صباح أمس نشر الخبر الذي تأخر سنة. منذ أيلول 2020، بدأ التفاوض مع شركة ألفاريز ومارسال لتجديد عقد التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان. لكن الكثير من النقاشات والمفاوضات والمماطلة استدعت الانتظار حتى يوم أمس، ليوقع وزير المالية العقد، بعدما سبق أن وقعه ممثل الشركة منذ أسبوعين، ثم أحيل بعده إلى ديوان المحاسبة للحصول على موافقته المسبقة.
تسلم الديوان العقد يوم الأربعاء في الثامن من أيلول الجاري، وأصدرت الغرفة التي تترأسها القاضية نيللي أبي يونس ويشارك في عضويتها القاضيان رانية اللقيس وروزي بو هدير، قرارها أول من أمس، بالموافقة المسبقة على العقد، حيث صدّقه رئيس الديوان القاضي محمد بدران في اليوم نفسه وأحاله إلى وزارة المالية. وبذلك، يكون المسار الطويل والمتشعب الذي بدأه وزير المالية السابق غازي وزني انتهى بتوقيع الوزير الجديد يوسف خليل للعقد بعد أيام من تعيينه. علماً أن خليل هو أحد أبرز المسؤولين في مصرف لبنان، بوصفه كان مديراً للعمليات، ومسؤولاً تحديداً عن عمليات اليوروبوند والهندسات المالية.
التوقيع لم يكن بحاجة إلى حصول الحكومة على الثقة، انطلاقاً من أن الموافقة على العقد سبق أن صدرت، كما صدر قرار حجز الاعتماد، بالتالي، فإن التوقيع بذاته هو جزء من تصريف الأعمال.
وبالرغم من موافقة الديوان، إلا أنه أبدى، في معرض ممارسة رقابته، ملاحظات وتوصيات يتوجب الأخذ بها عند التفاوض على عقود لاحقة، ومنها:
– عدم جواز إعفاء الشركة من الضريبة على القيمة المضافة أو أي ضرائب أخرى، وعدم إلزام الدولة بتحملها على النحو الحاصل في العقد.
– تصحيح قيمة حجز الاعتماد بما يتوافق مع قيمة العقد الفعلية التي بلغت 2.7 مليون دولار دولار، أي 4.151 مليار ليرة، بدلاً من 4.927، وذلك بعد استبعاد الضرائب والرسوم التي يجب أن تتحملها الشركة.
– عدم جواز تحديد الشركة لنسبة الفائدة بقيمة 2 في المئة يومياً بالنسبة للمبالغ غير المسددة، إنما يقتضي الالتزام بنسبة الفائدة القانونية المفروضة وفقاً للقانون.
– خلو العقد من نص يتضمن حق الدولة بغرامة أو تعويض في حال تلكؤ الشركة أو امتناعها من دون سبب مشروع عن القيام بموجباتها.
أمام الشركة 12 أسبوعاً لإنجاز تقريرها بعد استلام المعلومات من مصرف لبنان
– عدم جواز إنهاء الاتفاقية من قبل أحد الطرفين من دون سبب مشروع، وعليه لا يجوز الدفع للشركة مستحقاتها في حال أنهت الاتفاقية بإرادتها المنفردة من دون مبرر، إذ ينبغي في هذه الحالة تغريمها.
– وضع ضوابط حول كلفة توفير الأمن والحماية الجسدية لفريق ألفاريز وضمان التدابير الصحية، في ما يتعلق بأزمة كورونا (يجب أن لا تتجاوز المصاريف السقف المحدد بـ220 ألف دولار.
– ضرورة تحميل شركة ألفاريز مسؤولية المعلومات والاستنتاجات التي توصلت إليها في التقرير، والتي يجب أن تتوافق مع طلب العميل ولا يجوز لوزارة المالية أن تشارك في عملية صياغة التقرير، وإنما الإشراف فقط على تقيد الشركة بالمعلومات المطلوبة.
– عدم جواز تحويل الدولة مصاريف وأتعاب المستشار القانوني للشركة في ما يتعلق بإنفاذ هذه الاتفاقية في سياق أي نزاع محتمل.
– وجوب تسليم التقرير المبدئي إلى وزارة المالية التي يحق لها التصرف وفق ما ترتأيه بالنسبة لمضمون التقرير الموقع من قبل الشركة من دون أخذ موافقة الشركة في حال قررت الوزارة الاستفادة من مضمونه.
– عدم إجازة التحكيم إلا بعد الاستحصال على قرار من مجلس الوزراء.
بالنتيجة، فإن توقيع العقد يعني مباشرة الشركة لعملها، وفي المرحلة الأولى يفترض أن يسلمها مصرف لبنان المعلومات التي سبق أن رفض تسليمها في العقد السابق، على أن تقوم بعد ذلك بتقييم المعلومات والتدقيق بها، تمهيداً لإصدار تقريرها الأولي بعد 12 أسبوعاً من بدء عملية التدقيق.
وفي المناسبة، اعتبر رئيس الجمهورية ميشال عون، أن «التدقيق المالي الجنائي تحقق بعد 20 شهراً من السعي الحثيث واليومي للتوصل إليه، وهو يستجيب لحق اللبنانيين في معرفة أسباب الانهيار الاقتصادي والمالي والاجتماعي والمعيشي الذي أصاب البلاد والعباد، وهو يمهد الطريق أمام الإصلاحات المنشودة ويتجاوب مع رغبات المجتمع الدولي في مساعدتنا على تحقيق النهوض الاقتصادي الذي نأمل أن توفق الحكومة الجديدة في السير به».
وتابع عون: «التدقيق المالي الجنائي سوف يشمل لاحقاً الإدارات والمؤسسات العامة والمجالس والصناديق والهيئات خصوصاً تلك التي حامت الشبهات حول أداء المسؤولين عنها خلال الأعوام الثلاثين الماضية».
وطمأن عون اللبنانيين إلى «أن السنة الأخيرة من ولايتي ستكون سنة الإصلاحات الحقيقية بعدما تعذر تحقيق ذلك بفعل تغليب بعض المعنيين لمصالحهم الشخصية، وشكلوا منظومة أقفلت الأبواب في وجه أي إصلاح ما وفّر الحماية لفاسدين ومرتكبين».