منذ دخوله القصر الجمهوري، كان جواب الرئيس المكلّف سعد الحريري معبّراً في ردّه على سؤال عن عدد المغلفات التي يحملها فقال «لا أحمل شيئا»، لتبدأ بعدها التسريبات المتضاربة بين قائل بأن الحكومة ستعلن هذا المساء (أمس) وآخر وضع زيارة الحريري في خانة التشاور مع رئيس الجمهورية في نتائج الاتصالات التي يجريها من اجل تشكيل الحكومة العتيدة.
خرج الحريري من اللقاء مع عون بعد ساعة كاملة من النقاش والبحث ليعلن ان «الامور لا تزال بحاجة الى مزيد من المشاورات لتأليف الحكومة»، في حين كان كل من الوزير جبران باسيل ونادر الحريري يواصلان من «غرفة العمليات» في القصر الجمهوري، عملية عصف أفكار مدعمة باتصالات في غير اتجاه في محاولة للقبض على المولود الحكومي متلبساً بشبهة معاندة الظهور إلى الضوء.
هل المسألة التي أعاقت ولادة الحكومة أمس زيادة عددها من 24 وزيرا إلى 30، أم بروز مطالب جديدة ضمن تشكيلة الـ 24 نفسها، تفوق القدرة على تلبيتها خصوصا بعدما قاربت عملية توزيع الحقائب خواتيمها السعيدة وفق صيغة «أحسن الممكن»؟
يجيب مصدر مواكب لعملية التأليف بالقول «إذا تم رفع عدد الوزراء لا تحتسب ولادة الحكومة بالساعات أو الأيام إنما بالاتفاق على الحقائب وتوزيعها وإعادة توزيعها، وبالتالي المسألة ليست عملية رفض لصيغة الثلاثين وزيرا إنما مقاربة مختلفة لما ستكون عليه الأحجام ونوعية الحقائب لان من كانت حصته في حكومة الـ 24 وزيرا حقيبتين ستصبح حصته في حكومة الثلاثين ثلاثة وزراء، الأمر الذي يحتاج إلى إعادة توزيع جديدة وبالتالي كأننا بدأنا من نقطة الصفر».
ويوضح المصدر انه «إذا كان الموضوع زيادة حقائب، فهذا يعني تغيير التركيبة المتفق عليها، وتاليا فتح الباب مجددا أمام مطالب جديدة، لان هناك قوى لا تقبل ان تتمثل بوزير دولة وتصر على نيل حقيبة، في عملية خلط تبدأ ولا تنتهي في ظل الشهيات المفتوحة على كل احتمالات الحقائب».
أين تعطلت الأمور إذا؟
يعتبر المصدر أن «رغبة الحريري بإشراك كل القوى السياسية في حكومته، وهو الأمر الذي يؤيده فيه الرئيس عون، دفعه بعد الاتفاق على توزيع الحقائب وفق صيغة الأربعة وعشرين وزيرا الى حمل مسودة إضافية من ضمنها ستة أسماء لوزراء يمثلون القوى السياسية غير الممثلة وما يفرضه رفع العدد الى الثلاثين، لكن ما لم يحسب له حسابا هو رفض بعض القوى التمثل بوزير دولة، وبالتالي صيغة 24 + 6 التي حملها الحريري بنية صادقة أدت إلى «فرملة» الاندفاعة الصاروخية لإعلان الحكومة».
يدعو المصدر الى «عدم التشاؤم»، مكررا القول ان «الحكومة قد تولد في اي لحظة»، منبها الى ان «التأخير في تأليف الحكومة سيضعنا امام استحقاقات دستورية داهمة اولها الانتخابات النيابية التي سيصبح الخيار بشأنها واحد من اثنين اما اجرائها وفق القانون الحالي (الستين) او تجرّع تمديد جديد يسمى التمديد التقني إلى حين الاتفاق على قانون جديد، الا ان الرأي الغالب هو اجراء الانتخابات ايا كان الظرف القائم لانه لم يعد مقبولا الاستمرار في عملية التمديد التي يرجمها الداخل ويستهجنها الخارج».