استقال من المهمة الملقاة على عاتقه في توفير الفرص لإعادة النازحين»، داعية القوى السياسية إلى «تفهم طرح الرئيس عون ومساعدته على تنفيذه، لأن فيه مصلحة للبنان».