نجحت «إبر» بدلات الإنتاجية البالغة 300 دولار شهرياً في تخدير أساتذة التعليم الرسمي، وأخمدت بشكل شبه تام أيّ تحرك مطلبي في القطاع. ولولا توقف العملية التعليميّة في مدارس مناطق المواجهة مع العدو جنوباً، لأمكن القول إنّ العام الدراسي يسير بشكل طبيعي. لكن القبول بالوضع الحالي، مع تراجع قيمة الراتب 63 مرة، ليس عاماً، إذ لا يزال 110 أساتذة ممتنعين عن التعليم للعام الثاني على التوالي.بالنسبة إلى هؤلاء، تراجع أساس الراتب من 1600 دولار إلى 27 دولاراً فقط، ومع مضاعفته 7 مرّات لم يتخطّ سقف الـ 200 دولار شهرياً، وهو مبلغ «لا يمكن القبول به لتعليم 18 حصة أسبوعياً، والتنقل ذهاباً وإياباً 16 يوماً شهرياً».
الممتنعون، على قلّتهم مقارنةً بالعدد الكلّي لأساتذة الثانوي في الملاك البالغ 7 آلاف، موزعون على المناطق كافةً، واستعاضت وزارة التربية عنهم بالمتعاقدين، رغم أنّها لم تعدم وسيلةً لإعادتهم ترهيباً وترغيباً، تارةً بالتهديدات عبر المديرين ودارسي المناطق باعتبارهم مستقيلين حكماً، من دون أن تجرؤ حتى اللحظة على إرسال أي تهديد بشكل خطي، وأخرى بإغرائهم بتعليم عدد قليل من الحصص. ولدى سؤال الممتنعين عن سبب عدم استقالتهم، يجيبون: «أعيدوا لنا تعويضاتنا بنفس قيمتها يوم حسمت من رواتبنا لنستقيل، وفي المقابل لن نرضى بالعمل سخرةً»، علماً أن رواتبهم لا تزال تصلهم شهرياً لأن وضعهم قانوني ما داموا يوقّعون على دفاتر الحضور في المدارس مرة كلّ 15 يوماً كي لا يعدّوا مستقيلين. وبالتالي يتقاضون الراتب المضاعف 3 مرات المقرّ لكل موظفي الدولة في موازنة 2022، إلا أنهم لا يحصلون على راتب مضاعف 7 مرّات كونه مشروطاً بالحضور 14 يوماً إلى مركز العمل، كما لا تدفع لهم وزارة التربية بدل الإنتاجية البالغ 300 دولار شهرياً.
ورغم تضييق موظفي وزارة التربية من مديرين وإداريين على الممتنعين ومحاولات التضييق كمنع تقديمات تعاونية الموظفين عنهم عبر تمنّع بعض المديرين عن توقيع طلبات الاستشفاء لهم، وصولاً إلى التهديد بالتفتيش والإقالة من الوظيفة، إلا أنه «بسبب عدم قانونية هذه الخطوات تتراجع التهديدات بسرعة»، بحسب أستاذة ممتنعة. وحول مساءلة التفتيش للممتنعين، أشار الأساتذة إلى أن المفتشين أبلغوا الأساتذة في جلسات المساءلة أنّ «القانون إلى جانبكم، فأنتم عيّنتم في الوظيفة العامة بمراسيم، وتقالون بمراسيم، لا برسائل واتسآب صادرة عن موظفين من نفس فئتكم الوظيفية».
110 أساتذة لا يزالون ممتنعين عن التعليم للعام الثاني على التوالي
ويلفت الممتنعون إلى أن «الدولة أخلّت بالعقد مع الموظفين، فقانون الموظفين الرقم 112 أشار صراحةً إلى أنّ القيمة المادية للراتب يجب أن تؤمن للموظف عيشاً لائقاً لا يضطرّه إلى العمل في أيّ وظيفة أخرى تحطّ من قدر الوظيفة العامة». ولكن «التعليم اليوم عبارة عن عمل من دون أجر، وسخرة، إذ لا يكفي سوى للوصول إلى مركز العمل». ويشيرون إلى أنه في إحدى جلسات الاستجواب مع التفتيش، توجّهت أستاذة بالسؤال إلى مفتشة عن «كيفية العيش براتب قدره 140 دولاراً شهرياً، وكيف يقبل جهاز التفتيش بتقاضي أساتذة التعليم الرسمي مبالغ مالية إضافية مصدرها أحزاب وجمعيات محليّة بغية إعادة فتح المدارس، مع أنّ القانون منع الموظف من التماس أيّ إكرامية أو هدية؟».