قد يكون من المبكر إطلاق الأحكام حول ما تحقّق في المجلس النيابي من «قرار» بتوسيع التدقيق المالي الجنائي، وذلك على الرغم من سيل المواقف والتصريحات على مدى الأيام الماضية، ولكن بالنسبة لمصدر نيابي مسيحي، فإنه لا يمكن تجاهل الخطوة النيابية الأخيرة، مع العلم أنه، وفي ضوء كل الوعود الإصلاحية التي تحدّث عنها «التيار الوطني الحر»، بات البعض يعتبر أن وصول الرئيس ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، سيدخل لبنان في مرحلة سياسية جديدة يُعاد فيها بناء الدولة اللبنانية، كما أن اللبنانيين قد صُمّت آذانهم بالوعود والكلام والمواقـف والتصـاريح التي تتكلم عن الإصلاح والتغيير، والمزايدات على أكـثر من مستوى في هذا المجال، كما هي الحال اليوم، ولكن سرعان ما اكتشف الرأي العام اللبناني أن التطبيق يختلف جداً عن الشعارات، وأن هنالك من هو بارع في الخطابات، ولكن على أرض الواقع لا يُنفّذ شيء من كـل مـا يدّعيه ويقوله، وهذا ما أثبتته التجربـة بعد 4 سـنوات على العهد الحالي، حيث لا يوجد أي إنجاز، لا بل انزلق لبنان إلى أسوأ وضعية سياسية يمكن تصوّرها يوماً.
وتابع المصدر نفسه،أن العهد يحاول أن يستردّ شعبية ما من خلال التدقيق الجنائي، حيث يحاول التصوير أن هذا الأمر هو إما انتصار له، وإما هزيمة لأخصامه، ويذهب باتجاه المزايدة في هذا العنوان الذي يشكّل حاجة، ولكنها حاجة يجب أن تشمل كل المؤسّسات، فهل سيتجرّأ العهد وغيره أن يبدأ التدقيق من وزارة الطاقة قبل أي وزارة أخرى؟ وأضاف أن هناك من يلاحظ أن العهد يتعامل مع التدقيق الجنائي على غرار تعامله مع ملف «الإبراء المستحيل»، والذي طُويت صفحته لاحقاً وإلى غير رجعة، الأمر الذي يؤكد أن كل هذه الملفات تُفتح ثم يُعاد إقفالها بخلفيات سياسية.
وسأل المصدر «القواتي»عن أي تدقيق نتكلم؟ هل نتكلّم عن التدقيق منذ العام 1960؟ 1988؟ من أي سنة يجب أن يبدأ هذا التدقيق؟ وعلى المستوى العملي كيف يجب أن يحصل، وما هي آلياته؟
في مطلق الأحوال، ومنعاً من أن نبقى في مرحلة شرب النخب والإحتفال بإقرار مجلس النواب توصية بالتدقيق الجنائي، سارعت «القوات اللبنانية» إلى تسديد ضربتها من خلال رئيسها الدكتور سمير جعجع، الذي ذهب باتجاه الإسراع في مطالبة رئيس الجمهورية وحكومة تصريف الأعمال بالإتفاق مع شركة جديدة من أجل التدقيق الجنائي، لأن هناك من اكتفى بأن يبقى التدقيق على مستوى ما تم إقراره برلمانياً، وهو توصية عامة غير ملزمة.
وشدّد المصدر نفسه، على أن التحدّي الأسـاس ليـس في التوصية التي صـدرت وأقرّهـا مجـلس النـواب، فهذه التوصية أصبحت من الماضي، بل أن تسارع الحكومة ورئيس الجمهورية إلى الإتفاق مع شركـة تـقـوم بما لم تنجح بتنفيذه شركـة «ألفاريز»، متسـائـلاً، هل هما يعتزمان ذلك؟ طبعاً إن الأمور تقاس بنتائجها، وعند الإمتحان «يُكرَم المرء أو يُهان»، سنترقّب إذا كانوا سيقدمون على هذه الخطوة، والمرحلة المقـبلة هي كفـيلة ببـلورة المشـهد، ولكن هنـالك من يقول ان كـل ما نشهده هو مزايدات كلامية، بدلالة ما شهدنـاه مـنذ 4 سنوات إلى اليوم، حيث أن البلاد تتراجع ولم تتقدّم.