تأليف الحكومة قبل الأعياد ما لم تطلّ من جديد شياطين التفاصيل
بري: «قربت تنحل».. وعلينا الإنصراف للتعويض على البلد ما خسره
البيان الوزاري مستنسخ عن بيان الحكومة الحالية خصوصاً البند المتعلق بالمقاومة
إذا صفت النوايا وصدقت الترجيحات، ولم تبرز أي مفاجآت في الربع الساعة الأخير فإنه يتوقع ان تولد الحكومة «السباعية» قبل عيدي الميلاد ورأس السنة أو في الأيام التي تفصل بينهما، وبما ان الشياطين دائماً تعبث بالتفاصيل فإنه يستحسن عدم الافراط بالتفاؤل وانتظار مساعي اليومين المقبلين علّها تضع الفول بالمكيول ونقطع الشك باليقين لجهة القول بأن تأليف الحكومة أمر مفعولا.
صحيح ان تطورات الـ24 ساعة الماضية على مستوى اللقاءات والمشاورات قد اوحت بأن العقدة التي كانت تعترض في سبيل تشكيل الحكومة قد دخلت دائرة الحل، وانه لم يعد هناك الا بعض التفاصيل الصغيرة تتعلق بتطبيق سيناريو الحل الذي عُمل عليه خلف الكواليس، وحمله المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إلى المعنيين بأمر التأليف، غير ان ذلك لا يدفع إلى القول بأن الحكومة باتت في قبضة اليد، خصوصاً وانه بدأ يلوح من بعيد ملامح عقد جديدة قد يكون لها دورٌ في تأخير تأليف الحكومة ما لم يسارع أصحاب القرار، إلى احتوائها والعمل على معالجتها، ومن بين هذه الأمور التي قد تتسبب في تبديد مناخات التفاؤل هي ما يطالب به حزب الطاشناق بتمثيله بحقيبة بعد ان خسرها لصالح «القوات اللبنانية». وفي حال اعيدت إليه فإن «القوات» ستطالب بالتعويض عليها بحقيبة تكون ربما لنائب رئيس الحكومة، وبالاضافة إلى ذلك فإن عين «التيار الوطني الحر» ما تزال على حقيبة الاشغال، وبالتأكيد فإن تنازل «تيار المردة» عنها لن يكون بالأمر السهل، كل ذلك يشكل عاملاً غير مريح في مسألة التأليف، اللهم الا إذا نزل عقل الرحمن على الجميع وسلموا بأمر واقع ضرورة تعبيد الطريق امام ولادة الحكومة كون ان الأوضاع اللبنانية من مختلف جوانبها لم تعد قادرة على تحمل تأخير تشكيل الحكومة.
وفي خضم الحراك الحاصل على أكثر من جبهة لازاحة ما تبقى من ألغام امام الحكومة العتيدة، فإن رئيس مجلس النواب نبيه برّي الذي كان أعلن قبل يومين انه «خلص الكلام» وليقلعوا شوكهم بأيديهم قد ضخ جرعات تفاؤلية ذات المنسوب المرتفع حيث قال امام زواره عن أزمة التأليف: «قربت تنحل» متوقعاً ان يلتقي الرئيس المكلف سعد الحريري نواب السُنَّة المستقلين يوم الجمعة المقبل في قصر بعبدا بعد ان يكون النائب فيصل كرامي قد عاد من الخارج.
وقال رئيس المجلس: ان الحل الذي تمّ التوصّل إليه هو نفسه الذي طرحه قبل ثلاثة أشهر عندما قال لجميع المعنيين هناك مخرج واحد وهو الذي وافق عليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في لقائهما الاثنين الماضي بأن يعطي المقعد السُني من حصته، وبعدما قبل الرئيس الحريري وإن بعد جهد معه، بتوزير ممثّل عنهم في الحكومة.
واعتبر رئيس المجلس اننا اضعنا على البلد ثلاثة أشهر عداً ونقداً، معرباً عن اسفه لاضاعة ثلاثة أشهر للقبول بالحل نفسه الذي كان بالإمكان السير به قبل ثلاثة أشهر وقال: انني مستعد لعقد جلسات الثقة قبل نهاية السنة، معتبرا ان البيان الوزاري لا يحتاج عناء تفكير ويجب الانصراف للعمل والتعويض على البلد، متوقعاً ان ينعكس تأليف الحكومة ارتياحاً وثقة في الداخل ولدى الخارج ويمكن ان يؤدي إلى إعادة النظر بالتصنيف الإئتماني للوضع المالي الذي وصل إلى حدّ B-3.
هذه المواقف التفاؤلية لصاحب نظرية «ما تقول فول إلا ما يصير بالمكيول»، عززت الاعتقاد بأن أمور التأليف «ماشية»، وان التفاصيل المتبقية يُمكن التغلب عليها، لأنه في حال لا سمح الله برزت تعقيدات جديدة فإن البلد سكون امام أزمة سياسية لا تحم عقباها، علماً بأن خارطة طريق الحل الذي صال وجال بها اللواء إبراهيم على أصحاب القرار لقيت قبولاً من الجميع، وبذلك فإن إمكانية الحد من اندفاعة التأليف الوشيك باتت مستبعدة على حد المطلعين على مسار ومصير التفاوض الجاري بشأن تشكيل الحكومة، الذي يُؤكّد بأن النقاش انتقل من مسألة التأليف إلى اعداد البيان الوزاري حيث يتم العمل على الاحاطة من إمكانية الوقوع في أي مطب حيال أي بند من بنوده، حيث يلاحظ ان هناك إصراراً من المعنيين بأمر التأليف على ضرورة ان لا تطول مسألة مثول الحكومة الجديدة امام المجلس النيابي لنيل الثقة.
ولم يستبعد هذا المطلع على مسار التأليف ان يكون البيان الوزاري شبيهاً بالبيان الوزاري الذي نالت حكومة الرئيس سعد الحريري الحالية الثقة على أساسه خصوصا البند المتعلق بالمقاومة وبذلك يتجاوز البلد أزمة جديدة وينطلق في اتجاه الاعداد لمعالجة الملفات الداخلية وهي كثيرة، وكذلك مواجهة التحديات الخارجية وهي كثيرة أيضاً، ومن أبرزها المواجهة الدبلوماسية المرتقبة مع إسرائيل على خلفية الأنفاق وغيرها، إضافة إلى ما يرسم من تسوية لأزمة المنطقة لن يكون لبنان بعيداً عنها حيث ينتظر ان يخوض أشرس المواجهات مع المجتمع الدولي حول مسألتي النزوح واللاجئين وقد عبّر عن ذلك الوزير جبران باسيل برسالته بالأمس إلى المجتمع الدولي حيث ضمنها رفض لبنان توطين أو إدماج اللاجئين أو النازحين على أرضه.