IMLebanon

«أربعين» الإستحقاق من عين التينة والسراي!

في ظل كثير من القلق والحسرة على مصير الإستحقاق الرئاسي الذي يستمر معطلاً منذ عامين وثمانية ايام، كان حوار في مجلس خاص بين مرجع سياسي- امني وفريق من أصدقائه يتمحور حول مصير هذا الإستحقاق.

انطلق الحديث من معاني التلازم في الشكل والمضمون بين موقفين من بيانين رسميين، واحد سبق حضور اربعين نائباً الى ساحة النجمة في الجلسة الأربعين، وثانٍ تلا الجلسة التعيسة بساعات قليلة، اسقطا الإستحقاق من لائحة الاولوية.

وهما:

– البيان المقتضب الصادر عن جلسة الحوار التاسعة والعشرين بين «المستقبل» و«حزب الله»، حيث اقتصر على الإشارة الى ان المجتمعين تناولوا التطورات السياسية وانعكاساتها، وقوّموا مراحل الانتخابات البلدية والاجواء الديمقراطية الايجابية التي رافقتها، والتي عززت الثقة بالدولة ومؤسساتها وبالحاجة الماسة للاسراع «في انجاز قانون جديد للانتخابات النيابية تمهيدا لإجرائها».

– تصريح وزير الداخلية نهاد المشنوق في اعقاب اللقاء الذي جمعه مع رئيس الحكومة تمام سلام ووفد من كبار ضباط المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والمحافظين وكبار موظفي وزارة الداخلية. واكتفى الوزير المشنوق بالقول «اكدنا على جهوزية الوزارة للقيام بالإنتخابات النيابية في موعدها بكل اجهزتها الأمنية والإدارية».

وعلى رغم إشارة الوزير المشنوق الى ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية لأن «هذا النظام لا يستوي ولا يعمل دون ان يكون هناك رئيس للجمهورية» فقد اكد في إطلالة تلفزيونية إستحالة انتخاب رئيس للجمهورية في الظرف الراهن بعدما شرح الظروف التي قادت الى رفض المملكلة العربية السعودية ترشيح العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري والى اعتبار ترشيحه للنائب سليمان فرنجية إقتراحاً بريطانياً وهو ما قاد السفارتين الى الرد والتوضيح نافيتين التدخل في الإستحقاق الرئاسي.

بالتأكيد لا يبدو ان الوزير المشنوق كان يتندّر في حديثه المتلفز. فقد ظهر متماسكاً، ويدرك أهمية ما كشفه وما أشار اليه من معطيات. ولا يشكك اي عاقل بما لديه من قنوات كافية ومسارب للمعلومات تكفي للإشارة الى ما اشار اليه.

فهو يعرف تمام المعرفة المعابر التي قادت الى الخطوتين ويعرف خفاياها. ويزيد كثيراً من التفاصيل التي لا يمتلكها أحد عن اولى الإشارات البريطانية التي قادها السفير البريطاني السابق في بيروت تلاها دعم أميركي قبل ان يغادرها السفير الأميركي السابق دايفيد هيل مطلع الخريف الماضي.

وهي رواية معززة بالوقائع والتفاصيل ومترابطة بما حوته من معلومات امتدت الى مرحلة تبنّي الحريري لها بعد إستشارات واسعة في الخارج. ويختمها بحسرة لأنها كادت تتحول حدثاً وامراً واقعاً كبيراً يحمل ما يكفي من المفاجآت لولا بعض عقبات ربع الساعة الأخيرة.

ولكان فرنجية – بحسب الرواية – تربع على الكرسي الشاغر في قصر بعبدا في شباط الماضي دون منازع وكانت البلاد قد انطلقت في مسيرة استعادة الحياة الطبيعية في مؤسساتها وانتظمت العلاقات في ما بينها في مرحلة هي الأخطر.

ولذلك يبدو المقربون من الوزير المشنوق يتحسرون على ما حصل وهم يعتقدون ان البلاد اليوم كانت في مرحلة تحسد عليها في ظل ما يشهده المحيط من حرائق. ولكان لبنان قطف ثمار إنجاز الإستحقاق بما لا يقاس بما تعانيه اليوم من شلل نيابي وعمل حكومي هش.

ولكان لبنان حاضراً على مساحة علاقاته الدولية في مرحلة ترسم فيها الحدود الجديدة للمنطقة وانظمتها وهو في برجه العاجي يستفيد مما تركته الحرب السورية من عائدات على دول الجوار القوية المتماسكة بإدارتها وحكوماتها من منافع.

ولما كان البلد اليوم يشتهي تقاسم كلفة النزوح السوري والحد الأدنى من الدعم لمجتمعاته المضيفة. ولكان يستعد للقيام بالمهمة الكبرى المنتظرة والمنوطة به على قاعدة تحوله القاعدة الأساسية اللوجستية والأمنية والإقتصادية والمالية والتجارية لمسيرة إعادة اعمار سوريا بعد الحرب التي تجاوزت في تقديراتها الـ 370 مليار دولار وربما تجاوزت هذه الأرقام بكثير متى انتهت هذه المأساة.

ورغم الحديث المتنامي عما يقول به الدستور من إستحالة إجراء الإنتخابات النيابية قبل الرئاسية فإن المؤشرات تدل ان النقاش سيستمر الى النهاية من دون اي افق واضح المعالم. فلا معلومات ولا إشارات الى موعد محتمل لإنتخاب الرئيس العتيد في ظل المعطيات الإقليمية التي تظلل الإستحقاق والتي تطل برأسها من طهران والضاحية الجنوبية وعواصم مختلفة تشير بالإصبع الى العقدة المستعصية.

ولذلك كان لا بد من ان ينتهي الحديث عن مراسم جنازة الجلسة الأربعين للإستحقاق الرئاسي الممتدة فصولاً ولا نهاية لها في المدى المنظور بنسختها المشار اليها من بيان عين التينة الى بيان السراي وما بينهما مسلسل المواقف المتعثرة التي تناقش في جنس الملائكة من بيت الوسط الى معراب والرابية فالضاحية الجنوبية وغيرها من المواقع.