لأبناء بيروت مكانة خاصة في قلب ومشاعر النائب فؤاد مخزومي، الذي لطالما وضع مصلحة العاصمة نُصب عينه، وسعى لتعزيز أحوالها على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والبنيوية وغيرها، إلى جانب عمله السياسي وخدماته التي لا تُعدّ ولا تحصى لأبناء المدينة، والتي تتم بصمت وسكوت لأنه ليس من شيمه البروز واستغلال الوضع المتفاقم للبيروتي الرازح تحت عبء الحاجة والفقر والعوز. وهو رجل مستقل في هذا الوطن، فهو منذ دخوله المعترك السياسي مفطور على الموقف المستقل الجريء الذي لا يتبع أحداً. بل هو بذاته قطباً يتبعه الآخرون، ولا يمكن أن يكون إلا كذلك. والمهندس فؤاد المخزومي غنيّ عن التعريف، فهو المهندس المشهور والمالك الرئيسي للشركة القابضة فيوتشر غروب هولدنغ، ومؤسس مؤسسة مخزومي، ورئيس للجمعية الدولية لتحلية المياه، وكان رئيس مجلس إدارة شركة المستقبل لصناعة الأنابيب، وهو نائب رئيس مجلس إدارة معهد السياسات الاجتماعية والاقتصادية في الشرق الأوسط في كلية كيندي بجامعة هارفرد، ومؤسس صحيفة «الحوار»، والأمين العام والمؤسس لحزب الحوار الوطني. خدماته وتقديماته تدلّ عليه، ولا يمكن لأحد أن ينسى تصريحاته النارية ومواقفه الجريئة التي تدافع عن كرامة أهل العاصمة بيروت وحقوقهم المهدورة، فهو لم يتوانَ للحظة عن مواجهة من يهدّد مصالحها في وقت كان أغلب المسؤولين يصمّون آذانهم عن كل المشاريع التي تهدّد السلم الأهلي، وأبرزها إلغاء المناصفة في البرلمان والوزارة، واعتماد المداورة في الرئاسات الثلاث وقيادة الجيش.
سياسته تتلاقى مع تطلّعات المملكة العربية السعودية ودول الخليج لناحية إستعادة لبنان سيادته واستقلاله، وقد أنشأ بدايةً كتلة مع نائب طرابلس الوزير أشرف ريفي، ولم يكتفِ بذلك فاجتمع مع نواب السيادة والتغيير، ثم استضاف زميليه النائبين عماد الحوت ونبيل بدر في منزله، وتعاهد معهما على العمل من أجل بيروت، واللقاء أسبوعياً من أجل تحصين بيروت وقرارها والعمل على مساعدة أهلها. كما شكّل لاحقاً كتلة «تجدّد» النّيابيّة، الّتي تضمّه والنوّاب أديب عبد المسيح وأشرف ريفي وميشال معوض، للانطلاق بعمل جماعي غير طائفي لصالح لبنان، بجيش واحد ومؤسّسات أمنيّة شرعيّة تحمل السّلاح، وبمسؤولين يخضعون للمساءلة والمحاسبة. كما أنّه يسعى أيضاً لإسقاط نظام الفساد والعودة إلى الدستور كفرصة وحيدة لإعادة بناء الدّولة، ومواجهة منطق حكومات المحاصصة الطائفية الّذي نتيجته الزّبائنيّة، ويسعى كذلك لإقرار النّظام اللّامركزي الإداري لتنمية المناطق وإدارة التّعدّديّة؛ وإقرار الحكومة الإلكترونيّة أو الذكيّة الّتي تسهّل خدمات النّاس، ويسعى لانتخاب رئيس جمهورية جديد في أقرب وقت ممكن لإعادة الحياة للمؤسسات الدستورية ولإنهاء الفراغ المدمّر.
وفي وقت أقفل فيه بعض الأثرياء ورجال الأعمال جيوبهم واعتكفوا عن مساعدة الفقير، خصوصاً في ظل أسوأ أزمة معيشية يعيشها لبنان، مدّ المخزومي يد العون للبنانيين فأطعم الجائعين منهم وداوى المرضى وأسكن المشرّدين، حيث عملت مؤسسته – مؤسسة مخزومي للتخفيف من وطأة الحرمان واليتم والعوز ولإزالة آثار انفجار المرفأ ولترميم المنازل ورفع الأضرار عنها، في بربور، مروراً بالمزرعة ورأس النبع، وصولاً إلى قصقص وطريق الجديدة والمصيطبة، وفي مار مخايل والجميزة والكرنتينا وصولا إلى الأشرفية. كما أن مؤسسة مخزومي أضاءت شوارع العاصمة الرئيسية كلّها، وحلّت مشكلة نقل المياه من محطة ضبية إلى أغلبية مناطق بيروت كالمزرعة وقصقص وسليم سلام وبربور وطريق الجديدة وغيرها. وقامت أيضاً بتقديم مساعدات لأسر شهداء انفجار بيروت من فوج إطفاء بيروت، وبترميم وتقديم الزجاج في عدد من مراكز دار الأيتام الإسلامية المتضررة من انفجار بيروت، وقدّمت الوقود لعدد من دور الرعاية مثل دار العجزة الإسلامية ودار الرعاية المارونية، ودعمت الدفاع المدني، وتعاونت مع دار الفتوى اللبنانية، في الحملة الموحدة لائتلاف المؤسسات الإغاثية. وما يزال المخزومي بهباته السخيّة يرعى شؤون الكثيرين، إيماناً منه بأنّ العمل الاجتماعي والخدماتي يجب أن يكون أولوية وفي صلب العمل السياسي الإصلاحي التغييري، خلافاً لما يعتقده الآخرون. ولذلك فلا عجب أن ترى بأنّ الخدمات الصحية والاستشفائية والإنمائية المقدّمة عبر مركز مؤسسة مخزومي للرعاية الصحية الأوّلية، يستفيد منها حالياً أكثر من 4500 شخص شهرياً. وكل ذلك يُثبت قولًا وفعلًا أنّ المخزومي استطاع توفير ما عجزت عنه مؤسسات الدولة.
وإذا سُمي المخزومي رئيساً للحكومة، وسيسمّى عاجلاً أم آجلاً، فسيكون للبنان واللبنانيين رئيس حكومة يكافح بحق الفساد وقضيته الأساسية هي الإصلاح وتشكيل هيئة من قضاة نزيهين لاستعادة الأموال المنهوبة ولمكافحة المحاصصة السياسية واستكمال تطبيق اتفاق الطائف لتغيير عقلية الطبقة السياسية بالتسويات كحل للأزمات، ولإقرار قانون استقلالية السلطة القضائية وقانون نسبي حديث وغير مشوّه للانتخابات النيابية وتخفيض سن الاقتراع إلى ثماني عشرة عاماً، لإشراك الشباب والطلاب بالعمل السياسي. لا سيما أنّه حرّ وغير مرتهن الإرادة والقرار كغيره من المسؤولين، ولم يتنازل يوماً عن صلاحيات الطائفة السنية ويسلّم البلد لمن يريد تقويضها. خصوصاً أنه يؤمن بأنّ السّياسات الاقتصادية التي اتّبعت بالسابق أوصلت البلد لتهميش قطاعاته الإنتاجيّة، وخسّر الاقتصاد اللبناني قدرته التّنافسيّة، ولذلك فإنّ رؤيته للمرحلة المقبلة تتركّز على وضع برنامج اقتصادي إصلاحي متكامل وعلى تعزيز الشّفافّية والحوكمة، وإعادة رسم دور لبنان الفاعل في المنطقة.
فؤاد مخزومي تاريخ في السياسة والعمل الوطني لا يمكن أن نختصره بصفحات، وإذا عدّدنا صفاته لن نوفيه حقه. فكل إنسان وضع الله عزّ وجل فيه موهبة، والمساعدة ومدّ يد العون للآخرين كانت هبة الله للمخزومي، مع العلم بأنه من قبضايات بيروت الذين يهابهم الجميع، وعلى قدر المسؤولية التي استلمها في تمثيل الشعب اللبناني مرتين متتاليتين. وسيظل اللبنانيون عموماً والبيارتة خصوصاً يذكرون فؤاد المخزومي كلّما رأوا مواقفه الجريئة ومساعداته السخيّة، وتحسّسوا في ثناياه تلك الروح الطاهرة التي مزجت أروع مزج بين أصالة البيروتي وقدرته العصامية غير المحدودة على العطاء في كافة المجالات.