IMLebanon

القوات» تسبق الجميع إلى جلسة 8 شباط

في ذكرى 14 شباط من العام الماضي جلس جبران باسيل والياس بو صعب والان عون في الصفوف الامامية يستمعون الى سعد الحريري واقفا على منصة «البيال» رافعا شعار الحوار «الضروري والشرعي» مع «حزب الله»… «الذي يأخذنا من جنون الى جنون»!

لا شيء يوحي اليوم بإمكانية تخلّي «تيار المستقبل» عن هذه المعادلة التي يرفعها عنوانا لمساره المشترك مع الضاحية، خصوصا في زمن الرئاسة الضائعة ورئاسة الحكومة الموضوعة في عهدة «البديل».

لا يمكن الجزم منذ اليوم إذا كان «الشيخ» سيعيد الكرّة، فيزور بيروت لايام يقضي بضع ساعات منها في التحضير والمشاركة في الذكرى السنوية لاغتيال والده الرئيس رفيق الحريري. لكن الأكيد أن «البرتقاليين» لن يكونوا ضيوف شرف هذا العام، بعد ان سحب «تيار المستقبل» تأييده لـ «جنرالهم» وجيّره لحليفهم في زغرتا.

سيكون مشروعًا التساؤلُ عمّا إذا كان سليمان فرنجية وروني عريجي ويوسف سعادة سيحضرون المناسبة لأول مرّة، ليس لتعويض الغياب بل ليكرّسوا حلفا رئاسيا عابرا للاصطفافات المزمنة!

لكن ماذا عن «القوات اللبنانية»؟ الجواب الفوري: «سنحضر طبعا، لكن هل من احتفال مركزي موسّع؟ بطاقات الدعوة لم تصلنا بعد».

الرئاسة التي يريدها سمير جعجع أن تمرّ بمعراب فرّقت «الحكيم» عن ابن الشهيد رفيق الحريري، ولا شيء يوحي بأن الجرح قد «يَلحم» قريبا. الاتصالات العلنية بين الرجلين صارت عملة نادرة. الأدق القول ان لا اتصالات مباشرة بين جعجع والحريري منذ اتصال الاول بالثاني منتصف كانون الاول الماضي.

لكن رئيس حزب «القوات» لا يفوّت فرصة لا يمرّر من خلالها رسائل طمأنة الى حليفه «المغترب». آخر دفعة منها: لا وحدة مصير مع العونيين في جلسة 8 شباط. «القوات» ستكون حاضرة قبل الجميع في ساحة النجمة انسجاما مع موقفها المبدئي والثابت بعدم مقاطعة جلسات انتخاب رئيس الجمهورية.

والأهمّ، ان معراب لا «تشيطن» خيار فرنجية. «إذا رست التسوية نهائيا على رئيس تيار المردة، ستمارس القوات حقها الديموقراطي بالحضور والمشاركة والتصويت ضد، طالما لا يعكس فرنجية قناعاتها الرئاسية والوطنية».

في مسألة التحالفات تأكيدات قواتية من نوع «ربما يفضي التقارب مع الرابية الى اختبار هذا التفاهم في الانتخابات البلدية، لكن لم يتمّ التطرّق حتى اليوم الى فرضية التحالف الانتخابي في الاستحقاق النيابي المقبل.. وبعد بكير على ذلك».

ثمّة إقرار علني من جانب «القوات» بأن هناك أزمة فعلية مع الرئيس سعد الحريري. تجاوز معراب بقرار مصيري مثل ترشيح سليمان فرنجية للرئاسة لا يمكن أن يمرّ مرور الكرام. وهذا الامر، بمقياس معراب، لن يكون مقبولا مهما كانت هوية الحليف. لكن الوقت كفيل بإعادة الامور الى نصابها، لا سيّما ان التواصل بين «الحكيم» و «الشيخ» يتمّ عبر وسطاء غير معلنين يسعون الى ان تبقى الامور تحت السيطرة حفظا لمكتسبات فريق «14 آذار».

وما فعله «الشيخ سعد» بجعجع حاذر الاخير القيام به. الاوساط القواتية تؤكّد أنه خلال مراحل التفاوض مع العماد ميشال عون قبل وبعد إعلان «ورقة النيات»، كان الحريري على إطلاع بما يتمّ التحضير له.

وكل من يعاير «القوات» بالفيتو الذي وضعته على ميشال عون بُعَيد إيحاء الحريري بإمكانية إعلان تأييد ترشيحه لرئاسة الجمهورية، والذي أوصل الامور الى ما وصلت اليه، يقابل بجواب قواتي واضح «زمن الاملاءات والفرض قد ولّى…».

هو أسلوب الفرض، الذي رُفِض بداية مع ترشيح الحريري لعون ثم الحريري لفرنجية، الذي قرّرت «القوات» عدم الرضوخ له على قاعدة «تبليغ» المسيحيين من يجب ان يكون رئيسا.

لكن مع ذلك، رسائل الطمأنة اكثر بكثير من رسائل المواجهة. تجزم «القوات» أن الاتفاق مع عون ليست غايته إقصاء أحد. وبما ان المفاضلة فرضت بين عون وفرنجية فالقرار كان لصاحب الاولوية بناء على ورقة أعلنت بنودها. وإذا كانت معراب تعترف بأن المفاوضات صيغت مع «التيار الوطني» بمعزل عن القوى المسيحية الاخرى، فإنها أقلّه تجزم بأن «الكتائب» لم يكن خارج الموضوع. وقد ارسلت رسائل بهذا المعنى للنائب سامي الجميل، ومن بينها تطمينات حول دوره وموقعه، لكنه رفض واتّخذ موقفا سلبيا من الاتفاق والترشيح، فيما يرى القواتيون «ان مصلحة سامي الانتخابية المباشرة قد لا تتحقّق مع ثنائية جعجع – عون بل أكثر مع فرنجية».

العلاقة المتأزمة مع الحريري لا تنسحب، بمنظار القوات، على العلاقة مع السعودية. اصلا لا يسقط القواتيون من اعتباراتهم ان خط الاتصال الاساسي مع الرياض لم يمرّ يوما عبر سعد الحريري بل بجهد القنوات الشخصية المفتوحة بين معراب والمملكة وبداياتها مع مقرن عبد العزيز.

بالرغم من الغبار الكثيف الذي يسيطر على علاقة الطرفين اليوم، تتصرّف «القوات» من منطلق بعض الثوابت التي تجعلها مرتاحة الى آفاق العلاقة مع السعودية، ومن بين ذلك إقرارها بأنه ربما يكون هناك بعض الانزعاج من جانب السعوديين من الخطوة التي قام بها جعجع بترشيح عون، لكن ذلك لم يؤثّر في الجوهر والمضمون، وربما تكون مواقف السفير السعودي في لبنان علي عواض العسيري أحد المؤشرات الاساسية لذلك.

والاهمّ ما سمعه جعجع سابقا من كبار المسؤولين السعوديين حول تمسّك المملكة «بالحضور المسيحي والنوعي للمسيحيين وعدم السماح لأي طرف بالاستقواء علينا». أما في الوقائع، فـ «القوات» تؤكّد على صلابة العلاقة مع الرياض واستمرار لغة التواصل والتنسيق عبر قنوات محدّدة.

وتلفت اوساط قواتية الى «ان جعجع لم يطلب لا من سعد الحريري ولا من الرياض مواعيد ورفضت». وتسخر من كل السيناريوهات التي تتحدّث عن رهان قواتي على انتصار محور على آخر في المنطقة جعلها تتبنّى ترشيح عون، لا بل العكس هو الصحيح. يرى القواتيون «ان الدخول الروسي الى المنطقة هو مؤشّر اساسي لبدء تقليص النفوذ الايراني». يتحدّثون عن «انسحاب الحرس الثوري الايراني من سوريا، واستنفاد حزب الله لقواه العسكرية من خلال انتشار مقاتليه ومسلّحيه من ريف حلب الى الزبداني».

لكن ما الذي يجعل «حزب الله»، «الضعيف»، يكابر الى هذا الحدّ في الملفّ الرئاسي وصولا الى عدم تسهيل انتخاب أحد حليفيه من محور «8 آذار»؟ يستنجد القواتيون بشعار الرئيس السوري حافظ الاسد الذي كان يقول دوما: «إذا كنت ضعيفا لن أفاوض كي لا أخسر أكثر، وإذا كنت قوّيا فانا غير مضطّر للتفاوض الا بالتوقيت الذي يناسبني». وعلى هذا الاساس يتصرّف «حزب الله».. والنتيجة جمود رئاسي الى ما شاء الله.

يدرك القواتيون ان فتح النائب فرنجية دفاتر التفاوض السابق بينه وبين «القوات» يدخل ضمن إطار عدّة الشغل لضرب الاتفاق الرئاسي بين العونيين والقواتيين. لكن معراب تحرص على الحفاظ على خطوط التواصل مع مسؤولي «المردة» خصوصا بعد العلاقة الطيبة والبنّاءة التي نسجها القواتيون من النائب انطوان زهرا الى طوني الشدياق مع الوزير روني عريجي والوزير السابق يوسف سعادة.

الى جانب هذا المعطى البارز في مقاربة «القوات» لتسريبات «المردة» بشأن جولات التفاوض، تؤكّد «القوات» أن بحث ترشيح فرنجية اتى ضمن إطار الترشيحات «الطبيعية» للقادة الموارنة الاربعة من دون إعطاء كلمة رئاسية لرئيس «تيار المردة»، لأن التفاهم السياسي على «المشروع» لم يتمّ.

وتلفت «القوات» الى ان اسم العميد شامل روكز لم يرد أصلا في التفاوض حول الحكومة، بل كان همّنا ان يكون لمعراب رأيها الحاسم في قيادة الجيش، وبالاساس كان لنا رأينا المعروف بوصول روكز الى اليرزة. كما كان مطلب «القوات» واضحا: مع تسليمنا بأن وزارة المالية صارت بحكم «المطوّبة» للشيعة، بأن تكون وزارة الداخلية للمسيحيين من دون حصرها بالضرورة بـ«القوات».