IMLebanon

ماذا عن تفسير المادة 95 وسيناريوات جلسة التدقيق الجنائي؟

 

عطفاً على رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى مجلس النواب بواسطة رئيس المجلس نبيه بري، والتي دعا فيها النواب إلى “التعاون مع السلطة الإجرائية من أجل تمكين الدولة من إجراء التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان، وانسحاب هذا التدقيق بمعاييره الدولية كافة، على سائر مرافق الدولة العامة”، دعا الرئيس بري إلى جلسة عامة تعقد في الثانية من بعد ظهر الجمعة المقبل في قصر الأونيسكو، إنفاذاً للمادة 53 الفقرة 10 من الدستور والفقرة الثالثة من المادة 145 من النظام الداخلي لمناقشة مضمون الرسالة واتّخاذ الموقف أو الإجراء أو القرار المناسب بشأنها.

 

وهي الرسالة الثانية التي يوجّهها عون إلى مجلس النواب، بعدما كان وجّه رسالة سابقة في31 تموز 2019 تضمّنت حينها طلباً لتفسيرالمادة 95 من الدستور.

 

قبل الحديث عن حيثيات واحتمالات وسيناريوات جلسة الجمعة أو جلسة تفسير”التدقيق الجنائي”، لا بد من السؤال عن الفرق بين رسالتي 2019 و2020 ؟

 

في رسالة تمّوز 2019، كان المجلس في دورة إستثنائية ولا يستطيع مناقشتها، لكنّ رئيس المجلس، وعملاً بنصّ المادة 145 من النظام الداخلي، حدّد موعداً للجلسة في 17 تشرين الأول 2019، أي بعد بدء العقد العادي لمجلس النواب.

 

وبما أنّ تاريخ 17 تشرين الأول 2019 كان يوم إنطلاقة الإنتفاضة الشعبية، فقد تمّ تأجيل تلك الجلسة إلى 27 تشرين الثاني 2019.

 

وكان التأجيل بناء لطلب رئيس الجمهورية حينها، وبعد اتصالات كثيفة جرت قبيل طلب التأجيل بهدف سحب هذا الملفّ من التداول، على خلفية أنّ الأولوية هي لمعالجة الملفّ الإقتصادي والمالي، وتفادياً لفتح سجال يُعمّق الخلاف بين القوى السياسية حول أمور دستورية وصلاحيات ليس وقتها، وكذلك تفادياً لاحتمال ردّ الرسالة وهو ما كان سيعتبر مثابة مواجهة مع رئيس الجمهورية.

 

وإذا كان لـ 27 تشرين الثاني 2019 مبرّرات طلب التأجيل إلى أجل غير مسمى لمناقشة رسالة عون حول تفسير مادة دستورية خلافية، فإن 27 تشرين الثاني 2020 لن يكون أمامه خيارات كثيرة للتراجع.

 

فرئيس الجمهورية مُصرّ على متابعة ملفّ التدقيق الجنائي حتى النهاية، وبالتالي لن يُبادر إلى طلب تأجيل المناقشة أو سحب الرسالة كأحد الخيارات المتاحة. وبالتالي، فإنّ السيناريو الأقرب هو أن تنعقد الجلسة ويُطالب النواب بتأجيل البحث في مضمون الرسالة، أو أن يُفتح النقاش ويتمّ الدخول في التفاصيل.

 

وترى مصادر متابعة للملفّ أنّ المشكلة هي في المضمون، إذ إنّ رئيس الجمهورية ومعه وزيرة العدل، يرى أنه ليس بحاجة إلى قانون، وهناك من يرى خلاف ذلك، وهو لجأ إلى مجلس النواب في ظلّ غياب إمكانية الحسم قضائياً، وبسبب ضغط عامل الوقت.

 

وفي كلا الحالتين يمكن لمجلس النواب عطفاً على المادة 145 من النظام الداخلي أن يتّخذ القرار المناسب، وهنا يمكنه القبول أو الرفض أو حتى إيجاد مخرج قانوني.

 

ويرى الوزير الأسبق والخبير الدستوري والقانوني زياد بارود أنّه “يمكن للمجلس، خلال مناقشة الرسالة ومضمونها أن يقرّ إقتراح قانون معجّل مكرّر، إذا وجد ذلك مناسباً، لمعالجة المشكلة المطروحة في مضمون الرسالة”. ويقول لـ”نداء الوطن”: “درجت العادة أن يُشرع المجلس قبل أن يصل إلى الموازنة في عقد تشرين، وبالتالي هو الجهة التي ستحسم الأمر بعد المناقشة إذا كان موضوع التدقيق الجنائي بحاجة إلى تشريع جديد أو الإكتفاء بما هو قائم، فكلّ الإحتمالات مفتوحة أمام المجلس، وقد لا تُفضي المناقشة إلى إتفاق وهنا يُطرح السؤال: هل يذهب المجلس إلى التصويت؟ وعلى ماذا؟”.

 

ويلفت إلى أنّ “توجيه رئيس الجمهورية رسائل إلى مجلس النواب هو من الحقوق الدستورية له وِفقاً للفقرة 10 من المادة 53 من الدستور بصفته رئيساً للدولة وحامياً للدستور، وهذه الصلاحية، أي حماية الدستور، تُعتبر من أهمّ الصلاحيات التي يتمتّع بها رئيس الجمهورية بالرغم من كلّ الجدل ما قبل وما بعد الطائف حول الصلاحيات، والرسالة إلى مجلس النواب هي نتيجة حتمية لهذه الصلاحية”.

 

ويؤكّد أنّ “الرسائل تُحاكي المبدأ أكثر من التفاصيل، والتدقيق الجنائي هو من الأمور المبدئية بعدما دخل في أخذ وردّ بين المعنيين، وعندما يتوجّه رئيس الجمهورية إلى مجلس النواب، فهو يتوجّه إلى السلطة الأمّ، وبالتالي رسائل الرئيس تتّجه إلى المكان الصحيح، فالتوجّه إلى مجلس النواب عمل ديموقراطي لأنّه المرجع في تفسير الدستور أو التعديل، والرسالة في صلب صلاحيات رئيس الجمهورية وواجباته للركون إلى المؤسّسات الدستورية لحسم النزاع”.

 

ويؤيد “وجهة النظر أو الإجتهاد القائل إنّ مجلس الوزراء يمكنه أن يجتمع في ظلّ حكومة تصريف الأعمال، خصوصاً في هذه الظروف، عطفاً على قرار مجلس الشورى لعام 1969 بهذا الشأن، على أن يكون جدول الأعمال ببند وحيد مثلاً، ويتّخذ قراراً برفع السرّية المصرفية عن الحساب 36 المتعلّق بهذا الملفّ”.

 

تبقى الإشارة أخيراً إلى أنّ نتائج ما سيجري من مناقشات في جلسة اللجان النيابية المشتركة لقانون الإنتخاب اليوم سينعكس لا شكّ على مسار جلسة التدقيق الجنائي يوم الجمعة.