Site icon IMLebanon

تفاقم شلل الإدارة العامة والتعليم الرسمي

 

لا مؤشر جدي على أن الإضراب العام الحاصل في الادارة العامة، منذ 18 الشهر الحالي وحتى 27 منه، سينتهي قريباً بل قد يتمدد. وكذلك الامر بالنسبة لإضراب المدارس الرسمية الذي أتم أسبوعه الرابع. والسبب ربط هذين الملفين بعقد جلسة لمجلس الوزراء، التي يبدو أنها لن تكون قريبة، بسبب التعقيدات التي ترافق الدعوة لعقدها في ظل حكومة تصريف الاعمال. ما يعني أن الشلل يُعاود الانتشار في المرافق العامة ومؤسسات الدولة، بعد انحساره النسبي عند مضاعفة رواتب القطاع العام ثلاثة أضعاف، بعد إقرار موازنة العام 2022. ومُرشح أن ينتقل إلى أكثر من قطاع عام وخاص ( إضراب موظفي ليبان بوست منذ الاثنين الماضي) بسبب ذوبان قيمة الليرة اللبنانية أمام سعر دولار السوق السوداء.

 

ما يحصل في ملفي الادارة العامة والتعليم الرسمي هو مجرد وعود. بدأت ملامحها منذ عقد الجلسة الاولى لمجلس الوزراء هذا العام والاعتصام الذي نفذه الاساتذة بالتزامن مع انعقادها. إذ وعدهم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالعمل على إيجاد حل لمطالبهم. ويوم الثلاثاء (أمس) عُقد إجتماع بين ميقاتي ووزير التربية عباس الحلبي، وتمّ التوافق على إدراج إضراب الاساتذة في القطاع الرسمي على جدول أعمال الجلسة المقبلة (من دون تحديد موعد انعقادها).

 

لكن العقدة الأكبر تتمثل في كيفية تأمين 10 ملايين دولار، كانت الجهات المانحة قد وعدت بدفعها، لتأمين إستمرارية العام الدراسي الحالي (الكلفة هي 25 مليوناً تملك الوزارة 15 منها)، حيث يُمنح بموجبه 130 دولاراً (كاش) لكل أستاذ. إذ أن هذه الجهات تتريث في دفع ما وعدت به، لأسباب يفسرها مصدر مطلع لـ»نداء الوطن» «بالتباين وعلامات الاستفهام التي تضعها هذه الجهات على الحكومة، في كيفية صرف هذه المبالغ ومنحها لمستحقيها». موضحا أن «الامر ليس نقصاً في التمويل لدى هذه الجهات، والدليل هو منحها في بداية العام الحالي 200 مليون دولار لباكستان لإنفاقها على قطاعها التعليمي».

 

أما على صعيد إضراب موظفي الادارة العامة، فهذا الملف في عهدة وزير العمل مصطفى بيرم، الذي من المتوقع أن يلتقي اليوم (الاربعاء) الرئيس ميقاتي للتباحث بشأنه، كما أفاد «نداء الوطن». مستبعداً أن «يتم فك الاضراب هذا الاسبوع، بالرغم من أن مطالب الموظفين محقة، وهم في أسوأ حالاتهم. ولذلك سيتم العمل على إيجاد صيغة ترضي كل الاطراف».

 

يقول بيرم إنه «أصر على إشراك الحكومة في المفاوضات الحاصلة وتحمل مسؤولياتها، لأن تجربتي السابقة في هذا الملف أدت إلى بعض الارباكات. ومن المفترض ان يتم حل هذا الامر قريباً».

 

إضراب مفتوح على المستجدات

 

تجدر الاشارة الى أن عدد موظفي الادارة العامة هو 30 ألفاً، من أصل 320 ألفاً، موزّعين على الوزارات والمستشفيات الحكومية، والجامعة اللبنانية والمؤسسات العسكرية والأمنية. ومن المعلوم أن الادارة العامة هي القاطرة الاساسية للادارة اللبنانية المتهالكة. ومنذ بداية الازمة لم تعمل إلا بنسبة 5 بالمئة من قوتها (بسبب كورونا والإضرابات المتلاحقة). وقد أوقفت إضرابها الذي بدأته في حزيران 2022 على مضض في أيلول الماضي، بعد إقرار الحكومة زيادة 3 رواتب للقطاع العام.

 

تشرح رئيسة رابطة موظفي الادارة العامة نوال نصر لـ»نداء الوطن»، أن «الاضراب مستمر لأنه لم يتم التوصل إلى شيء. وبعد اجتماع الرابطة مع وزير العمل، من المنتظر أن تلتقي بعدها رئيس الحكومة. لكن لا شيء واضح ونأمل أن يتم حل هذا الملف بشكل جذري».

 

تشدد نصر على أنهم «لم يوقفوا الاضراب الذي بدأوه الصيف الماضي. لكن عندما تمت مضاعفة رواتبنا إتخذنا قراراً بالدوام لمدة يومين، وبحسب قرب الموظفين الجغرافي من مراكز عملهم تحسساً منا بأوضاع المواطنين»، لافتة إلى أن «الاضراب متواصل ومفتوح على المستجدات المقبلة. لكن ما يمكن الرهان عليه هو اقتناع المعنيين، بأنه لا يمكن الإستمرار على هذا النحو. وكموظفين ما كنا لجأنا إلى الخطوات التصعيدية التي شلّت الادارة العامة منذ عامين ونصف، لو أننا قادرون على تأمين حاجاتنا الأساسية».

 

وتؤكد أن «الزيادة التي أُقرت تم امتصاصها من خلال إرتفاع السوق السوداء. وما نريده هو دولرة الرواتب ولو على مراحل، وتصحيح الرواتب والمعاشات التقاعدية، وتعويضات الصرف والاستشفاء ومنح التعليم».

 

لا عودة إلى الوراء

 

الاضراب الحاصل في قطاع التعليم الرسمي، يعني أن 400 ألف طالب لا يزالون خارج صفوفهم منذ أسابيع، وعودتهم رهن «بجلسة مجلس الوزراء المقبلة، والتي يبدو أنها لن تكون قريبة» كما يقول أمين سر رابطة التعليم الثانوي حسن خليفة لـ»نداء الوطن». لافتا إلى أن»لا تواصل مع مكتب الرئيس ميقاتي، كنا نتوقع أن يحدد موعداً لجلسة هذا الاسبوع، والمفاجأة كانت أنه غير مستعجل».

 

يؤكد خليفة أن «إضرابهم صرخة. إذ لا يمكن لأي أستاذ أن يؤمن الحاجات الاساسية لعائلته براتب لا يزيد على 7 ملايين ليرة، فيما دولار السوق السوداء فوق 53 ألف ليرة، وصفيحة البنزين قاربت المليون ليرة». مشيراً إلى أن «مطالبهم هي تنفيذ التعهدات التي سبق أن قطعتها وزارة التربية والحكومة على نفسها خلال العام الماضي. بالإضافة إلى تخصيص منصة لرواتب القطاع العام وبدل النقل والاستشفاء وكل هذه القرارات تحتاج إلى مجلس الوزراء».

 

ويختم: «نحن لا نريد مكتسبات جديدة، بل الحد الأدنى الذي يمكّننا من التنقل والاستمرار. لذلك نحن مستمرون في الاضراب، لأنه لا يمكننا العودة إلى الوراء».