IMLebanon

الضاحية تودّع صانع أفراحها وانتصاراتـها

 

أمس، مضى القائد الجهادي الكبير فؤاد علي شكر، أو «السيد محسن» كما يحب أن يُنادى، إلى مثواه الأخير. «طالب العمليات الاستشهادية، ورفيق الاستشهاديين المرافق لهم في كلّ مراحل الإعداد لعملياتهم»، بحسب توصيف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، و«حامل دمه على كفه، وكفنه على كتفه»، وصل إلى النتيجة التي يريدها. في بداية عملية «طوفان الأقصى» استأذن الأمين العام للذهاب إلى الجنوب قائلاً: «معقول يا سيد سأبقى هنا، وأدير من هنا… أأموت على فراش بجلطة مثلاً». لم يؤذن له، فمات «هنا» فعلاً، ولكن قتلاً على أيدي العدو نفسه الذي أراد قتاله «هناك». هكذا، اختتم الآتي من الدورة الأولى والجيل الأول مسيرة عمرها من عمر الطلقات الأولى في مثلّث خلدة: 42 عاماً.على عكس عادته بالحضور إلى مجمع سيد الشهداء في المناسبات والتشييعات، مندسّاً بين الجموع ومتخفّفاً من الحراسة والمرافقة الأمنية، دخل الشهيد «السيد محسن» المجمع أمس محمولاً على الأكتاف، محاطاً بعسكره للمرّة الأخيرة على وقع نداءات «هيهات منّا الذلة» و«الموت لإسرائيل». من خلف نظارته، بدت عيناه، في صورته الكبيرة المثبتة تحت المنصة، تراقب من جاؤوا لوداعه الأخير، وقد «أراد لجنازته أن لا تكلف الناس جهداً أو الحزب مالاً، وهو الزاهد في الدنيا والمتخفّف من أحمالها»، يقول أحد رفاق درب الشهيد، مشيراً إلى أن «السيد محسن أراد أن تكون شهادته على هذا الشكل. أراد أنّ تظلّله راية حزب الله الذي أمضى فيه كلّ سني حياته»، مشيراً إلى أنه «أحبّ المجمع حيث يُسجى للمرة الأخيرة، وكان يهتم بكل التفاصيل فيه عند حضوره في معظم المناسبات بين الناس، ومشاركته في المسيرات العاشورائية حافي القدمين».

على طول الطريق من المجمع إلى روضة الشهيدين كانت أعداد المشيّعين تكبر

 

الضاحية، التي شهدت انطلاق الشهيد ونهايته، اتّشحت أمس بالسواد استعداداً لوداع السيد الذي تعرفه شوارعها جيداً. أُقفلت المحال باكراً، وأُخليت السيارات من خط مسيرة التشييع على طول طريق السيد هادي نصرالله التي ما ملّت من نعوش الشهداء. وعلى باب لا يزيد عرضه على أمتار قليلة احتشد المئات لتقديم واجب العزاء بالشهيد القائد صانع أفراح الضاحية وانتصاراتها. وإلى جانب أهالي الضاحية، حشدت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين أيضاً أبناءها، فحضروا مع راياتهم للتعزية بمن أفنى حياته على طريق القدس، ومعهم هتاف «ستزول إسرائيل من الوجود».

بعد انتهاء كلمة الأمين العام لحزب الله، وإقامة صلاة الميت، سار نعش «السيد محسن» محمولاً على أكتاف أهل الضاحية الذين أبوا إلا أن يأخذوا النعش من المنظّمين، وعلى طول الطريق من مجمع سيد الشهداء إلى روضة الشهيدين في الغبيري، كانت أعداد المشيّعين تكبر بانضمام المنتظرين على أطراف الطرقات، فضلاً عمن انتظروا قرب روضة الشهيدين، حيث ووري في ثرى «روضة الحوراء»، أو ما يُعرف بـ«الروضة الجديدة» إلى جانب رفاقه من الشهداء.