IMLebanon

الإستراتيجية “الخارجية” توازي “الدفاعية”!

 

 

لا يمكن لأحد إنكار أن لبنان يتأثّر أكثر من غيره بسياسات المنطقة وصراعاتها، وبالتالي فإن سياسته الخارجية يجب أن تُقاس بـ”ميزان الجوهرجي” وإلا فالإنفجار سيكون سيّد الموقف.

 

أسقط “حزب الله” ومعه العهد العوني ميثاق 1943 و”اتفاق الطائف” من حيث مقتضيات السياسة الخارجية، فـ”الحزب” بات أكبر من الدولة ويقاتل في سوريا واليمن والعراق، في حين أن العهد العوني غطّى سياسات “الحزب” وساهمت سياسته الخارجية في تحويل لبنان إلى جزيرة معزولة، بسبب الأخطاء الديبلوماسية أولاً وإلصاق لبنان بمحور “الممانعة” المعزول أصلاً، ثانياً.

 

وقد فتحت فضيحة الوزير “المعفي من مهامه” شربل وهبة مسألة السياسة الخارجية للدولة اللبنانية ومن يقرّرها، فعندما يخرج الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله ويُقرّر عن الحكومة ويقول لرئيسَي الجمهورية والحكومة والوزراء ماذا يجب أن يفعلوا، وتتجنّد السلطة للعمل بمندرجات خطاباته، عندها، وبحسب أوساط معارضة، لا تعود هناك أي فائدة من وضع خطط داخلية وسياسات خارجية، خصوصاً وأن قرار الحرب والسلم في يد نصرالله.

 

ومن جهة أخرى، تبيّن للكثيرين أن السياسة الخارجية موازية بأهميتها لقرار السلم والحرب. ففي السابق، فقدت وزارة الخارجية أهميتها حتى ذهب رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط إلى رفض أن تكون ضمن حصته، على رغم أنها حقيبة سيادية كانت “ممنوعة” على الدروز بعد “الطائف”. لكن مع خطأ وهبة “القاتل” الأخير، ظهر أن هذه الوزارة ذات أهمية قصوى، وعلى رغم أن “حزب الله” يُقرّر في العهد العوني سياسة الدولة اللبنانية، فإن “غلطة” من الوزير وهبة كادت أن تطيح ما تبقّى من علاقات لبنان بالدول الخليجية وتُهدّد مصالح الشعب اللبناني في الداخل والخارج، وبالتالي كادت أن تعطي مفعولاً سلبياً أشدّ قسوةً من إعلان حرب.

 

ومن باب الصورة الكاريكاتورية إستلمت وزيرة الدفاع زينة عكر وزارة الخارجية بالوكالة، وبالتالي فان البحث في الإستراتيجية الدفاعية والخارجية يجب أن يتمّ “رزمة” واحدة وذلك لإنقاذ لبنان من “الإنزلاقات” الكبرى.

 

وأمام كل ما يحصل، يرى عدد من السياسيين أنه بات من الواجب على القادة السياسيين أن يجتمعوا حول طاولة حوار، مع أن هذا الإحتمال مستبعد، ليتحاوروا ويتّفقوا على سياسة خارجية موحّدة تُنقذ البلاد، فإذا كان الفريق الملتصق بمحور الممانعة يرغب في أن يُبقي الوضع على ما هو عليه فإن كل الشعب اللبناني سيدفع الثمن.

 

وفي السياق، فإن المنطقة مقبلة على استحقاقات مهمّة أبرزها الإتفاق النووي مع إيران، إن كُتب له النجاح وخرج الدخان الأبيض من فيينا، وكذلك إعادة تفعيل الإتصالات الدولية لحلّ أزمة النزوح، ويُضاف إليها مسألة إعادة إنتخاب الرئيس السوري بشار الأسد وكيفية التعامل مع هذا المعطى الجديد، وأمام كل تلك الملفات “الدسمة” لا يمكن للدولة أن تبقى مفكّكة وكل وزير “فاتح ع حسابو” وخصوصاً وزارة الخارجية.

 

ويبدو أن أي حلّ لمسألة السياسة الخارجية يحتاج أيضاً إلى حلّ خارجي أيضاً يُقرّر مصير هذا البلد، فإذا اتفقت الدول الكبرى والفاعلة على تحييده يسير الجميع بمقتضى هذا الإتفاق، أما الإبقاء عليه كساحة للصراعات الإقليمية والدولية وتبادل الرسائل، فإن هذا الأمر سيدفع الوضع نحو مزيد من التدهور والإنفجار.

 

وبانتظار أن تتألّف حكومة جديدة، فإن فكرة الدعوة إلى طاولة حوار لتقرير السياسة الخارجية واردة، لكن من دون أن تكون قد وُضعت على نار حامية، لأن السلطة تعمل وفق أجندتها الخاصة وليس وفق مصالح الشعب اللبناني.