بعد خمسة أيام على المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الداخلية نهاد المشنوق وقدّم خلاله عرضا موثّقاً ومفصّلا لعملية التمرّد التي قام بها السجناء في المبنى «د»، معزَّزاً بفيلم فيديو يُظهر ما كشفته كاميرات المراقبة داخل المبنى قبل تكسيرها، صدرت مساء الاثنين الماضي تشكيلات شملت 31 ضابطا، القسم الاكبر منها طال تبديل «الطاقم الحاكم» في سجن رومية من ضمن مشروع «التغيير والإصلاح»!
وقد أتت «النفضة» الامنية من خلال التشكيلات، والعدد الكبير من الضباط المفصولين الى سجن رومية، لتعزّز «النَفَس» الجديد في إدارة، ليس فقط مخلّفات «الإمارة» السابقة، بل السجن بكل مبانيه.
وبدا لافتا الخلط المقصود من خلال الإبقاء على عيّنة من الضباط باتت خبيرة في دهاليز رومية ومعروفة بـ «نظافة» أدائها، مع استقدام دفعة من الضباط الجدد من أصحاب الوجوه غير المعروفة لدى السجناء الإسلاميين. وباعتقاد كثيرين، ان هذه النقلة النوعية من خلال ضخّ جديد في بقعة التوتر في رومية كانت أمرا ملحا يستحيل التغاضي عنه إذا كانت النيات فعلاً هي إقفال «دكانة الدويلة».
فبعد العملية الامنية النوعية في كانون الثاني الماضي التي انتقل بموجبها السجناء الإسلاميون من المبنى «ب» الى المبنى «د»، بقي السؤال الاكبر لدى عسكريّي رومية يتمحور حول سوء إدارة شكّل جزءا من أسباب فضيحة التمرّد الحاصل بعد أربعة أشهر من إعلان القضاء على «أسطورة رومية». فماذا يعني ان يتعرض عسكريّ للضرب والاهانة من جانب السجناء، وكاميرات المراقبة شاهدة على هذا الامر، ويكتفى بوضع المعتدي في السجن الانفرادي من دون فتح تحقيق أو اتخاذ إجراءات أكثر صرامة؟
وقد اعتبر هؤلاء «ان العسكري أو الضابط الذي يعتبر نفسه غير مدعوم داخل بقعة يفترض ان تكون الامرة له فيها، سيجد من يستغلّ نقطة الضعف هذه وصولا الى حدّ تجاهله كليا، وربما أكثر…».
نقل عن أحد العسكر الذين شهدوا على أعمال الشغب الاخيرة في السجن قوله «قبل التمرّد بساعات رفع أحد السجناء الاسلاميين المحكومين بالإعدام سكينا بوجه عسكري فتمّت حمايته من سجناء ينتمون الى طائفة العسكري نفسها، من دون أن يتمكّن مسؤولو السجن من فعل أي شيء».
لكن بعد التشكيلات الامنية التي صدرت يوم الاثنين يرى متابعو ملف رومية «ان تغيير وجوه الضباط واعتماد منهجية عمل أكثر صرامة سينعكسان إيجابيا على وضع السجن، وينزعان من يد الاسلاميين ورقة المونة والسيطرة على الضباط والعسكر».
فإلى جانب مساعد قائد السرية المقدم حنا يزبك (استلم مؤخرا أمرة المبنى د بعد أحداث الشغب الاخيرة) انتقل النقيب داني حداد ليحل محل آمر سجن المبنى «د» كميل بعيني فيما انتقل الاخير الى وحدة القوى السيارة في الضبية.
وفي المبنى «ب»، الذي تشرف اعمال ترميمه على نهايتها، عيّن مساعد قائد السرية الثاني المقدم الامير ماجد الايوبي آمرا لسجن المبنى «ب» محل الملازم اول حسين سلهب. وفي اول خطوة من نوعها، انتقل عشرة ضباط جدد الى المبنى «ب»، الذي شكّل على مدى سنوات طويلة مقرّا لـ «إمارة» الموقوفين الاسلاميين، الاعلى رتبة فيهم هو النقيب رامز بركة، فيما عيّن ستة ضباط جدد في المبنى «د».
وفيما اقتضى العرف ان يكون آمر سجن المبنى «د» من الطائفة المسيحية و «ب» من الطائفة السنية، فإن المرحلة الانتقالية ستمكّن المعيّنين حديثا من العمل تحت امرة الضباط المقدّمين والتأقلم مع نوعية العمل داخل السجن، بحيث يمكن في مرحلة لاحقة إلغاء التكاليف السابقة، بحيث يستلم تلقائيا النقيب بركة امرة سجن المبنى «ب» مكان المقدم الايوبي، ويعيّن داني حداد آمر سجن المبنى «د» مكان المقدم حنا يزبك.
كما ان التشكيلات طالت آمر سجن مبنى المحكومين النقيب ماهر بو كرم وقد حلّ محله النقيب ايهاب ابي غنام، وآمر فصائل السوق النقيب شادي سعد الذي عيّن مكانه النقيب سركيس هاشم آمر فصيلة برج حمود السابق.
وفق المعلومات، الامور أكثر من هادئة في المبنى «د» حاليا. فبعد توزيع العناصر التي كانت مسؤولة مباشرة عن أعمال الشغب الاخيرة على باقي مباني السجن، وادعاء النيابة العامة العسكرية على 41 ممّن ثبت ضلوعهم بعملية التمرّد بحيث أصبح لديهم ملفات جنائية في المحكمة العسكرية تضاف الى ملفاتهم السابقة، والدرس المتأني لمطالب السجناء المقبولة منطقيا وقانونيا، يتمكّن عسكر رومية اليوم وفي ظل عملية تلحيم الابواب المستمرة ومعاينة الاضرار وإصلاحها، من التنقل بين طوابق المبنى «د» بحرية وإجراء تعداد المساجين من دون ضغط نفسي أو «ميداني» أو ترهيب أو تهديد كلامي.
أما في المبنى «ب» فيتوقع انتقال نحو نصف سجناء المبنى «د» اليه خلال أيام، فيما تفيد المعلومات بأنه يتمّ تركيب تلفزيون في كل غرفة تبثّ محطات محدّدة غير سياسية وغير دينية باستثناء «تلفزيون لبنان»! مع العلم أن الوزير المشنوق، خلال زيارته التفقدية لسجن رومية بعد الأحداث الأخيرة، أوعز إلى المعنيين بإعادة ترميم هذا المبنى بعدم تركيب نوعية الأبواب الحديدية نفسها التي وُضعت في المبنى «د» بعدما تبيّن عدم ملاءمتها لمتطلّبات السجن.