IMLebanon

القوات»: لا تَجاوب «مستقبلياً» لإنتخاب عون

 

 

قد تكون الانتخابات الرئاسية وُضعت على نار حامية، أو أعيدت الحرارة إليها. فاتصالات رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع برئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط تُوحي بذلك، حيث أدرك جنبلاط أنّ لبنان لم يعُد يستطيع البقاءَ من دون رئيس، في وقتٍ لم يتنازل جعجع عن ترشيحه ليُنتخبَ الفراغ، لو لم تكن لديه رؤية واضحة، بأنّ تنازله للعماد ميشال عون سيُنتج رئيساً. لكنّ حسابات حقلِ جعجع لا تنطبق على بيدر «حزب الله»، الذي يبدو أنّه لا يرى امكانية لانتخاب رئيس في هذه المرحلة.

مواقف «حزب الله» ليست مستغربة، وإذا تمّ الضغط عليه سيَرضى برئيس «دمية»، هذا ما يؤكده مصدر قواتي لـ«الجمهورية»، قائلاً: «في ظلّ المساعي الذي يقوم بها جعجع، وبَعد موقف جنبلاط الإيجابي من ترشيح عون، وفي ظلّ غياب الحِدّية عن موقف «المستقبل»، لو أراد «حزب الله» رئيساً لكان أقنَع النائب سليمان فرنجية بالتنازل، أو أقلّه لكان أمَّن النصاب».

وأضاف: «هذا ما يؤكّد اهتمام «حزب الله» بالفراغ أكثر مِن الرئاسة، وذلك انطلاقاً من نقطتين أساسيتين لديه: الأولى، هي جزء من الاستراتيجية الإيرانية الكبرى التي تقضي بقبول إيران برئيس في لبنان إذا قبلت الدول الخليجية ومعها الدول الغربية ببقاء الرئيس بشّار الأسد، وهذه المقايضة غير واردة حتى الساعة لدى الدول الغربية والخليجية.

أمّا النقطة الثانية، فهي رفضُ الحزب العماد عون، لأنّه لا يأتمنه على إنجازاته ويتخوّف من الانقلاب عليه، ولكنّه لا يُظهر ذلك لكي لا يَفقد الغطاء المسيحي الذي يؤمّنه له، وبالتالي لا يستطيع دعمَ فرنجيه لكي لا يخسر هذا الدعم الذي قد يَجعله في موقف لا يُحسَد عليه».

ويَلفت المصدر الى أنّ «حزب الله» يفضّل بقاءَ الأوضاع على حالها، ليتصرّف كما يحلو له بحكم سيطرته على مجلس الوزراء، لأنّ وجود رئيس يَعني تأليف حكومة جديدة ودخول «القوات اللبنانية» إليها، ونشوءَ تحالف قوّاتي-عوني يمثّل الأكثرية المسيحية في مجلس الوزراء، إضافةً إلى اكثرية حكومية إذا أضَفنا إليها تيار «المستقبل»، وفي ظلّ تأزّم الوضع السنّي- الشيعي، يدخل «حزب الله» في مأزق حقيقي، لذا يناسبه عدم انتخاب رئيس».

في هذا الإطار، على ماذا ترتكز الثقة المفرطة التي منَحها جعجع لجنبلاط في تصويته لعون؟ يجيب المصدر: «هناك قراءة مشتركة بين جعجع وجنبلاط على خطورة الوضع إذا استمرّ على حاله، خصوصاً في ظلّ التطوّرات الغربيّة والاقليمية. من هنا ضرورة المسارعة لإيجاد حلّ للفراغ الرئاسي. وبما أنّ همَّ جنبلاط، يَكمن في انتخاب رئيس، تلاقَت مصلحته في هذا الموضوع مع القوات».

ويؤكد المصدر أنّ «العمل جدّي والاتصالات مستمرّة في هذا الإطار، خصوصاً بعد اللقاء الذي جمعَ جعجع بجنبلاط في بيت النائب نعمة طعمة، لتلحقَه زيارات مستمرّة لطعمة إلى معراب».

ويضيف: «لا أملَ لفرنجية بالوصول إلى الرئاسة، وبما أنّ الحزب يؤيّد عون كما يدّعي، لم يتردّد جنبلاط في التواصل مع جعجع. كما أنّه يفكّر في الدور التأسيسي للبنان الإمارة والدولة في المحطات المفصلية، ويصرّ على أن تتمثلَ الطوائف التأسيسية بالشكل الصحيح حفاظاً على لبنان، والثقة موجودة من هذه الناحية».

حتّى الساعة، لا يزال الحريري يؤيّد وصولَ فرنجية الى الرئاسة، على رغم كلّ الاتصالات التي يقوم بها جعجع لإقناعه بدعم عون، ويقول المصدر إنّ «الموضوع شخصيّ أكثر ما هو سياسي، بما معناه أنّ الحريري دعمَ عون سابقاً من دون ترجمة أيّ نتيجة، ما أغضَب بعض المنتمين إلى «المستقبل»، وحتّى إنّ تأييده فرنجية أغضبَ قسماً آخر، وبالتالي تأييده لعون مجدّداً سيُسبّب مشكلة داخلية في تيار «المستقبل»، هو في غنى عنها. لكنّ الاتصالات تَجري وتتمحوَر حول قبوله بعون، وذلك من باب التأكّد من نوايا «حزب الله».

ويشير المصدر إلى أنّ «السعودية لم يعُد لديها فيتو على عون، وهي منشغلة الآن بموضوع اليمن، وما يهمّها هو انتخاب رئيس ضمن إطار السياسية المحلية. وأكبر دليل على ذلك، استقبال السفير السعودي علي عواض عسيري عون في منزله».

ويَلفت إلى «لقاءات عدّة جمعت في الفترة الاخيرة بين الحريري وجعجع أعلِن عن البعض منها، من دون تجاوب حتّى الآن، لكنّ الأبواب ليست مغلقة نهائياً على عون. ويمكن أن تثمر حسب الظروف والضغوط والاتصالات».

وفيما تلاحظ أوساط سياسية أنّ جعجع يخوض وحده معركة إيصال عون، يوضح المصدر القواتي أنّ «جعجع هو «رأس الحربة»، في موضوع الرئاسة، لأنّ الجمهورية بالنسبة إلى «القوات» فوق كلّ اعتبار، ولا تكتمل إلّا بانتخاب رئيس، وما يهمّه هو أن تثمرَ جهوده».

ويشدّد على أنّ «جعجع وجنبلاط يَسعيان إلى إجراء انتخابات رئاسية قبل النيابية، لأنّ الفراغ سيزيد إذا أصبحت الحكومة مستقيلة. كما أنّ الاتصالات بين معراب والرابية مستمرّة في موضوع الرئيس، والاتفاق على قانون انتخابي، الذي يناقش بجدّية، وتبدو اتّجاهاته إيجابية، والجوّ العام يبشّر بالخير إذا استمرّ الوضع على هذه الحال».