IMLebanon

عن بيان “الخارجية” والذين أزعجهم

 

 

 

لا ينتظر فلاديمير بوتين موقفاً لبنانياً رسمياً، رافضاً أو مؤيداً، لغزوه جارته اوكرانيا كي يعيد النظر في موقفه. هو يعرف ان حجم الرفض الدولي لخطوته هو أكبر بكثير من حجم التأييد، وأن الداعمين لن يتزايدوا مع مواصلة توغله في بلاد الاوكران وسيقتصرون على بشار الاسد ونيكولاس مادورو وحاكم افريقيا الوسطى… وعبد الملك الحوثي.

 

أراد بوتين من زيارته للصين عشية الغزو إصدار بيان سياسي يتوج وحدة مواقف الطرفين في مواجهة اميركا، لكن الموقف الصيني من الغزو لم يرقَ الى مستوى دعم اجتياح كييف، ونظرت موسكو الى الموقف التركي بغضب. فشريكها في تقاسم سوريا يرفض منذ سنوات ضم القرم ويدعم اوكرانيا وقد زودها باسلحة بينها المسيّرات من طراز «بيرقدار». ومع ذلك كظمت روسيا غضبها تجاه الشريك التركي وتمسكت بالشراكة معه وغضّ النظر عن مواقفه.

 

موقف اسرائيل لم يكن مريحاً، لكن موسكو اكتفت رداً عليه بادانة نائب مندوبها في مجلس الأمن الاستيطان في الجولان! كانت تلك رسالة عتب لطيفة من الشريك الروسي الى تل ابيب، لن تتخطى هذه الحدود أقله في الظرف الراهن.

 

موقف الشريك الإيراني لم يلبِّ السقف الروسي. وزير الخارجية عبد اللهيان قال: «لا نعتقد ان اللجوء الى الحرب هو الحل، ومن الضروري اقرار وقف لإطلاق النار وإيجاد حل سياسي وديمقراطي». هذه اللغة الرافضة للحرب الداعية الى الحوار سادت جملة المواقف العربية من مصر الى مجلس التعاون الخليجي الى لبنان!

 

لكن في لبنان بالذات بدأت المزايدات. رفض طلال ارسلان موقف الخارجية اللبنانية برفض الاجتياح، ورفضه لا قيمة له من حيث الوزن، لكنه إشارة من جانب جماعة «خط» المير الى عدم الرضى. هؤلاء يريدون من لبنان منصة دعم لموقف بوتين، بديلة عن محركيهم في دمشق وطهران المتحفظين أو غير القادرين أو الرافضين للغزو الروسي!

 

مهما يكن فإن البيان اللبناني كان ضرورياً وفي وقته. فلبنان الذي عانى على مدى نصف القرن الماضي من الغزوات والاجتياحات، أعرف من غيره بمعنى الاحتلال، وهو لا يجب أن يساوم في مسائل التدخلات الخارجية في شؤون الدول الأخرى، وإلا سيبرر للآخرين الاستمرار في غزوه واحتلاله.