IMLebanon

عقود التحقيق الجنائي… قيد التدقيق

 

مرقص لـ”نداء الوطن”: تساؤلات حول طبيعة الاتفاقية وأخشى من عدم التوصل إلى نتيجة

 

عقود التدقيق الجنائي التي وقّعها وزير المال غازي وزني مع شركة “Alvarez& Marsal”، والتدقيق المالي والحسابي مع شركتي “Oliver Wyman” و”KPMG”، تدخل اليوم في مروحة من السجالات والتساؤلات حول الغاية المحدّدة لها ومدى إمكانية اكتشاف قيمة الخسارة التي حدّدتها حكومة الـ”دياب” لمصرف لبنان بقيمة 50 مليار دولار، وبراءة “المركزي” من “دم” الإتهامات. فماذا يقول القانون في هذا السياق وما “الغاية المالية” التي ستتحقّق من تلك العقود الموقّع عليها؟

 

لطالما أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وأكثر من مرة، أن العمليات التي يقوم بها سليمة وأن شركتين عالميتين وهما “ديلويت” و”إرنست أند يانغ” تقومان بمراقبة حساباته، وسبق أن قدّم نتائج التقارير السنوية الصادرة عنهما الى صندوق النقد الدولي. ولكن اليوم ومع التوقيع على عقود التدقيق الجنائي والمالي والحسابي التي تدخل حيّز التنفيذ عند تشكيل الحكومة الجديدة، تُطرح تساؤلات حول المهام التي سيقوم بها الأفرقاء الذين تم التعاقد معهم بغية مكافحة الفساد.

 

المحامي د. بول مرقص اعتبر في حديث الى “نداء الوطن” أنه “لا يوجد وضوح في المهام الملقاة على عاتق تلك الشركات في العقود الموقعة بينها ووزارة المالية، والنتيجة التي يجب أن يتوصلوا اليها، وسيؤدي هذا الأمر الى تداخل وتشابك في عملهم، فضلاً عن تخوّفي من عدم التوصل الى نتيجة للتدقيق الجنائي”.

 

ويطرح تساؤل “في مجال التدقيق الجنائي الـ،forensic audit، كيف سيتمّ التوصل الى نتيجة، في ظلّ ما ينصّ عليه قانون سرية المصارف الصادر في 3 أيلول 1956، الذي يمنع الإطلاع على الحسابات الدائنة، حتى على لجنة الرقابة على المصارف، فكيف بالحري على شركة خاصة ولو كانت مكلّفة من قبل مجلس الوزراء؟.

 

عقبات قانونية

 

من هنا فإن عقبات قانونية ستواجه شركة Alvarez، لذلك يرى أن “التحقيق المالي الجنائي قد يصطدم بالعديد من العقبات القانونية، وهنا لا بد من التساؤل: هل تمّت العودة إلى قانون النقد والتسليف وقانون إنشاء المصرف المركزي اللذين يمنحانه خصوصية واستقلالاً مالياً وإدارياً واستقلالية أشخاص القانون العام؟ ألا يجب أن يوافق المجلس المركزي الذي يدير مصرف لبنان على هذه التحقيقات في ظل الاستقلالية وهل سيوافق؟ كيف سيراعي التحقيق السرية المصرفية التي رفعت حصراً بموجب القانون لصالح هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان للاطلاع على الحسابات الدائنة؟ وهل سيطال التحقيق الجنائي لجنة الرقابة على المصارف؟ وهل وجدت الإرادة فعلاً بالتضحية بزبائن الجماعات السياسية في حال التوصل إلى نتائج تصلح كمادة للملاحقة؟”.

 

طبيعة العمل

 

ويضيف مرقص: “اذا كانت الغاية من هذا التحقيق بحث الدولة عن وجود عمليات اختلاس، فيجب تحديد أي نوع من العمليات، وأي نوع من السرقة اذا كان الهدف تقصّي السرقات. باختصار يجب في العقود ذكر طبيعة العمل الذي ستقوم به الشركات بالتحديد، الأمر غير المذكور في بنود العقود”.

 

فاذا كان البحث سيتركز مثلاً على الإستفادة من القروض المدعومة، يلفت الى أن “هناك آلية للقيام بذلك ويجدر تحديدها في العقد، وكذلك الأمر بالنسبة الى التحويلات الى الخارج…اذا كانت ترغب الدولة في البحث عن مدى وجود مساعدات وتبرعات ودعم لفريق ثالث على شكل “تنفيعة” هناك آلية معينة أيضاً…”

 

بول مرقص

 

وحول الخلاصة التي ستخرج بها الشركات الموقّع معها العقد، وتلك التي تقوم بالمراقبة الدورية لحسابات مصرف لبنان السنوية، يؤكّد أنه “لا يمكن المقارنة بين شركة Alvarez& Marsal، التي جرى تكليفها من أجل التدقيق الجنائي الذي يكشف وجود إحتيال أو إساءة أمانة أو اختلاس وبين التدقيق المحاسبي الإعتيادي الذي تجريه شركتي تدقيق عالميتين معروفتين سنوياً في مصرف لبنان”. ويضيف: “للأسف عند النظر الى المهمة المناطة بشركة التدقيق الجنائي Alvarez، يتبين أن الأهداف المطلوبة منها غير واضحة للخروج بنتائج صحيحة واستيفاء الغاية المطلوبة”.

 

ويعتبر أن “الفرق الذي تقوم به الشركتين الجنائيتين وشركتي “ديلويت و”ارنست أند يانغ” في مصرف لبنان، أنه ما تقوم به الأخيرتان هو على ظاهر الحسابات، فلا تنظران في التدقيق أن هناك جريمة ويجب تقصّي أثرها، على غرار التدقيق الجنائي الذي لا يقوم بتحليل البيانات والحسابات بالمعنى الرقمي فقط، وإنما يدقّق في عمليات الإختلاس إن تبيّنت له ويلاحقها”.

 

وفي ما يتعلق بالفرق بين التحقيقين المالي والجنائي، يرى أن “التدقيق الجنائيّ يذهب إلى أبعد من التدقيق المعروف بالمستندات والأرقام، وهو مسار يستمرّ لأشهر، ويصل إلى محاولة اكتشاف عمليات الغش والتزوير واختلاس الأموال العامة في حال حصولها، وذلك يكون عادةً تمهيداً لتكوين ملف قضائيّ جزائيّ، خلافاً للتدقيق المالي العادي الذي يسعى إلى مطابقة الإدارة المالية مع المعايير المحاسبيّة”.

 

ولحين إطلاق العنان لذلك التحقيق الذي اعتبره العهد إنجازاً وخطوة على درب مكافحة الفساد، تبقى تلك التساؤلات محطّ تداول وتساؤل لمن اطلع على سطور العقود الموقّعة مع تلك الشركات العالمية.