على وقع التهديدات الأميركية – الإسرائيلية المتلاحقة والتي توجت قبل أيام بقرار وقف تمويل الأونروا، وعلى وقع ما يحكى عن معركة إدلب السورية، تتواصل الحشود العسكرية الروسية في البحر المتوسط، في مواجهة القطع البحرية الأميركية، التي من بينها مدمرات وحاملات طائرات، إتهمتها القيادة الروسية بالتحضير لعدوان على سوريا، على خلفية ما يروّج عن إحتمال إستخدام الكيماوي في إدلب..
تتجه الأنظار الى ما يمكن أن تسفر عنه «قمة طهران» المقررة في الأيام القليلة المقبلة، وتضم رؤساء روسيا وتركيا وإيران، فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان وحسن روحاني، وهي قمة طارئة، وصفت بأنها ذات طابع «استراتيجي» بعيد المدى، وتتعلق بمعادلات وموازين المنطقة، أمنياً وعسكرياً واقتصادياً، ومواجهة العقوبات التي فرضتها ادارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالتكافل والتضامن بين الدول الثلاث المستهدفة بالعقوبات هذه، ولن يكون لبنان عن تداعياتها، أياً ما آلت إليه التطورات… والسيناريوات في هذا تتعدد وتتنوع، يوماً بعد يوم… ولبنان، لا يزال يراوح مكانه ولا يتقدم خطوة واحدة الى الأمام، على خط إنجاز تأليف «حكومة وحدة وطنية» لا تستثني أحداً، على رغم إعلان الأفرقاء كافة أقله في الظاهر، على وجوب الإسراع في إنجاز هذه المهمة، «حكومة تنأى بنا عن الوقائع الجارية ولا نحرق الوقت وننتظر القمم والمؤتمرات والحراك الدولي» على ما قال الرئيس نبيه بري في ذكرى الصدر في بعلبك…
يتبادل أفرقاء لبنانيون التهم بعرقلة وتعطيل تشكيل حكومة، عن سابق إصرار وتصميم، وتنفيذاً لتعليمات خارجية، رغم الإعلان عن «رسائل دولية» للبنان. وصفت بأنها «شديدة اللهجة» تكثفت في الأسابيع الماضية، وكلها تشدد على ضرورة إنجاز تأليف الحكومة، شرط أن تكون «متوازنة» ولا تكون فيها غلبة لفريق على فريق، ولا يكون لـ «حزب اللّه» وحلفائه فيها «الثلث المعطل» أو أي «قوة تعطيلية أو ضامنة»؟!.
يشير عديدون الى البيان الذي صدر الخميس الماضي، عن كتلة «الوفاء للمقاومة» التي تضم نواب «حزب اللّه» وحلفائه، ودعت فيه لبنان «الى الإستفادة من تطورات الأوضاع في المنطقة لمراجعة تموضعه الإستراتيجي ولإعادة النظر في بعض علاقاته الإقليمية والدولية…» رغم تشديد الكتلة «مرة جديدة على سلبيات المراوحة في تشكيل الحكومة وإنعكاس الضرر من جراء ذلك على لبنان واللبنانيين، فضلاً عن تضييع الوقت وتغييب المعيار المحدد الذي على أساسه تتحقق المشاركة ويتوازن التمثيل…» والرئيس المكلف سعد الحريري، يدرك بأن المراوحة والتأخير في تشكيل الحكومة حتى الآن، سيضعان التأليف أمام تعقيدات جديدة، خصوصاً إذا تبين أن الإستنساب هو المعيار المعتمد…
اصابع الإتهام بالتعطيل والعرقلة توجه الى ثلاثة افرقاء، «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية»، و «الحزب الإشتراكي» بقيادة وليد جنبلاط، وكل واحد من هؤلاء يستند الى مجموعة دعم مؤثرة، من الداخل كما ومن الخارج، سواء بسواء… وإذا نأى «حزب اللّه» بنفسه – بحدود أو بأخرى – عن التدخل مع من يفترض أنه حليف له («التيار الحر»)، فإن الرئيس نبيه بري شمّر عن ذراعيه، بالتنسيق الكامل مع الرئيس المكلف سعد الحريري، وأجرى لقاءات، أبرزها مع وليد جنبلاط، لم تخرج ثمارها الى العلن بعد…
لايزال رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، (الذي زار «بيت الوسط» أمس والتقى الرئيس المكلف سعد الحريري وتناول معه الغداء، كما تناولا ما آلت إليه مسألة التأليف تمهيداً للقاء الرئيس الحريري الرئيس العماد ميشال عون…) عند مربعه الأول، وهو إذ يؤكد أن «كل اللبنانيين ينتظرون تأليف حكومة وحدة وطنية، تقوم على معايير التوازن والشراكة..». فإنه في المقابل يضع مطالبه في خانة «العدالة» لافتا الى أن «لا مطلب لدينا! الا العدالة ولم نضع أي شرط أو ڤيتو على أحد، ولم نرفض أي شيء إلا بمنطق العدالة…». مشدداً في مكان آخر، على «المناصفة بغض النظر عن العدد…» ومعلناً من دون أي خجل «أننا نعمل لرفع عدد المقتنعين بخياراتنا…».
النصائح، بل التحذيرات الدولية تتوالى، وعلى الرغم من إعلان قيادات لبنانية مؤثرة، رفضها منطق العقوبات على الشعوب، فإن الجميع يتابعون «الإستعدادات الأميركية لتوجيه ضربة لسوريا…» وإن تكونت قناعة بأن «هذا العدوان لن ينجح في إعادة الأمور الى الوراء…» على ما يقول الرئيس بري..
الجميع مطالبون بالخروج من «منطق المراوحة» ، وهم يتطلعون الى ساعة الحسم في لقاء الرئيسين عون والحريري، وهل سيؤدي ذلك الى الفرح، أم سيأخذ المزيد من الوقت ومن المشاكسات والإعتراضات والإنقسامات… في ضوء الإجتهادات المتزايدة حول الصلاحية والمعايير والإمساك بكتاب الدستور… والرئيس الحريري متمسك بقناعية… ان لا دخل للوضع الاقليمي بتعثر ولادة الحكومة.. مشيراً الى أن هذا في الواقع «فشل لبناني بحت.. وكلنا يعرف ما هي العقبات…»؟!