انقضى أكثر من خمسة أسابيع على انطلاقة العام الدراسي في التعليم الرسمي، من دون أن يصدق أيّ من وعود وزير التربية عباس الحلبي بدفع حوافز إضافية للأساتذة حتى الآن، وفي غياب أي خطط طوارئ للتعامل مع الأساتذة النازحين من القرى الجنوبية، وتلامذة مدارس القرى الحدودية الذين لم يدرس بعضهم يوماً واحداً، في وقت دخلت المدارس الرسمية الشهر الثاني من التعليم، والخاصة الشهر الثالث.
ومع مرور الوقت، تتزايد الشكوك حول كلّ ما يتعلّق بالعام الدراسي، رغم كلّ محاولات الوزارة التجميلية. فآلية تنظيم دفع الحوافز «مشكوك في أمرها»، وفقاً لمصادر في روابط التعليم، و«القرار لم يوقّعه وزير التربية»، ما يثير مخاوف من «محاولة تمرير الأيام التعليمية وصولاً إلى نهاية عام 2023، على أن يجري التفتيش عن حلول حينها». أما الأساتذة الذين قبلوا بالعودة إلى التعليم بناءً على وعود بإضافة 300 دولار على رواتبهم، فقد تقاضوا راتباً من دون أيّ إضافات أو حوافز أو بدلات نقل، راوحت قيمته بين 200 و300 دولار فقط.
وفي وقت يستمرّ الأساتذة بالتعليم المنتظم في كلّ المناطق باستثناء الجنوب، تصرّ وزارة التربية، بشخص الوزير وعدد من الموظفين، رغم الظروف الامنية والاقتصادية، على «الانتقام» من بعض الأساتذة الذين شكّلوا رافعةً لتحرّكات العام الدراسي الماضي، وذلك بإبعاد عدد من الأساتذة الفاعلين من ثانوياتهم، وبعضهم إلى مسافة نحو 50 كيلومتراً عن أماكن سكنهم، في مخالفة للقانون الذي يضع صلاحية معاقبة الموظف بيد التفتيش.
وفي سابقة غير موجودة إلا في المدارس اللبنانية، ارتفعت أدوات ضبط الدوام إلى ثلاث. ففي انتظار بدء صرف الحوافز للأساتذة، ملأت وزارة التربية وقت الأساتذة بجداول إضافية لأخذ تواقيعهم عليها عند الحضور والمغادرة، إضافة إلى دفتر الدوام الأساسي. وبحجة «استحقاق الحوافز»، طلبت الوزارة من الأساتذة توقيع أوراق تحدد أوقات الحضور والمغادرة وعدد الحصص التي أدوها. وبعد التوقيع على الدفتر والورقة، يُطلب من الأساتذة «التتكيس» على ساعة الدوام.
أمّا روابط التعليم، فملأت الفراغ بالزيارات المناسبة التي تنتهي دائماً بعبارات «التأكيد والمتابعة». في الزيارة الأخيرة لرابطة الثانوي إلى وزير التربية، «أكّد الأخير تاريخ 20 تشرين الثاني موعداً لبدء صرف الحوافز البالغة 300 دولار لكل أستاذ، ولكن الدفع سيتمّ بالليرة على سعر الصرف الرائج لا الدولار، لعدم موافقة حاكم مصرف لبنان بالإنابة، وسيم منصوري، على تحويل السلفة الحكومية إلى العملة الأجنبية». ولدى مطالبة بعض أعضاء الروابط الوزير بمساواة الأساتذة النازحين ببقية زملائهم في منحهم الحوافز الإضافية بسبب أوضاعهم الصعبة، حدث نقاش حاد مع مستشاري الحلبي الذين رفضوا بحث الفكرة من أصلها عارضين دفع 100 دولار فقط للأستاذ النازح، ولم تستطع الروابط انتزاع أكثر من وعد بدفع 150 دولاراً. وأنهى الحلبي النقاش بطرح فكرة «وضع أحكام خاصة بالأساتذة النازحين»، من دون تحديد أيّ سقف زمني.
المانحون في وزارة التربية: الأمر لنا!
استباحت الجهات المانحة الوزارات وضربت بعرض الحائط القوانين والنصوص تحت شعار «من يدفع يأمر». في وزارة التربية، منعت الجهات المانحة نقل أموال للمدارس المتعثرة مالياً من صندوق التعاضد الذي تغذيه الثانويات بـ10% من قيمة موازناتها التشغيلية، رغم أنّ القانون يسمح للمديرية العامة للتربية بذلك.
وأشارت مصادر في وزارة التربية إلى «فوضى كبيرة في إدارة الملف المالي الخاص بالثانويات، بعدما ترك الموظف الموكل إدارة الملف منصبه وسافر إلى قطر بعقد عمل، فيما طلب الموظف الذي عُيّن مكانه إعفاءه بسبب الشح المالي والضغط الكبير من إدارات الثانويات على مديرية الثانوي. وأمام هذا التعثر لم تبحث الوزارة عن حلول، بل زادت الضغط على المدارس الرسمية وأرسلت إليها نماذج إلكترونية جديدة خاصة بدراسة الموازنات، وربطت مساعدات الجهات المانحة لصناديق المدارس بها، ومن دون تدريب، أو وجود موظف للمراجعة معه، ما أوقع عدداً كبيراً من الإدارات في عجز.