من يُشكّل الحكومة اللبنانيّة، سؤال يطرحه اللبنانيّون في ظلّ ما يتردّد يوميّاً عن قبول ورفض رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون أو رئيس التيار الوطني الحرّ وزير الخارجيّة جبران باسيل بهذا العدد من الوزراء لهذا الفريق أو رفض إعطاء هذا الحجم لهذا الفريق، وآخرها ما سمعناه بالأمس عن رفض الرئيس عون والوزير باسيل «إعطاء وزارة الدفاع للقوات لأن قيادة الجيش لديها حساسية تجاه القوات»، لا يحقّ لأحد وضع ڤيتو على فريق سياسي له وزنه في البلد، ومن المفترض أنّنا نعيش في ظلّ اتفاق الطّائف الذي طوى صفحة الحرب اللبنانيّة بكلّ ما فيها، وأنّ اتفاق معراب طوى الماضي السيىء بين العونيين والقوات اللبنانيّة، فلِمَ يُصرّ الرئيس وتيّاره على حجب وزارة سياديّة عن القوات اللبنانيّة؟!
من يُشكّل الحكومة؟ من الذي أناط به الدستور مهمّة تشكيل الحكومة؟ وما هي صلاحيّات رئيس البلاد في عمليّة تشكيل الحكومة، وللمناسبة «الأعراف» مخالفة صريحة للدّستور، ولكن نحن في بلد يُخرق فيه الدستور تكريساً للعرف!! ينصّ الدستور اللبناني صراحة في بابه المتعلّق بمهام رئيس الجمهوريّة في المادة الرابعة أنّ رئيس الجمهوريّة «يصدر بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة، ومراسيم قبول استقالة الوزراء أو إقالتهم»،»توقيع المراسيم» أمر، والتدّخل في التشكيل والمطالبة بحصة من الوزراء أمر آخر، وهذا لم ينصّ عليه الدستور لا نصّاً ولا تلميحاً، ونصّ الدستور في الباب المتعلّق بمهام رئيس مجلس الوزراء في المادة الثانية أنّ رئيس مجلس الوزراء «يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها. وعلى الحكومة أن تتقدم من مجلس النواب ببيانها الوزاري لنيل الثقة في مهلة ثلاثين يوماً من تاريخ صدور مرسوم تشكيلها».
ويفهم من سياق النصّ أن الاستشارات والتشكيل منوط برئيس الحكومة، نفهم أنّ لبنان بلد توافقي، ولكن ما لا نفهمه محاولة تكريس «أمر واقع» يمارسه رئيس حزب سياسي ويُنصّب نفسه موزّعاً للحصص والأوزان على الأحزاب الأخرى، ونحن هنا نُحذّر وبشدّة من الدّور الخفيّ والظاهر السلبي الذي يلعبه وزير الخارجيّة ورئيس التيار الوطني، والذي إن استمرّ على هذا المنوال سيكون أكبر خرق لدستور الطائف، وأنّه سيأخذ البلاد إلى منحىً شديد الخطورة!
مفهوم «التوافق» في لبنان كُرّس «للتسهيل» لا «للتعطيل»، ومن المؤسف أنّنا نشهد يوميّاً تعطيلاً مدروساً ومتعمّداً لعمليّة تشكيل الحكومة العتيدة، والفريق المعطّل بات واضحاً ومعروفاً، ما يحدث خرق فاضح ومصادرة وتسلّط على صلاحيات رئيس الحكومة ومهمّته وتعطيلٍ لدوره الدّستوري، ولم يعد يجوز السكوت على هذا الخرق الفاضح يكاد كثير من اللبنانيين يقولون إنّ وزير الخارجيّة هو من يشكّل الحكومة، هذا أمرٌ مرفوض بكلّ المقاييس!
من يؤلّف الحكومة؟ حان الوقت لموقف حازم وحاسم لرئيس الحكومة سعد الحريري يضع فيه النقاط على حروف مهمّته المعطّلة بسبب تعنّت رئيس التيّار الوطني الحرّ، لا يحقّ لجبران باسيل التدخّل في حجم تمثيل الطائفة الدرزيّة الذي أفرزته الانتخابات، ولا يحقّ له أيضاً تحجيم كتلة القوات اللبنانية في وقت يضخّم فيه كتلته، ما يحدث لعب بالنيران اللبنانية وخرق فاضح للدستور، حماية الطائف أولويّة، والتهاون مع ما يحدث لا يبشّر بالخير، الإجازات ستنتهي، أين سيهرب الذين يتحمّلون مسؤولية ما يحدث من ألسنة اللبنانيّين التي لا ترحم!