IMLebanon

نسيان موضوع الغاز والنفط

خلال شهر وأكثر لم نسمع عن موضوع النفط والغاز اي معلومات تتعلق بقرب اصدار المراسيم اللازمة من اجل انجاز عقود تسمح بالتنقيب ومن ثم التطوير بعد العثور على الموارد.

هيئة ادارة هذا القطاع التي هي هيئة استشارية لم يصدر عنها ما يفيد أنها معنية بالتعجيل في الاتفاقات، والتأخير حتى تاريخه تجاوز السنتين، ومجلس النواب اذا قدر له ان ينعقد للضرورة لا يبدو انه وضع وجوب انجاز المراسيم التنظيمية للبحث والتنقيب على جدول أعماله.

الوقت الضائع منذ سنتين وحتى اليوم شهد تطورات بالغة الاهمية ان بالنسبة الى النفط او الغاز. فأسعار النفط تدنت بنسبة 50 في المئة، واسعار الغاز تدنت بنسبة 30 في المئة، والاهم من ذلك ان مشاريع انتاج الغاز المُسيَّل للتصدير تعددت وقارب عدد كبير منها الانجاز وخصوصا في غرب اوستراليا، وبابو غينيا الجديدة التي تقع شمال القارة الاوسترالية، وجزيرة ساخالين التي يسيطر عليها الروس منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، وقارب مشروع لتسييل الغاز الانتهاء الامر الذي يقوي المنافسة في السوق الياباني الذي هو حتى تاريخه السوق الاكبر عالميًا لاستيراد الغاز المُسيَّل.

والمشاريع قيد التنفيذ لا تنحصر بالمناطق المشار اليها بل تشمل أيضًا مواقع عدة في الولايات المتحدة التي يفترض ان تبدأ التصدير قبل نهاية 2017، وربما أهم من هذه المشاريع للغاز المُسيَّل اتفاقان بين الصين وروسيا على استيراد الغاز الروسي بواسطة الانابيب بدءاً من 2018 وتبلغ قيمة العقدين الموقعين بين البلدين أكثر من 700 مليار دولار.

النتيجة الحتمية لهذه التطورات تعرِّض صادرات قطر من الغاز المُسيَّل لمنافسة شديدة بدءاً من 2018، والواقع ان هبوط اسعار النفط والغاز تتآكل اسعار تسليم الغاز المُسيَّل من قطر الى اليابان. وكانت اسعار هذه التسليمات ارتفعت بقوة بعد توقيف مفاعل فوكوشيما ونحو 28 محطة كهربائية نووية أخرى عن التشغيل في اليابان، وحديثاً بدأ تشغيل مفاعل من الـ28 واسعار تسليمات الغاز المُسيَّل انخفضت بنسبة كبيرة خلال 2014 والاشهر الاولى من 2015.

السؤال الملح يطرح على الحكومة ومجلس النواب لماذا لا يبادران الى مباحثة قطر لانجاز اتفاق لاستيراد الغاز المُسيَّل لمعملي كهرباء نهر البارد والزهراني بعد ربطهما بخط نقل الغاز بين الموقعين. فالفرصة متاحة للاستفادة من عقود طويلة المدى لانشاء محطة لتسلم الغاز المُسيَّل وتحويله الى غاز مناسب لانتاج المعملين، ومعامل الترابة وحتى معمل البتروكيماويات الذي يلوث بحر سلعاتا منذ سنوات والمفروض تخفيف اثره الضار والغاز يكون الخيار الافضل لذلك.

لقد رددنا مرارًا وتكرارًا ان انتاج الغاز والنفط لن يتوافر قبل انقضاء سبع الى ثماني سنوات على انجاز عقود البحث والتنقيب، ولا نشك في ان حماسة الشركات لانجاز ارتباط كهذا خفت مع هبوط الاسعار، ولنفترض ان بعض العقود يمكن انجازه، فلماذا نبقى مكتوفين من دون تأمين استيراد الغاز كلقيم لمعملي الكهرباء القائمين وشركات انتاج الاسمنت والبتروكيماويات، وعملية انجاز مرفق استقبال الغاز المُسيَّل وضخ الغاز للاستعمالات المشار اليها لا تحتاج الى أكثر من سنتين، فيكون لنا وفر طوال خمس الى ست سنوات يتجاوز كل سنة الملياري دولار، وخصوصا اذا باشرنا انجاز مصنع الـ500 ميغاوات المتوقف عقد تنفيذه على رغم انجازه عام 2013.

اذا كان نوابنا متقاعسين عن ضرورة التعجيل في البحث والتنقيب عن الغاز والنفط، فلماذا تبقى الهيئة المنشأة غافلة عن التطورات العالمية والحاجات المحلية، وهل نكتفي بتوفير معاشات سخية لاعضاء هيئة بات نشاطها يشابه نشاط النواب اللبنانيين؟!

قطر عام 2005 عرضت انجاز مرفق لاستقبال الغاز المُسيَّل، واقترحت تسعيرة لكل الف قدم مكعب من الغاز على مستوى دولارين، اي ما يساوي 12 دولارًا لبرميل النفط الخام، ونحن ندفع ماليًا عن برميل المازوت المستعمل في المصنعين والباخرتين التركيتين ما يساوي 65-70 دولارًا، فلو وقعنا العقد عام 2005 وحققنا المنفعة منذ عام 2007 لما كان مستوى الدين العام في لبنان يزيد عن 50 في المئة من مستواه الحالي.

لقد استجبنا لمساعي قطر عام 2008 لتأمين مناخ لانتخاب رئيس للجمهورية، ومن المؤكد ان قطر، قياساً بالتنافس الذي ستشهده في مجال تسويق الغاز المُسيَّل، على استعداد لمساعدة لبنان بتوقيع عقد طويل المدى لتوفير الغاز المُسيَّل بسعر يراوح بين ستة وسبعة دولارات لكل الف قدم مكعب، أي ما يعادل 42 دولاراً للبرميل من النفط الخام، فنحقق وفرًا على صعيد كلفة استيراد المازوت لا تقل عن 28 دولارًا لما يوازي كلفة كل برميل.

بكلام آخر، نحن نستورد لحاجات معامل الكهرباء القائمة والباخرتين التركيتين ما يقرب من 15 مليون برميل من المازوت المناسب، والوفر الاضافي الذي يتحقق، بعد تحقق وفر من هبوط اسعار النفط، يوازي 420 مليون دولار سنويًا.

ان الافاقة الى حاجات اللبنانيين مستقبلاً تأخرت كثيرًا وانتظار المن والسلوى من ثروة لبنان من الغاز والنفط لن تتحقق في احسن الاحوال قبل انقضاء ثماني سنوات، فهل يستفيق نوابنا الى ما نحن فيه، وهل تستفيق الهيئة الناظمة الى ان عليها على الاقل توضيح الامور ولو على حساب السياسيين المسيطرين على مناخ عملها؟!