يروى عن الخليفة عمر بن الخطّاب، انه بعد جولة له لتفقد احوال الناس، لجأ الى ظلّ نخلة يحتمي به من القيظ والتعب، فغلبه النعاس واستغرق في النوم فمرّ به اعرابي وعرفه فقال معجبا «عدلت، فأمنت، فنمت يا عمر»
يكفي الحاكم ان يكون عادلا ونظيف الكفّ، ويحاسب عندما تجب المحاسبة، ليكسب الامان ومحبة الناس، ولا يعود بحاجة الى حماية وتدابير مواكب وحراسة وازعاج وبناء جدران بينه وبين الشعب كما حصل منذ يومين في وسط بيروت عندما رفع جدار من الباطون لاغلاق المدخل المؤدي الى السراي الحكومي، ولا اعرف من هو عبقري الحماية الذي نصح بهذا الجدار، وفصل بين الحاكم ورعيته، وحسنا فعل الرئيس تمام سلام عندما امر برفع جدار العار هذا الذي اسيئ به الى سلام والى قوى الامن بإظهارها على انها عاجزة عن حماية المؤسسات الحكومية.
بالطبع كلنا يعرف ان لبنان لا يعيش الديموقراطية الصحيحة، ولا العدالة الكاملة، ولا الامن المنشود، ودرهم الوقاية في مثل هذه الايام والظروف التي نعيش افضل من قنطار علاج والوقاية المطلوبة في اوضاعنا الحالية تعزيز قوانا الامنية الشرعية من جيش وقوى امن داخلي واحترامها، وتقدير تضحياتها، ومعاقبة من يسيئ اليها بالقول والفعل وفتح جبهة حرب على الفساد والفاسدين الذين تسببوا بوضع لبنان في اسفل الدول التي يعشش فيها الفساد، ولتكن فضيحة النفايات المدخل الى بدء عملية التطهير والتصالح مع ابناء المجتمع المدني الطيبين الشرفاء، بأخذ موقف شجاع يا تمام سلام، ينسجم مع تاريخك النظيف، وكشف كل خفايا فضيحة النفايات سابقا وحاليا، ومن هو غارق فيها حتى اذنيه من السياسيين والمسؤولين والمحاسيب، والتدرج بعدها الى باقي الملفات الملوثة بالفساد، وفي مقدمها الكهرباء والماء والالتزامات واوضاع المطار والمرفأ، خصوصا ان البند 7 من المادة 64 من الدستور، تعطيك صلاحية «متابعة اعمال الادارات والمؤسسات والتنسيق بين الوزراء، واعطاء التوجيهات العامة لضمان حسن سير العمل»، ان رئيس الحكومة يملك صلاحيات كثيرة وكبيرة، مارس هذه الصلاحيات يا رعاك الله.
****
بدا واضحا من خطاب وتوجهات المسؤولين عن حملة «طلعة ريحتكم» انهم يقودون هذه الفئة النظيفة من جسم المجتمع المدني، بسبب سوء تصرفهم، وقلة خبرتهم وعدم سلامة وواقعية طروحاتهم، الى الضياع والفشل وفقد الزخم الشعبي دون ان ننسى الاشارة الى الغرور الذي ركب رؤوسهم، ومن الافضل لهم وللحملة المحقة التي قاموا بها ان يعيدوا حساباتهم جيدا ويفكروا بالاخطاء التي وقعت والتي كادت ان تتحول الى خطايا مميتة لولا تدخل الجيش في الساعات الاخيرة.
الشعب اللبناني المنهك والمتعب بأكثريته الساحقة، يريد ان يأكل العنب لا قتل الناطور…. ان كنتم تعرفون.