على وهج ترقب مصير الحكومة المعلقة اجتماعاتها، تأتي زيارة رؤساء الحكومة السابقين الى الرياض، والتي ستترك ارتدادات على المشهد اللبناني لكونها محاولة جديدة لإقناع المملكة بدعم الرئيس سعد الحريري على كل المستويات في مواجهة العهد وحزب الله
بشكل مُفاجئ، نشَطت حركة رؤساء الحكومة السابقين، بحثاً عن «تنفيسة» لغضب جمهورهم في لبنان. الأمر لم يعُد سرّاً. تحدّث عنه سعد الحريري في مؤتمر صحافي أخيراً. بدا هؤلاء، في الأشهر الماضية، كأنهم في سباق مع ما يجري من أحداث على الساحة الداخلية، لإحداث أي كوة في جدار التسوية الصلبة مع رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل. وبعدَ اعتراف رئيس الحكومة بهذا الغضب، أصبحوا مستعجلين أكثر من أي وقت مضى إحياء خط دفاع قوي خلفه في وجه التسوية. وبِدافع الحاجة إلى ذلك، تقرّر أن تكون المملكة العربية السعودية هي الوجهة، رغم كل التناقض في إدارتها للملف اللبناني.
الرئيس فؤاد السنيورة صاحِب الفكرة، ومعه الكاتب رضوان السيد. «نظريتهما» تنطلِق من مبدأ أن «الطائفة السنية في لبنان لم يُعد جائزاً تركها». حمل السنيورة والسيد هذا العنوان، ودارا به الى السفارات السعودية والإماراتية والمصرية في لبنان تمهيداً لزيارة الى المملكة. وفي إطار الترويج، حرص أبرز عضوين في «مجموعة العشرين» على تأكيد أن «لا بديل لسعد الحريري، وأن تحصينه يحتاج الى دعم على المستويات كافة». وتفرّع عن هذا العنوان الكبير ثلاثة عناوين أخرى على الشكل التالي:
أولاً، أن الحريري يضعف لأن الرياض لا تدعمه كما يجِب، ولا بدّ من ترميم وضعه لأن لا بديلَ منه، واحتضانه يجب أن يحصل على المستويات كافة.
ثانياً، إعادة الاعتبار لمكانة المملكة في لبنان، لا من جانبها الرمزي أو كونها تشكل محور التوازن مع إيران وحزب الله، وحسب، بل من منطلق أن خسارتها لبنان يُفقدها الطائفة السنية.
ثالثاً، إعادة الاعتبار لاتفاق الطائف، ليسَ لكونه يعبّر عن الشراكة الإسلامية – المسيحية وحسب، بل بوصفه الضمانة الوحيدة لصلاحيات رئاسة الحكومة ضد «الهيمنة» التي يُحاول وزير الخارجية جبران باسيل فرضَها.
هذه مجموعة من الأفكار التي رتّبها الرجلان منذ نحو 3 أشهر، وبدأ الترويج لها ضمن شبكة كبيرة ضمت إلى جانب «مجموعة العشرين» شخصيات في الخط الأوسع لـ«الحريري»، من بينها رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان الذي يعمل بالتوازي على تأسيس ما يُسمى «مجلِس حكماء» يُقال إن مهمته «وضع حدّ للاستمرار في تجاوز الدستور والتمادي في مخالفة ما نص عليه اتفاق الطائف».
السنيورة صاحِب الفكرة ومعه الكاتب رضوان السيد
حازت هذه الأفكار إعجاب السفراء، تحديداً السفير السعودي وليد البخاري، الذي بدأ يعدّ العدة للزيارة. وكان لافتاً أن الرياض لم تتأخر في توجيه الدعوة الى كل من السنيورة ومعه الرئيسان تمام سلام ونجيب ميقاتي.
مصادر مطلعة على أجواء حركة الرؤساء أكدت أن التحضيرات «حصلت بالتنسيق مع الرئيس الحريري، لذا سبَقت هذه الزيارة لقاءات بينه وبين الرؤساء الثلاثة للاتفاق على برنامج العمل وجدول الأعمال وعدّة الشغل». تحمِل الزيارة بحسب المصادر جرعة دعم، مفادها أن «سلام والسنيورة وميقاتي أصبحوا يشكلون حيثية تقِف على يمين الرئيس الحريري في المنعطفات الأساسية»، فيما دعم دار الفتوى «تحصيل حاصل». وبذلك يكون رئيس الحكومة قد أصبحَ «محصّناً بخط دفاع ضد اتجاهين: واحد يمثله عهد الرئيس ميشال عون للحدّ من محاولات المس بصلاحيات رئيس الحكومة، وآخر يمثله حزب الله لمنعه من استخدام الساحة اللبنانية لمصلحة إيران». وتعتبر المصادر أن هذه الخطوة «جاءت متأخرة لكن كان لا بدّ منها، لأن الحريري لا يستطيع المواجهة وحده من دون شبكة أمان داخلية وخارجية تعمل كجبهة متراصة تحقق توازناً مع العهد».
في هذا الإطار، أشار الرؤساء الثلاثة إلى أن «الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز أكد حرص السعودية القوي والثابت على لبنان واستقلاله وسيادته وصيانة اتفاق الطائف». وفي بيان مشترك لفتوا الى أن «الملك سلمان شدد على أهمية صيغة العيش المشترك بين جميع اللبنانيين بشتى طوائفهم وانتماءاتهم، وكل ذلك تحت سقف الدستور واحترام القوانين واحترام الشرعية العربية والدولية، وأن السعودية لن تدّخر جهداً من أجل حماية وحدة لبنان وسيادته واستقلاله».